حيدر اللواتي – لوسيل
في الوقت الذي تستعد فيه جامعة أكسفورد البريطانية بالإعلان عن توصلها لتطوير لقاح لمكافحة فيروس كورونا خلال الفترة المقبلة، تأتي وسائل التواصل الاجتماعي من خلال فيديوهاتها القصيرة لتنقل لنا أفراح بعض الأمريكيين بتوصل مؤسساتها إلى تطوير لقاح لمواجهة هذا الوباء الفتاك الذي أدى إلى وفاة آلاف الأمريكيين يومياً، غير أولئك الذين يصابون بالمرض في العالم يوميا. ويُعتقد أن أمريكا تحاول من خلال إدارة الرئيس ترامب الترويج لهذه الأخبار التي تبث في إطار المنافسة للانتخابات الرئاسية المقبلة للفترة الثانية، بحيث يعلن عن طرح هذا اللقاح يوم الإثنين المقبل.
فليست جامعة أكسفورد هي الوحيدة التي تعمل في تطوير اللقاح، بل هناك مؤسسات أمريكية وصينية وروسية تعمل في نفس الاتجاه. ومنذ مدة تعلن الجامعة البريطانية عبر بياناتها بأن اللقاح القادم سيكون آمناً وأنه يمكن له تنشيط جهاز المناعة، من خلال تجاربها على أكثر من 1077 شخصا مصابا ببريطانيا، حيث تبيّن أن اللقاح أدى إلى توليد أجسام مضادة لها القدرة على مكافحة الفيروس، وأظهرت الدراسة أن 90% ممن أجريت عليهم التجارب استجابت أجهزة مناعتهم بتوليد أجسام مضادة بعد جرعة واحدة من اللقاح، مع وجود بعض الإخفاقات لدى بعض المصابين، الأمر الذي يدفع الجامعة إلى إجراء المزيد من التجارب للتأكد من صلاحية اللقاح للجميع ضد هذا الوباء.
وهذا ليس بمستبعد من قبل جهة علمية مرموقة. فالنتائج التي توصل إليها علماء الجامعة واعدة حتى الآن وفقا لبياناتها، إلا أن الهدف الأساسي من هذا اللقاح هو أن يكون ضامنا في حال استخدامه من قبل الناس، فيما تستمر الجامعة في إجراء تجاربها على فئات أخرى من الناس، وأن النتائج الأخيرة لأبحاثها تؤكد الجانب الإيجابي لهذا اللقاح. ومن هذا المنطلق تجري الجامعة تجارب عدة في كل من أمريكا وجنوب أفريقيا والبرازيل باعتبارها من الدول التي تتزايد فيها أعداد المصابين والموتى من كورونا. ورئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون من جانبه أعرب عن تفاؤله في هذا اللقاح بأن الشعب البريطاني سوف يحصل عليه بنهاية العام الحالي.
كما أنه ليس من المستغرب اليوم بأن يدخل موضوع اللقاح في المشاريع السياسية والدعاية الانتخابية الأمريكية لترامب نتيجة لتراجع شعبيته بسبب هذا الوباء وقراراته بعدم السماح للحظر المنزلي، الأمر الذي أدى إلى تزايد أعداد الموتى والمصابين، غير مكترث بأخذ نصائح الخبراء والمسؤولين في المؤسسات الصحية الأمريكية عند بدء الأزمة وبضرورة استخدام الكمامات والأخذ بالاحترازات الوقائية في تلك الفترة. اليوم فإن جميع الدول تنتظر الحصول على هذا اللقاح وبملايين من الوحدات لمساعدة شعوبها في مواجهة نتائج هذا الوباء. ولكن السؤال المطروح يتعلق حول مدى قدرة الدول الصانعة في تلبية حاجة الدول الفقيرة في حصولها على هذا اللقاح بكميات كافية.
لقد بدأت الدول الأوروبية من الآن في تقديم طلباتها للشركات البريطانية في الحصول على هذا اللقاح، فيما تعمل الجامعات والمؤسسات المماثلة في أمريكا في نفس الإطار لتسبق الدول الأخرى في تصنيع هذا اللقاح لإنقاذ ملايين البشر المصابين بفيروس كورونا منذ بداية العام الحالي وحتى اليوم. فهل سيحصل العالم أجمعه على هذا اللقاح قبل الانتهاء من العام الحالي أم تستمر العملية إلى العام المقبل؟؟