Image Not Found

الجائحة والجياع في العالم

حيدر اللواتي – لوسيل

تؤثر جائحة كورونا على تحقيق أهداف التنمية المستدامة الـ 17 التي أقرها رؤساء حكومات العالم بالأمم المتحدة عام 2015. ومن الصعوبة اليوم تحقيق تلك الأهداف مع نهاية عام 2030 بسبب الوباء المستشري في 196 دولة في العالم. فتقرير الأمم المتحدة لعام 2020 يشير بأن كوفيد 19 يؤثر سلبًا على تحقيق البنود الواردة في الوثيقة، خاصة تلك المتعلقة بالقضاء على الفقر والجوع وضمان الصحة والرفاهية وتوفير العمل اللائق والنمو الاقتصادي المستدام.

وقد أفرد التقرير فصلاً خاصاً عن تأثير الجائحة على الجياع في العالم نتيجة لانضمام عشرات الملايين من الأشخاص إلى صفوف ممن يعانون من الجوع وسوء التغذية. وأرقام المنظمة تشير إلى أنّ ما يقارب 690 مليون شخص عانوا من الجوع في عام 2019، أي بزيادة قدرها 10 ملايين نسمة مقارنة بعام 2018، في الوقت الذي يتوقع فيه أن ينضم نحو 60 مليون نسمة خلال السنوات الخمس المقبلة. فيما نرى أن الوباء الحالي يضيف مزيداً من الأشخاص إلى القائمة وخاصة من الجياع نتيجة لعدم قدرتهم في الحصول على الغذاء الكافي والمغذي.

فما ورد في التقرير يؤكد بأن معظم دول العالم لا تزال تعاني من الجوع الذي يرسّخ بشكل أكبر ومتزايد بين الفقراء حاليا. وهذا ما صرح به الأمين العام للمتحدة أنطونيوغوتيريس، مؤكدا أن التقرير يرسل إشارة ذات بعد واقعي، مفادها أن على الدول ضرورة التواصل لمواجهة سوء الجوع وقضايا التغذية بجميع أشكالها، بجانب مكافحة جميع أنواع الفقر. فأمور الحياة أصبحت اليوم أكثر تعقيدا نتيجة لاستمرار وارتفاع إصابات ووفيات الوباء، وأنه من غير المستبعد بأن ينزلق مزيد من الناس في براثن الفقر والجوع خلال الفترة القادمة لحين الحصول على اللقاحات اللازمة لإنقاذ البشرية من الفيروس.

فخلال القرون الماضية عانت الكثير من الدول من مشاكل الجوع والمجاعة، ولقي الملايين حتفهم نتيجة لذلك، إلا أن التقنيات الحديثة غيرت من المسار خلال العقود الخمسة الماضية، الأمر الذي أدى إلى توسعة الرقعة الزراعية والحيوانية لدى الدول. ورغم ذلك فإن الإحصاءات الأممية تشير إلى أن العدد من الجياع ليس بقليل، ويتواجد معظمهم بقارة آسيا وبواقع 381 مليون شخص، تليها أفريقيا بعدد 250 مليون شخص، ثم دول أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي بنحو 48 مليون شخص، فيما من المتوقع أن تضيف الجائحة حوالي 130 مليون شخص في جميع أنحاء العالم إلى دائرة الجوع بحلول نهاية هذا العام. وبالتالي فإن هذه الأعداد سوف تؤثر على الالتزام العالمي بوضع حدّ للجوع وسوء التغذية التي تعاني منها البشرية، الأمر الذي سوف يؤثر بالتالي على تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030.

إن الجائحة تفاقم اليوم من قضايا الجوع والنظم الغذائية، وتؤثر على إنتاج الأغذية وكيفية توصيلها وتوزيعها واستهلاكها، نتيجة لتوقف الأعمال التجارية وحركة وسائل النقل، خاصة الطائرات، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع تكلفة الأغذية المغذية، وخاصة للأسر الفقيرة التي لا تتمكن من توفير كلفة الغذاء الصحي المدون بنحو 1.9 دولار لليوم كخط الفقر الدولي. وهذا ما يدفع المنظمة الدولية إلى مطالبة دول العالم بضرورة جعل النظم الغذائية أكثر استدامة ومرونة وشمولا ليحصل الناس عليها دون معاناة.