حيدر اللواتي – لوسيل
تتعدد الدروس التي تقدمها الجائحة (كوفيد- 19) للعالم في الكثير من المجالات، وسوف تترجم إلى اختيارات جديدة للناس مستقبلا، ووفق رغباتهم بعد أن يتم القضاء على الفيروس عبر اللقاحات التي ستقدمها الحكومات لشعوبها. ولكن لا يعرف أحد متى تنتهي هذه الجائحة، ويستطيع الناس التنقل وممارسة الحياة المعتادة. فالكثير منهم يحنّون إلى ممارسة تلك الحياة التي كانت سائدة قبل انتشار جائحة كورونا في العالم. إنهم يحنّون للجلوس في المقاهي والمطاعم والشواطئ والأماكن العامة والسفر دون أن يرتدوا الأقنعة والقفازات ويستخدموا المعقمات.
فالوباء يأتي كل يوم بأمر جديد، وعدد المصابين في ارتفاع، وحالات الوفيات في تصاعد، فيما فقد الكثير منهم أعمالهم الوظيفية، وخسروا تجارتهم نتيجة لاستمرار هذه الجائحة. ومن لديه ادخارات معينة يعمل على الاحتفاظ بها والاستهلاك بطريقة محددة. ومن هذا المنطلق بدأت بعض المؤسسات بإجراء الدراسات لمعرفة توجهات الناس في هذه الجائحة من حيث الإنفاق اليومي. فالبيانات الحديثة الصادرة عن شركة إرنست ويونغ حول مستقبل الاستهلاك لدى الناس في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تشير إلى أن 33% من المستهلكين يخططون للحد من الإنفاق اليومي وخفض الميزانيات الشهرية لهم من خلال تغيير أسلوب الشراء والتسوق نتيجة لاستمرار الجائحة، مع حصول تشاؤم وقلق لديهم حيال المستقبل. ولكن ما زال البعض لهم نظرة تفاؤلية في هذه الجائحة حيث يتوقع 23% من المستهلكين عودة الحياة إلى طبيعتها وفق الاستطلاع. وهؤلاء المستهلكون يمثلون فئة الشباب الذين يعملون ويتوقعون تحسّن أوضاعهم المالية خلال العام المقبل 2021، الأمر الذي سوف يهيئ لهم الوضع الجديد لتحقيق رغباتهم والقيام بذلك، مع تفاؤلهم حاليا بأنهم قادرون على إجراء عمليات التسوق بصورة أكبر من خلال التبضع الإلكتروني والحصول على المنتجات التي يبحثون عنها، حتى وإن كانت أسعارها عالية.
كل أسرة تحسّ اليوم بأنه من الضرورة الاستمرار في عملية الادخار وخفض المصروفات. فنسبة 21% من المستهلكين يتوقع منهم مواصلة خفض ميزانياتهم والتركيز على الاستفادة من أفضل الأسعار وفق بيانات الاستطلاع الأخير، في حين تعمل نسبة أخرى بأخذ الحذر في عملية الإنفاق والاستهلاك وبنسبة بلغت 14%، على أن يتم الصرف على منتجات محددة تحتاج إليها العائلات، فيما يرى 8% من المستهلكين حتى اليوم بأن حجم إنفاقهم على المستلزمات اليومية لم يتأثر فعلياً بتداعيات الجائحة. وهؤلاء يحتاجون إلى صدمة لتغيير مفهومهم تجاه الجائحة والسلبيات الناجمة عن استمرار الوباء.
اليوم فإن جميع المستهلكين حريصون على معرفة ومتابعة القضايا المالية لأسرهم، بحيث لا يحتاجون إلى مساعدة الآخرين في أوقات المحن والشدة. فهناك اليوم القلق والتفكير من الوباء سواء لدى أرباب الأسر أو الموظفين أو رجال الأعمال، الأمر الذي يدفعهم بضرورة التوفير والحد من الاستهلاك بقدر الإمكان. فالمستهلك أصبح اليوم حذراً بعدم الجري وراء كل أمر وإعلان تسويقي يرد إليه في جهازه المتنقل، حتى وإن كانت الأسعار معروضة بخفض ما بين 30 إلى 50% من القيمة، والتي كانت متداولة قبل جائحة كورونا. وهذا السلوك سوف يستمر عند المستهلكين خلال الفترة المقبلة لحين عودة الحياة إلى سابق عهدها، ولكن ستبقى الآثار الإيجابية للادخار والحد من الاستهلاك تصاحب الناس في حياتهم مستقبلاً.