د علي محمد سلطان
كنت أتابع أخبارها ليلاً نهاراً.
شعرت مع آخر خبر عنها كأنها تريد أن تودعنا وداعاً أبدياً عن هذه الفانية إلى جنان الله الخالدة.
عرفتها عن قرب كما وقد عرفتها من ريش قلمها الذي انسكب من المحبرة فغدا كل حرف من ومضاتها نورا وضاءً.
ففي رمضان نور وحضور قالت ما لم يقله الخطباء وهم قد برعوا في التحلق في أجواء الرحمة والمغفرة.
وفي ليلة الإسراء سأحيا سجودا جعلتني أسجد لله وكأنني بين يدي خالقي وكتابي بين يدي منشورا.
وفي قام حوار ثار جدال أخذتني في أجواء فضل الله الذي دعى للحوار مذ أن تفتحت آفاقنا على احترام الإنسان وفي أجواء الحقيقة بنت الحوار ولا مقدسات في الحوار.
وفي إيقاع الصمت كانت كلماتها الناطقة عبر الحروف وكأنها صامتة صمت الجدار وكأنني بها وهي تدعو إلى ملازمة الصمت في كثير من وجوه الحياة التي لاتستدعي التنابز والتأفف والتذمر والقدح والنيل من الناس عبر النميمة والبهتان والإغتياب والإفك والتهمة والفحش من القول والسباب.
وفي يوم عاشوراء عاشت الحسين في مواقفه وعظمته وإبائه وتضحياته فقد أخذتنا إلى حيث دمه وإبائه وكأننا في عرصات كربلاء نشاهد مواقف الطف والحسين عليه السلام رافع كفه إلى السماء وهي تتقاطر من دماء شيبته المخضبة ويقول هكذا ألقى الله وأنا مخضب بدمي.
وفي الروح المعنى والمغزى قد إخترقت السماء مرات ومرات بكلماتها التي تفاعلت مع الحالة الوجدانية اللاشعورية فأخذتنا على حين غفلة إلى رحاب الله التي تمتلئ بالرحمة والفيوض الربانية ومعها فقد سرحنا في أجواء الملائكة المحدقين بعرش الله وهم يستمطرون الرحمات الإلهية لعباده على وجه البسيطة.
وفي ما أسعدك ياكروان عادت أم ماجد إلى ذات الأجواء وذات النغمة المتفاعلة مع الحالة الوجدانية فقالت مرآك ياكاشف بصيرتي تسليم للخالق المنان فإنها وهي تخاطب الكروان بهذه اللغة المفعمة بالأمل أرادت أن تقول بأن الإستسلام للخالق هو سر وجود الكون ومع هذا الإستسلام يعيش المرأ حرا كما أن هذا الكروان يعيش أسعد لحظاته وهو طليق حر.
اليوم ومع ساعات الليل لفظت أم ماجد آخر أنفاس حياتها مقبلة على رب غفور رحيم واستسلمت للباري كما يستسلم الكروان في ( مقالها).
تغمدها الباري بواسع رحمته وحشرها مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.