حيدر اللواتي – لوسيل
يتهيأ العالم بإعادة فتح جزئي لقطاع السفر والسياحة خلال الأسابيع المقبلة بعد أن تكبّد هذا القطاع خسائر مالية كبيرة نتيجة لاستمرار جائحة كورونا التي أدت اليوم إلى إصابة أكثر من 5 ملايين شخص في العالم، بجانب تسجيل وفيات لأكثر من 320 ألف شخص من بينهم الكادر الطبي الذي وقف في الصفوف الأولى لمواجهة فيروس كوفيد 19. فقد تكبدت السياحة العالمية نتيجة لذلك أسوأ خسارة لها منذ سنة 1950، وفق تقديرات منظمة السياحة العالمية حيث تراجعت رحلات السيّاح بنسب تصل ما بين 60% إلى 80% مقارنة بالسنوات الماضية.
كما أدى الوباء الحالي إلى فقدان ملايين الأشخاص العاملين في قطاع السفر والسياحة والفندقة والضيافة والخدمات لأعمالهم، فيما بلغت خسائر هذا القطاع لوحده حوالي تريليون دولار، الأمر الذي يعطي الانطباع عن تفاقم الأزمة المالية للقطاع نتيجة لتوقف الطائرات والمطارات والخدمات الأخرى. واليوم نرى أن أكبر شركة استئجار السيارات في المطارات الدولية تعلن عن إفلاسها، ناهيك عن شركات الطيران الأخرى التي أعلنت الإفلاس وتلك التي تقف في الطابور لهذا الغرض. ويعتقد الخبراء بأنه من غير المحتمل أن تعود هذه الصناعة إلى سابق عهدها إلا بعد مرور ثلاث سنوات على الأقل، بسبب الخوف والهلع الذي بدأ يصيب الناس من التحرك في الطائرات والقطارات ووسائل النقل، ومعاناتهم من المرض النفسي الذي بدأ يشعر به البعض نتيجة الالتزام بتغطية الوجه بالكمام واليدين بالقفازات، وأخذ المعقمات اللازمة لمواجهة هذا التحدي الجديد في الحياة. وهذا يعني بأن الموضوع يحتاج إلى فترة لإعادة صناعة السفر الدولية إلى وضعها الطبيعي لتتمكن من استعادة توازنها من جائحة فيروس كورونا.
وبالتالي فإن قيود الإجراءات والتعليمات على قطاعي السفر والسياحة ستلازم الجميع وفق بيانات اتحاد النقل الجوي الدولي (IATA)، الأمر الذي يتطلب اليوم إعداد تصاميم جديدة لوسائل النقل وخاصة في الطائرات نتيجة لمكوث الأشخاص ساعات طويلة في منطقة محصورة للمشي والترفيه. وهذا يعني بأن حركة السفر العالمية ستعود إلى العمل بصورة منتظمة بعد عدة سنوات على أقل تقدير، فيما يرى الاتحاد بأن الطلب على قطاع السفر الدولي خلال العام المقبل سيكون أقل عن مستويات العام الماضي، في الوقت الذي تتهيأ كل دولة بوضع إجراءاتها المحلية لتحقيق مزيد من السلامة للركاب المغادرين والقادمين عبر المطارات الدولية.
الوباء ما زال يهدد عطلة الكثيرين من السياح في العالم حتى اليوم، فيما يشعر المسثتمرون والعاملون في هذا القطاع بالمرارة نتيجة للخسائر المادية التي تلحق بهم، وفقدانهم لبعض الكوادر التي بدأت تتجه للعمل في القطاعات الأخرى بسبب حاجتها للمال من أجل المعيشة. وحتى في حالة انفتاح القطاع السياحي والسفر فإن المتعة والترفيه خلال الرحلات لن تكون بنفس الدرجة التي اعتاد عليها الناس في السنوات الماضية قبل حدوث أزمة كورونا، خاصة فيما يتعلق بسفر الأطفال وكبار السن والمرضى. وعلى السائح ألا يستغرب من إجراءات معينة لحماية السكان المحليين في تلك الدول.
إن بعض الدول يشكّل فيها قطاع السياحة مصدراً مهماً للدخل يعادل نصف الناتج المحلي لها، الأمر الذي يدفع تلك الدول باتخاذ القرارات لإعادة الأمل إلى هذا القطاع قريبا.