عُمان
كانت نبرة صوته حزينة قال : ” فقدت والدي .. ولا اعتراض على إرادة الله لكن سأروي الحكاية لكي يستفيد الناس من الأحداث التي حصلت لي ..” .
بدأت القصة قبل ساعات من تطبيق قرار اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع انتشار جائحة كورونا 19 بإغلاق جميع المحال التجارية . تهافت علينا في محلنا المختص ببيع الأقمشة بسوق مطرح – في ذلك اليوم- الكثير من الزبائن وقبلها أيضا بيومين أو ثلاثة كانت حركة الزبائن كبيرة ، وكنت أتنقل بين الزبائن أخرج لتسليم بعض الطلبات الخارجية ، وأستلم المبالغ . المحل قريب جدا من المنزل ، لم أتحرك لنواح بعيدة في تلك الفترة ، ولم يخطر على بال أحد أنه ربما انتقلت لي العدوى من تلك المبالغ التي أحملها في جيبي ، أو من احتكاكي المباشر بالناس مع اكتظاظ المكان ! في اليوم التالي بدأت أشعر بأعراض حمى وإرهاق ، وبالرغم من كل التحذيرات اكتفيت بالذهاب للصيدلية ووصف لي الصيدلاني مسكنا ومضادا حيويا ، استمرت الحمى لثلاثة أيام ، بعدها أخذني والدي إلى عيادة ، ووصف لي الطبيب مجددا مضادا حيويا وأعطاني إبرة مسكنة ، لم يطلب مني أن أخضع لأي فحص ، ولم يساوره شك أني قد أكون حاملا للفيروس!! وأنا أمشي برفقة والدي وأتنقل بين أفراد أسرتي ، حتى لم ينصحني بالذهاب لأقرب مؤسسة صحية لأخذ عينة ، أو أن أبتعد عن أسرتي كإجراء احترازي .
في اليوم الرابع ومع استمرار الحمى ، ذهبت للمركز الصحي القريب من المنزل وتم أخذ عينة ، المفاجأة الصادمة وبعد يومين عرفت أن النتيجة إيجابية وطلب مني المكوث في المستشفى ، وأول ما كنت أفكر به ، والدي وزوجتي وابنتي الصغيرة ، فورا تم أخذ عينة من والدي وزوجتي والتي أظهرت للأسف أن جميع النتائج كانت إيجابية قلت في نفسي يا لسرعة انتشار هذا المرض ! والدتي وزوجتي خضعا للعزل المنزلي ، أما الأمر المؤسف أن والدي اشتد عليه المرض فهو يعاني من السكري وضغط الدم ، وبينما كنت أستعد للخروج من المستشفى وبدأت حالتي تتحسن ، كان قد بدأ فصل جديد في حياة والدي عنوانه المعاناة والتعب ٠
فحوصات الأشعة والدم لم تكن مطمئنة لذا تم نقله للمستشفى السلطاني قسم العناية المركزة ، ووضع على جهاز التنفس الصناعي ، لمدة خمسة أيام وخضع لغسيل الكلى ، وكنا في وضع قلق بالمنزل نترقب اتصالات المستشفى لعدم تمكننا من زيارته ، بعدها استقرت حالته ليومين أو ثلاثة أيام فاستبشرنا خيرا ، في اليوم التاسع تلقينا اتصالا بأن حالته رجعت للتدهور من جديد وهناك مشاكل في التنفس وانه دخل في غيبوبة ، هنا لا يمكن أن أصف الوضع كيف كان بالنسبة لي ولوالدتي خاصة ، أقصى درجات الحيرة والقلق والخوف ، بعدها ولمدة يومين لم نتلق أية اتصالات من الأطباء ، ومن ثم تلقينا الاتصال الأخير من المستشفى، ولم ينطبق عليه مقوله ” بأنه ختامه مسك “، لأنه الاتصال الأخير الذي كان الأكثر مرارة وقسوة علينا، رحل والدي ، قضى عليه الفيروس ، قاوم وقاوم لكنه تغلب عليه لم يتمكن من المقاومة أكثر .
ألف حيرة ألف سؤال قفز برأسي ندم وحزن شديدان ، أنا من نقلت لوالدي المرض وأنا لا أدري .. ونجوت أما هو كان الأمر أكبر من أن يتحمله . يقول كومار : نحن بالتأكيد لا نعترض على إرادة الله لكن الخلل الذي شعرت به بعد تحليلي للموقف أنه لم يكن علي التوجه للصيدلية ، ولا للعيادة ، وكان يجب أن أقوم بعزل نفسي تلقائيا في الغرفة فور شعوري بأعراض الحمى ، وحتى قبل إجراء الفحص ، كان بالإمكان تجنب بعض الأمور التي كانت ستجنبنا النهاية المأساوية .
يقول كومار : أنا اليوم أنصح أفراد عائلتي وأصدقائي وكل المحيطين بي بعدم التهاون أبدا في هذا الأمر ، واتباع التعليمات الاحترازية ، والحفاظ الدائم على نظافة اليدين من أجل سلامتهم. كومار بانتظار موعده حتى يقوم بالتبرع بدمه حتى يستفاد منه في علاج البلازما المناعية ولكي يساهم ولو بالقليل بمساعدة المصابين بالفيروس ولسان حاله ليت كل تلك الأحداث لم تكن ، إذا تصرفنا بصورة أكثر وعيا .. كورنا كوفيد قلب حياتنا رأسا على عقب ، أثر فينا كثيرا أتعبنا ونحن نترقب أرقامه يوما بعد يوم ، وبسببه فقد البعض أحبابه ، على أمل أن تنتهي هذه الحكايات الحزينة وتعود الحياة إلى ما كانت عليه إما بالعلاج أو التعايش المدروس ، وبتكاتفنا حاليا باتباع كل ما يُطلب منا لسلامتنا نتباعد اليوم ، لنجتمع غدا.