استطلاع – أمل رجب: عُمان
التركيز على الابتكار والتدريب والتأهيل لتسريع إحلال المواطنين
خبراء: الاستعداد لما بعد كورونا يتطلب تقييم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والصحية
آليات وبرامج الخطة العاشرة لابد أن تتكيف مع التقلبات التي يشهدها العالم
رضا آل صالح: السلطنة لديها إمكانيات التحول إلى مصدر للصناعات الغذائية والطبية
مصطفى سلمان: الكيانات الاستثمارية الجديدة تزيد حصيلة الضرائب وترفد العائدات العامة
سالم الشيدي: تهيئة بيئة الأعمال يتيح إمكانيات النمو والانطلاق للقطاع الخاص
مرتضى الجملاني: من الوارد التعرض لأزمات .. ومرونة السياسات الاقتصادية تمكن من مواجهة التبعات
من المتوقع انتهاء الوثيقة الأولية لخطة التنمية العاشرة خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وتتبنى الخطة 12 أولوية تغطي المحاور الأربعة للرؤية المستقبلية عمان 2040، ووفق ما أعلنه المجلس الأعلى للتخطيط فإن قطاعات التعليم والبحث العلمي والقدرات الوطنية وسوق العمل والرعاية الاجتماعية تتصدر أولويات الخطة التي يمتد تنفيذها من 2021-2025 ، كما يعتبر القطاع الخاص والاستثمار والتعاون الدولي أحد الأولويات المهمة في الخطة التنفيذية الأولى للرؤية المستقبلية، وفي هذا الاستطلاع الذي اجرته “عمان” أبدى عدد من الخبراء وأصحاب الأعمال ترحيبهم بما تتضمنه الخطة من أولويات مؤكدين على ضرورة تبني آليات وبرامج وسياسات محددة ومبتكرة لتحقيق أهداف الخطة التي تتزامن مع أكبر تقلبات اقتصادية يشهدها العالم وهو ما يتطلب الاستعداد لما بعد كورونا من خلال تقييم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والصحية والتركيز على الابتكار والتدريب والتأهيل لتسريع إحلال المواطنين.
وأشار المهندس رضا بن جمعة آل صالح عضو مجلس ادارة غرفة تجارة وصناعة عمان، رئيس لجنة القطاع الصحي، إلى أن ما يشهده العالم من أوضاع صحية واقتصادية متقلبة جراء ما فرضه الانتشار السريع لفيروس كورونا يجعلنا أمام مرحلة جديدة ربما سنشهد بعدها تغيرا كبيرا في مختلف نواحي الحياة، وهو ما يفرض علينا حاليا تقييم الأوضاع الحالية في كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والصحية وغيرها وكيف كانت وكيف ستؤول.
وأوضح ان النمو الاقتصادي سواء في السلطنة أو غيرها من دول العالم شهد انكماشا ملحوظا في كل القطاعات، وهذا يفرض اولويات للسياسات التي تستهدف تعزيز النمو، ومنها دعم القطاع الخاص عامة والتركيز على دعم مشاريع البحوث والابتكارات ذات القيمة المضافة والتي سيكون لها الدور الكبير في إحداث نقلة في أداء ودور مؤسسات القطاع الخاص الصغيرة والمتوسطة، وينبغي أن تكون ريادة الأعمال أحد الاولويات ونعطيها جل الاهتمام فهي من اهم المكونات في صنع الحاضر والمستقبل، كما ان هناك ضرورة للاهتمام بالصناعات الغذائية والطبية المحلية وتقديم الدعم الاكبر لهما وتحويلهما إلى خط الامداد الأول في دعم السوق المحلي بالاحتياجات المطلوبة وتوفير الاكتفاء الذاتي خاصة في وقت الازمات والكوارث كما سيساهم هذا الدعم في تحويل السلطنة إلى دولة مصدرة لمثل هذه الصناعات اذا ما توفرت لها البيئة المناسبة حيث ان لدينا كل الامكانيات والسبل التي تؤهلنا للوصول لهذه النقطة.
وأضاف المهندس رضا أن تطوير الانظمة الالكترونية وتطوير البيئة التشريعية للتجارة الالكترونية هي التوجه الجديد عالميا والذي بات ينافس التجارة بشكلها التقليدي، حيث ان العالم يتجه وبشكل متزايد الى التسوق والشراء عبر المواقع والتطبيقات الالكترونية المتاحة وفي كل القطاعات.
ومن جانب آخر، أكد المهندس رضا على أهمية التركيز على خطط التنويع الاقتصادي وتنمية القطاعات الاقتصادية غير النفطية والتركيز كذلك على القطاعات الخمسة التي تمثل ركيزة للتنويع الاقتصادي وهي اللوجستيات والسياحة والثروة السمكية والتعدين والصناعات التحويلية، وتشجيع الاستثمارات الاجنبية الحقيقية ذات القيمة المضافة والتي تتناسب مع المرحلة القادمة والتي لا تقل رؤوس أموالها عن مليون ريال عماني حتى لا تكون هناك منافسة غير عادلة مع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وكذلك حتى يكون لهذه الاستثمارات مردود اقتصادي واضح ينعكس في توظيف واستقطاب الكوادر البشرية الوطنية، كما ان التركيز على التدريب والتأهيل الفني والمهني للكوادر البشرية يساهم في تسريع احلال الكوادر الوطنية المؤهلة في وظائف مهنية يشغلها وافدون حاليا .
وأضاف: ندرك أن الوضع يتطلب التعاون من الجميع وتكاتف الجهود ولهذا ندعو الحكومة إلى تشجيع القطاع الخاص وخاصة في المشاريع التي تخدم القطاعات المستهدفة حتى نقلل من اعتمادنا على القطاع النفطي، الذي بلغت نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي حوالى 41 بالمائة في عام 2019 ،الى ما لا يتجاوز 30 بالمائة في المرحلة القادمة خاصة في ظل تدني اسعار النفط العالمية، وربما احد الوسائل التي يمكنها تشجيع القطاع الخاص هي تبنى سياسات مالية تواكب ما نشهده من تبعات سلبية بسبب فيروس كورونا المستجد، مثل تقليص ضريبة الدخل و الرسوم المباشرة وغير مباشرة على الشركات وخلق بيئة الاعمال المناسبة لنمو القطاع الخاص وان يكون ذلك من ضمن أولويات الخطة التنموية العاشرة حتى نتمكن من الوصول الى هدف اقتصاد متنوع ومصادر متعددة للعائدات العامة.
وقال مصطفى بن أحمد سلمان الرئيس التنفيذي للشركة المتحدة للأوراق المالية أن هناك اهمية مطلقة لتحفيز نمو القطاع الخاص بما يمكنه من قيادة النمو الاقتصادي، وانتقال الشراكة بين القطاعين العام والخاص من نطاق المفاهيم العامة الى سياسات محددة تضمن أقصى فعالية لهذه الشراكة بحيث تقوم الحكومة بدورها في تسهيل الاجراءات وتحسين بيئة الاعمال ويتولى القطاع الخاص جانب الاستثمار. واضاف ان هناك بوادر مشجعة لتبنى مثل هذا النموذج في الشراكة منها التعميم الذي صدر مؤخرا عن وزارة المالية ووجه الشركات الحكومية بعدم تأسيس شركات جديدة تمثل منافسة للقطاع الخاص، ونتمنى ان يستمر هذا التوجه لان مثل هذه المنافسة لها تأثيرات سلبية على القطاع الخاص الذي تعتمد عليه خطط التنمية في تعزيز النمو الاقتصادي وتوليد الوظائف الجديد. موضحا أن هناك فوائد اقتصادية عديدة لقيام القطاع الخاص بتنفيذ المشروعات الاستثمارية من اهمها ان الكلفة تكون اقل والتشغيل يتم على اسس اكثر تنافسية كما ستتواجد كيانات استثمارية جديدة تدفع ضرائب وترفد العائدات العامة بمصادر دخل غير نفطية، وربما يكون هذا من أهم الأولويات التي ينبغي الوصول اليها حاليا في ظل ما نشهده من تراجع حاد في أسعار النفط العالمية.
واشار مرتضى بن محمد الجملاني رئيس لجنة المال والتأمين بغرفة تجارة وصناعة عمان إلى أن الازمات لا تقتصر على كورونا فقط بل من الوارد دائما ان تتعرض الدول أو منطقة معينة من العالم لكوارث اقتصادية أو طبيعية أو أخطاء البشرية وقد تمتد الأزمات لتشمل العالم كله كما حدث و يحدث في بعض الازمات المالية بسبب أو آخر وكما نشهد في حالة الجائحة الحالية وهبوط مستوى أسعار النفط. وأضاف انه بينما لا يمكن تجنب عديد من الأزمات فإن ما يتحلى به اقتصاد أي دولة من وجود نظام المالي والاقتصادي مرن و مرونة وقدرة على النمو ومواكبة المتغيرات هو ما يتيح مواجهة التبعات انطلاقا من أرضية صلبة للنمو الاقتصادي، وفيما يتعلق بالسلطنة فهي تكاد تنهي حاليا خطتها الخمسية التاسعة وتستعد لبدء تنفيذ الخطة الخمسية العاشرة في بداية العام المقبل، وأحد الاولويات التي ينبغي أن تتضمنها آليات تنفيذ الخطة العاشرة هي تفعيل واستغلال امكانيات كافة القطاعات الاقتصادية، وتعزيز نموها بما يمثل روافد قوية في العوائد غير النفطية و تدفق العملة الأجنبية بما يساعد في نمو الناتج المحلي، وأضاف:” من رؤيتنا كخبراء في قطاع التأمين واعادة التامين فإن هذا القطاع على سبيل المثال يمكنه لعب دور اقتصادي و ودور مالي نقدي (التدفق المالي الوارد) أكبر بكثير مما يقوم به حاليا، سواء من حيث المساهمة الاقتصادية المباشرة أو من حيث المخاطر التي من الممكن أن تغطيها كلا من شركات التأمين وإعادة التأمين وهذا الدور يعزز الاقتصاد الوطني”.
وأضاف انه اذا تابعنا ما يحدث حاليا من تبعات في مختلف انحاء العالم بسبب أزمة تفشي فيروس كورونا المستجد من تعطيل للأعمال وانخفاض للموارد المالية نجد ان صناعة التأمين القوية يمكن أن توفر التغطية التأمينية المناسبة الكفيلة بمواجهة بعض تبعات الازمة عبر منتجات تأمين مناسبة سواء تختص بتحمل المخاطر التي قد تتعرض لها مؤسسات حكومية أو القطاع الخاص مثل منتجات تأمين للقطاع الزراعي او للمدارس تشمل الرسوم الدراسية ورواتب العاملين، وتأمين على المصانع، وتأمين على العمالة، وبينما يتم حاليا العمل على تطبيق التأمين الصحي الالزامي على العاملين بالقطاع الخاص فإن التشريعات المنظمة تحتاج الى مراجعة فيما يخص نطاق التغطية وهل سيشمل الأوبئة على سبيل المثال، وبناء على هذا الدور الأكبر المتاح ان يقوم به قطاع التامين فإن من أولويات الخطة العاشرة تحقيق أفضل استغلال لكافة القطاعات الاقتصادية، والسياسة المالية ينبغي ان تمتد لوضع رؤية شاملة للقطاع المالي بما يتيح استغلال الصناديق والكيانات المالية وتوجيهها بما يحقق أكبر فائدة للاقتصاد الوطني، وزيادة قوة بعض مؤسسات التمويل التابعة للدولة وتأسيس كيانات كبيرة فعلى سبيل المثال يمكن دمج بنك التنمية العماني وصندوق الرفد وغيرها من الكيانات المعنية بدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لتسهيل توفير التمويل المشاريع ومتابعة أداء تلك المؤسسات .وتشجيع القطاع الخاص في الاستثمار قطاع المال والتأمين و تأسيس كيانات التأمينية كبيرة من خلال اندماج واستحواذ وهناك عديد من المقترحات منها، إجراء مراجعة للقوانين الخاصة بالمصارف وشركات التأمين وإعادة تفعيل بعض المواد في قانون التأمين لزيادة عوائد المالية الغير النفطية وزيادة مساهمة قطاع المال والتأمين في الناتج المحلي، وفي هذا السياق يمكن على سبيل المثال مشاركة الحكومة بنسبة ٢٠ بالمائة في رأس مال شركة إعادة التأمين يمكنها الدعم والمساندة لشركات التأمين وتوفير الحماية لمختلف القطاعات الاقتصادية من المخاطر الطبيعية أو الاخطاء البشرية وتنويع المخاطر، كما ينبغي الإسراع في تنفيذ الرؤية السامية بإعادة هيكلة الجهاز الاداري للدولة بحيث يتم إدارته بحكمة الكبار وحيوية الشباب.
ومن جانبه يتفق سالم بن طالب الشيدي، صاحب أعمال والرئيس التنفيذي الاسبق لجمعية المقاولين العمانية، على ضرورة تهيئة بيئة الأعمال بما يتيح امكانيات النمو والانطلاق للقطاع الخاص، فالتركيز خلال الفترة الحالية والمقبلة ينبغي ان ينصب على الانتقال من نظام يعتمد على الانفاق الحكومي الى نظام يعتمد على استثمارات القطاع الخاص وتنفيذه لمشروعات تخدم التنمية وتعزز نمو الناتج المحلي، مشيرا إلى ان التوجه نحو حوكمة الشركات الحكومية يساهم ايضا في تعزيز أداء هذه الشركات وزيادة دورها الاقتصادي، والحد من النفقات غير الضرورية فالحوكمة من أهم الجوانب التي تحقق رقابة فعالة وقدرة على تنظيم أعمال وأداء الشركات.