الوطن – خميس الصلتي
تقترب الكاتبة والمهتمة بأدب الطفل بدرية الصالحية من القارئ بعدد من الأفكار والرؤى، لتبرز ضمن محاور أدبية تتوافق وتطلعات الطفل العماني وخياله الذي يوجد الكثير من الأسئلة، وفي هذا الإطار تكشف عن العديد من التفاصيل التي تؤسس لتلك الأفكار .. حيث إن للكاتبة بدرية الصالحية إصدارا للأطفال حمل عنوان “عش فوق السحاب”، وهنا تفند ما يميزه وتفاصيل الخيال فيه، وكيفية إقناع الطفل للتواصل مع مفرداته وفي هذا الشأن تقول الصالحية: الذي يميز إصدار “عش فوق السحاب” والذي أبدعت الدكتورة فاطمة أنور اللواتية ودار مياسبن للنشر في تنسيقه وإخراجه بصورة جذابة متميزة هو المكان الغريب الذي تدور فيه أحداث القصة، فالسحب مكان غير مألوف لدى الطفل ولا يقع في نطاقه المحسوس وكذلك ليست من ضمن عناصر بيئته المادية التي اعتاد التواصل والتعامل السهل معها عن كثب لذلك هذا المكان يمثل المجهول الذي من شأنه إثارة فضول الطفل وشغفه فيسعى متشوقا من خلال أحداث القصة لاكتشافه، ولقد وقعت تفاصيل الخيال في هذا الإصدار في عدة جوانب رأيت أنها كفيلة بتنمية خيال الطفل القارئ وتعمق استمتاعه بمجريات القصة وأبرز هذه الجوانب تخيل الطفل أن السحب قريبة ويستطيع الوصول إليها بسهولة، وأنه بمقدوره لمسها بيده، وأنه يستطيع التوغل داخلها، وكذلك يستطيع أن يعيش على السحب بسلام وأمان وأن السحب مكان ملائم للحياة الخالية من الإلتزامات، وأنا بصفتي كاتبة استطعت من خلال الاستعانة بمفردات الطفل التي كثيرا ما يرددها والتي تعبر عن ضجره وملله من بعض الإلتزامات اليومية وهي على سبيل المثال لا الحصر لماذا أقوم بهذا العمل، لماذا أذهب إلى المدرسة كل يوم، فهذه المفردات جعلتني اقنع الطفل بطريقة غير مباشرة أن التفكير في الهروب من هذه الواجبات والإلتزامات لا يجدي نفعا حتى ولو كان الهروب الى مكان بعيد كالسحب لابد في نهاية المطاف من العودة الى الحياة الطبيعية والتأقلم مع صعوبتها وضغوطاتها.
تجربة تربوية
للصالحية تجربة مع قصص الأطفال في جانب التعليم، وهنا تقرّبنا من هذه التجربة، ومقياس القبول حول ماهيتها، ونتائجها مع الطفل حيث تقول: تجربتي في كتابة قصص الأطفال شقت طريقها من خلال عملي في الميدان التربوي حيث اكتسبت الخبرة في فهم خصائص الطفل لذلك كتبت مجموعات قصصية، تخدم وتعزز مهارة فهم المقروء وهي مهارة وهدف تربوي من أهداف الحلقة الاولى من التعليم الأساسي، وهذه المجموعات نجحت إلى حد بعيد من حيث أنها تراعي فئات التلاميذ العمرية وخصائص كل فئة وهذا لا تجده المعلمة في المتصفح حين تبحث فيه عن قصص تناسب تلاميذها والتي غالبا ما يكون هذا المتصفح غير مجد في هذا الجانب لأنها لا تجد قصصا تناسب كل فئة عمرية، فجاءت قصصي لتحل هذه المشكلة وتسهل عناء البحث، فالمجموعات القصصية التي كتبتها راعيت فيها خصائص كل فئة عمرية ليتحقق هدف فهم المقروء بطريقة صحيحة مناسبة وناجحة.
نادي أدب الطفل
وعن قراءة بدرية الصالحية لمسار أدب الطفل في السلطنة، وأهم ما يحتاجه، ومدى مساهمة الكتّاب والادباء في تقويمه وإحداث نقلة في مسيرته تقول: أنا أرى أن مسار أدب الطفل في السلطنة ينهض بقوة وماض نحو التطور والتألق بخطوات جبارة سريعة بعد أن كان في السابق يزحف بطيئا، وفي الآونة الأخيرة بدأ مفهوم أدب الطفل ينتشر انتشارا منقطع النظير وأصبح صداه الرنان يتردد في أذن كل كاتب يهوى الكتابة في هذا المجال، وأنا على يقين أن أدب الطفل يحاول جاهدا إيجاد مكانة مرموقة له بين أنواع ومسارات الأدب الأخرى وسينجح في ذلك بلا شك بسب التنافس المستمر بين كتاب هذا الأدب، وأدب الطفل بحاجة الى الدعم المستمر من جهات رسمية متخصصة، فهذا الأدب من وجهة نظري هو بحاجة إلى ناد يجمع كتّابه على غرار النادي الثقافي، ولكن يختص فقط بأدب الطفل ، مثلا نقول “نادي أدب الطفل”، يتكفل بإدارة المشاغل والحلقات التدريبية التي يحتاجها كتّاب هذا الأدب لصقل مواهبهم الأدبية ويتبنى النادي نتاجهم الادبي ويعززه ويقوّمه، كذلك يحتاج أدب الطفل في السلطنة إلى دور نشر متخصصة فقط بهذا النوع من الأدب، تستوعب نتاجهم الأدبي بكل حب ورحابة صدر، وأدب الطفل في السلطنة أيضا بحاجة إلى الدعاية وزخم إعلامي لإبراز معالمه للمجتمع فيتقبله ويرغب فيه بشدة، والكتاب العمانيون يمتلكون الابداع والحس الادبي الخصب فقد استطاعوا وفي وقت قصير رفع مستوى أدب الطفل في السلطنة ومعرض مسقط الدولي للكتاب خير شاهد على ذلك فهو في السنوات الأخيرة أصبح زاخرا بإصدارات عمانية متنوعة وكثيرة في هذا المجال بعد أن كان المعرض فيما مضى يعاني من شح النتاج العماني في أدب الطفل، والكتاب العمانيون جديرون بالثقة قادرون وبكل جدارة على منافسة غيرهم من كتاب الوطن العربي وقادرون ايضا على إحداث نقلة كبيرة ونوعية تلفت انتباه المختصين لإيلاء مزيد من الاهتمام وتذليل صعوبات قد تواجه الكتاب في المستقبل فنحن لا ينقصنا الكتاب وإنما استيعاب ودعم هؤلاء الكتاب لتحقيق تطور في مسار أدب الطفل.
طفل اليوم أكثر ذكاء
والابتكار والشغف والخيال.. أدوات لابد من توافرها في كاتب أدب الطفل، وهنا تشير الصالحية الى مدى امتلاك الكاتب العماني لتلك الأدوات لتكون حاضرة فيما يقدمه للطفل وتوضح بقولها: إن الشغف والإبتكار والخيال هي ركائز أساسية يجب أن يرتكز عليها أدب الطفل، فهي بمثابة النهر المتدفق الذي يروي نتاج أي كاتب متميز فهذه ركائز تتكون منها خصائص الطفل والكاتب الحاذق لا بكتب بمنأى عن هذه الركائز إذا أراد النجاح، فطفل اليوم ليس كطفل الأمس، وانا أرتكز بقوة على هذه المقولة واعتمد عليها، فطفل اليوم أكثر ذكاء وشغفا ويحب الابتكار ويمتلك خيالا خصبا وذلك بحكم التطور التكنولوجي والتقني والعلمي فنحن في عصر الريبوتات والكاتب المبدع هو من يستخضر أدواته المواكبة للعصر فيكتب بها لا بالقلم وحده، فاليوم لابد أن تكون أفكار قصص الأطفال مبتكرة إلى حد بعيد وذلك لتغذي شغف طفل اليوم وتشبع خياله المتسع تكنولوجيا، وأود أن أشير إلى انني أطمح في كتابتي المستقبلية ان أكتب في مجال الخيال العلمي، وهو مجال تحيط بجوانبه صعوبة إلى حد ما ولكن كلي ثقة وعزم في التغلب عليها فرغبتي الاكيدة في خوض غمار هذه التجربة تتكفل بتطويع الصعب وإخضاعه.