حيدر اللواتي – لوسيل
بدأ أعضاء الحزب الجمهوري الأمريكي ومعهم الرئيس ترامب بالتلميح بفرض رسوم جمركية على النفط المستورد من السعودية وروسيا لمعاقبة هذه الدول تجاه سلوكها وسط أزمة كورونا. فبالرغم من أن السعودية تعتبر حليفة لأمريكا، إلا أنه سبق للرئيس ترامب أن لمح في مؤتمراته الصحفية في الآونة الأخيرة بضرورة التوجه نحو فرض الضرائب لحماية الصناعة النفطية الأمريكية التي تتدهور منذ عدة أشهر بسبب المعروض الكبير من الكميات النفطية في السوق العالمي نتيجة لحرب الأسعار وتعطل الكثير من المصالح التجارية بسبب كورونا. إن التراجع الكبير في أسعار النفط يضر أيضا الحملة الانتخابية للرئيس ترامب للفترة الثانية، وهناك تخوف من أن يؤدي إلى تراجع شعبيته التي تقل رويداً بسبب الأزمتين كورونا والنفط.
فالانخفاض الكبير في أسعار النفط الخام الأمريكي منذ عدة أيام مضت شكَّل غصة في حلوق الأمريكيين، فيما هناك توقف جزئي في العديد من الأنشطة الاقتصادية والسياحية والطيران وتراجع أسواق المال. والرئيس الأمريكي وصف ذلك الانهيار التاريخي ليوم الإثنين الماضي بأنه قصير الأجل وناجم عن «ضغوط مالية»، قائلا: «إن إدارته ستدرس وقف شحنات النفط القادمة من السعودية»، فيما تعتزم أمريكا زيادة مستوى مخزون النفط الخام لاستغلاله في حالات الطوارئ نتيجة للسعر الرخيص المعروض، وشراء حوالي 75 مليون برميل من النفط لدعم احتياطيات مخزونها الإستراتيجي منه.
بعض الأعضاء الجمهوريين بأمريكا يرون أن كلا من روسيا والسعودية يواصلان إغراق السوق العالمية بالنفط وسط أزمة كورونا بهدف الإضرار وسحق المنتجين والعاملين في صناعة النفط والغاز الأمريكية، بينما يهوي الاقتصاد الأمريكي يومياً، وتتراجع فيه معدلات الناتج المحلي الإجمالي، ويصبح الأمن القومي لها مهددا نتيجة لحرب الأسعار. أما الاتفاق الأخير الذي تم بين دول أوبئك وخارجها بخفض الكميات النفطية المنتجة بواقع 10 ملايين برميل نفط يوميا فإنه لم يأت بأي جديد في السوق. والخبراء يرون اليوم أنه كان من المفترض من الدول المنتجة للنفط (السعودية وروسيا وأمريكا) أن تتفق على خفض ما بين 20 إلى 30 مليون برميل نفط لتمكين السوق وإعادة الأسعار إلى الارتفاع قليلا في حدود 30 دولاراً للبرميل في الأشهر المقبلة. ولحين الانتهاء من مواجهة وباء كورونا الذي يزيد من المتاعب للقطاع النفطي وللدول المنتجة لهذه السلعة فإن الأسعار مرشحة للانخفاض خلال الشهور الستة القادمة. فأمريكا تعاني اليوم من مشكلة تخزين النفط بحيث أصبحت التكلفة عالية بسبب عدم وجود صهاريج ومساحة كافية للتخزين، الأمر الذي يؤدي إلى التخلص منه بأي سعر يوافق التعاملات اليومية.
إن تفشي الفيروس في العالم يسجّل لنا اليوم دورساً في مختلف التعاملات الأخلاقية والتجارية والثقافية، وكل أمر لا يتخيله المرء في هذا الزمن. وربما يعتبر أكبر درس موجه من الله سبحانه وتعالى لنقترب منه، ويعلّمنا ما كان يجب أن نتعلمه من تلقاء أنفسنا بأن نحس تجاه أوضاع الآخرين وجوعهم وعطشهم، وممن لا يجدون قوت يومهم مثلما يحصل اليوم مع الكثير من الناس بسبب تعطل أعمالهم ومصالحهم التجارية وفقدان الكثير منهم لوظائفهم.
فهل يكون تهديد فرض الضرائب على النفط مقدمة لشفط المزيد من الأموال النفطية العربية كما تم في الفترات السابقة في القضايا السياسية للمنطقة؟