تغطية: حيدر بن عبدالرضا داوود
استضاف مجلس الخنجي هذا الأسبوع الأستاذة جليلة البلوشي الطالبة في مرحلة الدكتوارة للتحدث عن أطروحتها حول موضوع “مُستقبل مهـارات الاقتصاد المعـرفي في التعليم العُماني” بحضور عدد من المهتمين بقضايا التعليم بالسلطنة.
وأشارت إلى أن الكثير منا يسمع عن هذا المصطلحات في وسائل الاعلام والدراسات ووسائل التواصل الاجتماعي وغيرها، مشيرة إلى أن اقتصاد معرفي في أي دولة يعتمد على عدة مُتطلبات هي النظام المؤسسي لتلك الدولة، ونظام التعليم والتدريب، ونظام البحث والتطوير بجانب وجود نظام تكنولوجيا ومعلومات. وقالت بأن البعض فينا يسمع أحيانا بأن سوق العمل العماني يعاني من ضعف مهارات الخريجيين، مشيرة إلى أن العالم يعيش اليوم في “العولمة” وأصبح قرية صغيرة، الأمر الذي يعطي الفرصة لأي طالب الالتحاق بالمؤسسات التعليمية في الخارج، وكذلك العمل خارج نطاق دولته في المؤسسات والشركات العالمية.
وتساءلت المحاضرة إن كنا مستقبلين للمعرفة أو ناقلين لها أو مطبقين لتلك المعرفة، قائلة: لماذا نحتاج في السلطنة إلى الاقتصاد المعرفي، وهل لدينا فجوة في المهارات المدرسية لتعزيز سوق العمل في المستقبل، وهل نعتمد في عملنا على الأمور النظرية؟ مضيفة أن المهارات يجب توظيفها في مختلف المجالات. فلو قمنا بتدريس المهارات على سبيل المثال في المدارس العمانية فانه يمكن للطالب العماني ألا يضيع سنة من حياته قبل الدخول إلى المرحلة الجامعية في دراسة المهارات للتخصص. ويمكن أن يستقبله سوق العمل أيضا بالمهارات التي امتلكها من التعليم المدرسي.
وقد تناولت المحاضرة في هذا الموضوع عدة محاور منها: أن الاقتصاد المعرفي وقود للثورة الصناعية الرابعة، ويُستخدم هذا المفهوم في الاقتصادات المتقدمة لوصف الاتجاهات التي يكون فيها إنشاء وتوليد المعرفة واستخدامها في الإنتاج كعامل ذا أهمية متزايدة. ويُنظر إليه على أنه مُرادفًا للتحول إلى مهارات جديدة عاليةَ الأداء وطريقة عمل مرنة استجابةً إلى التغييرات العالمية. وأكدت أن التعليم يعد بوابة الدخول إلى عالم المعرفة ومصدر تطور المجتمعات التي تتحدد قوتها من خلال ما تملكه من معرفة، مشيرة إلى ضرورة تحول السلطنة نحو الاقتصاد المعرفي بهدف تنمية رأس المال البشري من أجل المساهمة في رفد تنمية الاقتصاد الوطني وعدم الاعتماد على النفط من خلال وجود قوة عاملة مُؤهَّلة ومُتخصصة ومُتمكِّنة من التعامل مع التقنيات الحديثة والمتطورة- باعتبارها رأس المال الفكري والمعرفي – لإنتاج السلع وصناعة الخدمات المعرفية وابتكار المعلومات، الأمر الذي يتطلب العمل بالتوجهات والرؤى الوطنية والمؤتمرات والندوات التي تسعى إلى تعزيز الاهتمام بهذا الجانب. وقالت أن أهميّة مهارات الاقتصاد المعرفي لجيل المُستقبل العُماني يتمثل في بناء موارد بشرية تمتلك المهارات اللازمة للعمل والحياة ومُنتجة في عالم المعرفة ومُؤهلة للتكيّف مع مُتغيرات العصر، وتحقيق المُواءمة بين مُخرجات نظام التعليم ومُتطلبات قطاعات العمل في الدولة بالاضافة إلى الارتقاء بجودة النظام التعليمي وتعزيز الابتكار والإبداع والبحث العلمي في قطاع التعليم ما قبل الجامعي.
وأكدت ضرورة وجود نموذج خاص بالسلطنة يتبنّى مهارات الاقتصاد المعرفي كمهارات حالية ومُستقبلية يتطلبها سوق العمل المُتغير، حيث أنه لا يوجد حاليا نموذجا خاصا بالمهارات لدى السلطنة، متوقعة بأن هذا سيعمل على مواكبة المستجدات العالمية، بجانب توفيرُ قدرٍ من البيانات والمعلومات يمكن من خلاله تعميم النموذج المُقترح والذي تم بناءه وفق أسلوب دلفي الذي يُعد أحد أساليب استشراف المستقبل وذللك للوصول إلى المهارات التي تكون منها النموذج المقترح، ومن أجل الاستفادة من التجارب الدولية الرائدة قارنت دولة النرويج بالسلطنة- الدولة الحاصلة على المرتبة الأولى في تقرير التنمية البشرية لمدة خمس سنوات متتالية- بناءً على بعض الخصائص المشتركة، فالنرويج قامت بعملية اصلاح تعليمي بإعادة هيكلة التعليم وركزت على المهارات والتعليم الرقمي لرفع تصنيفها، ووفرت الكفاءات من المدرسين من حيث النوع وليس من حيث العدد، الأمر الذي يتطلب الاستفادة من هذه التجربة.
ثم تناولت أبعاد الاصلاح التعليمي في النرويج في ضوء متطلبات الاقتصاد المعرفي، مشيرة إلى أنها تمثلت في الحوكمة عن طريق نظام لامركزي مع بلديات مستقلة لتطبيق اللامركزية في عملية صنع القرار، والتركيز على المهارات الاساسية من خلال التركيز للتحول إلى التعلم القائم على النتائج، والابتكار في قبول المناهج الجديدة، والممارسات التعليمية الجديدة إلى التعليم الرقمي بالتركيز على استخدام الأدوات الرقمية وإكساب المهارات المرتبطة بها.
وقالت ان هناك عدة سيناريوهات للتعلم المستقبلي للتعليم المدرسي في ظل الاقتصاد المعرفي بحيث يكون هناك نظام تعليمي ثوري منتج ومبتكر للمعرفة من خلال تحول جذري وسريع وشامل في النظام التعليمي بجميع عناصره بالاضافة أو نظام تعليمي جزئي موظف للمعرفة الموجودة وإعادة إنتاجها بما يتناسب معه من خلال تحول تدريجي وعلى مراحل وفترات زمنية مختلفة في بعض عناصر النظام التعليمي أو نظام تعليمي تقليدي ناقل للمعرفة كما هي دون أي تغيير أو تطوير .
وقد تناولت الاسئلة عددًا من القضايا التي تهم مهارات الاقتصاد المعرفي للتعليم، وترتيب السلطنة في مهارات العلوم والرياضيات ومهارت القراءة لدى الطلبة العمانيين مقارنة بالنرويج، بالإضافة إلى قضايا الانفاق على التعليم في كل من السلطنة والنرويج وكيفية استفادة السلطنة من تجارب الدول المتقدمة في النظام التعليمي برمته.