عباس الزدجالي
قبل أن تقوم بلدية مسقط الموقرة بتنفيذ مشروعها الجديد بإنشاء أسواق ليلية شعبية في مسقط .. هل فكرت أولا يا ترى في إصلاح أحوال الأسواق الشعبية القائمة بالفعل والتي يسيطر عليها الوافدون ومن بينها سوق خور بمبة السياحي ؟؟ .. إن نسيت فهنا مقالة نشرتها قبل ٦ أعوام مشفوعة بالصور لانعاش ذاكرتها .. وسؤالي لبلدية مسقط بالمناسبة : ما الذي يضمن لنا ألا يتكرر المشهد ويستولى الوافدون على الأسواق الليلية ايضا ؟؟
لعل أهم معالم المدن العريقة يتمثل في أسواقها الشعبية التاريخية التي ظلت محتفظة بعبق الماضي ولو بشيء من التجديد أو حتى التشويه كما حصل لسوق مدينة مطرح الشهير للأسف .. خور بمبه أو سوق الظلام كما يحلو للبعض تسميته .
فقد ظل هذا السوق التاريخي بازقته الضيقة المتفرعة على جنبات الوادي الذي يخترقه ويصب في خليج مطرح العصب الاقتصادي الرئيسي للسلطنة منذ القدم ومصدر البضائع الواردة والمصدرة وفرضة السفن المبحرة والقادمة من الخليج والهند والسند وشرقي إفريقيا وغيرها من موانىء على مر التاريخ عمانيا خالصا بطابعه المعماري وببضائعه وبتجاره وبنكهته المتميزة .. وبرواده ووجوه زواره وحتي حماليه .. وبعبق قهوته واقداح الشاي ومنصات الحلوى ودكاكين البهارات والأعشاب والغليون .. ومخازن الأخشاب والحبال ورزم الأقمشة ودكاكين الأسلحة والأدوية منذ سالف الأزمان .
وقد حظي هذا السوق الشعبي المتميز والنشط الذي بات معلما هاما من معالم مسقط باهتمام الزوار الأجانب والمقيمين والسياح الذي زادت أعدادهم مؤخرا لتوقف سفنهم في مينائها الذي تقرر تخصيصه للسفن السياحية العابرة للمحيطات … ولكن الأمر المؤسف أنه فقد طابعه العُماني الخالص برحيل رواده وتجاره وسيطرة الوافدين شبه المحكمة عليه بشكل مريع ومزري وخطير يعكس بجلاء ووضوح الخلل الديموغرافي وسلبياته في نفس الوقت .
ولعل ذلك يعكس عموما ما تعانيه السلطنة باكملها من خلل أثر على موروثها الثقافي وعلى اقتصادها المحلي التقليدي بشكل جلي .. فالزائر لخور بمبة اليوم يظن للوهلة الأولى أنه يزور سوقا شعبية هندية خالصة .. جنسا ولغة وعادات !! وبات من النادر أن تجد اصحاب المتاجر الأصليين .. اللهم سوى أسمائهم التي تعلو اللوحات التجارية ولا شيء غير ذلك !! .. فالغالبية من الهنود والباكستانيين والبنغاليين .. وبعضهم أمضى عقودا طويلة بعمر النهضة وبات هو الأمر والناهي وبات صاحب المحل مجرد أسم على ورق يحصل على مبلغ ضئيل لقاء تستره على الوافد !!
وبما إن الصور هي إبلغ دليل وتعبير عن الآف الكلمات كما يقولون .. فاليكم بعضها التقطتها للسوق ولباعته .. ولكم أنتم أن تحكموا إن كانت فعلا لسوق عٌماني أم هندي على شاكلة سوق الحرامية الشهير في مومباي !
عناوين الصور:
– يسيطر الوافدون على التجارة والبيع في سوق مطرح ويغشون السواح الأجانب بعرض حلي فضية مزورة ومقلدة بادعائهم أنها عُمانية لتكتمل فصول المأساة والجريمة .. فيصبح السوق بأكمله مزيفا شكلا ومضمونا .
– حتي تصميمه وزخارفه لا تمت للمعمار العُماني بصلة كما نرى في الصورة .. بل هي أشبه ما تكون بمعمار مغول الهند أو فانتازيا والت ديزني … فزنجة القذافي التقت بسراويل باكستان في مشهد .. ليس من عُمان قطعا !!
– ١٥ عاما قضاها هذا البائع في السوق وبات الأمر والناهي في المتجر الذي يديره .. وعند سؤاله عن الأرباب .. كان صريحا ومصيبا في قوله بأن العُمانيين لا يفضلون الجلوس في متاجرهم بل في مكاتبهم المكيفة ووظائفهم الحكومية .. أرباب في نوم .. أنا في شغل دكان !!
– في خور بمبة أو سوق الحرامية (جور بازار) تتحدث اليافطات بالعربية ولكن الألسن تلهج بالهندية والآردو والبنغالية وطبعا ما يشبه اللهجة العامية باللكنة الهندية .. أنا في معلوم كلام مال اومان .. انته ما في معلوم كلام مال أنديا !!
– ولعل الوجوه والازياء البوليوودية تضيف لهذه السوق صفة اللصوصية باقتدار .. فقد نجحوا وإمام ناظرينا في سرقة سوقنا ووظائفنا وقاموا بتشويه موروثنا الثقافي بل واصبحوا يمثلوننا امام السياح !! .. فتعسا لمن كان السبب في تحول العُمانيين من تجار في دكاكينهم لنيام يشخرون في مكاتبهم !!