حيدر اللواتي – لوسيل
تبدي دول العالم كافة حرصها على تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 بالتعاون مع المنظمات الدولية، وتعمل على تحقيق هذه الرؤى من خلال عدة قنوات تتمثل في تنظيم ورش العمل والمنتديات لبناء القدرات الوطنية للكوادر الشابة والاطلاع على هذه القضايا أولاً بأول. ومن هذا المنطلق، نظمت عمان مؤخرا حلقة عمل بعنوان (احتساب المؤشرات الإحصائية المتعلقة بأهداف التنمية المستدامة) بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، والمركز الوطني للإحصاء والمعلومات. واستهدفت هذه الحلقة متابعة إعداد البيانات والتقارير والمؤشرات الخاصة بأهداف التنمية المستدامة السبعة عشر التي أقرتها دول العالم في قمة الأمم المتحدة في سبتمبر 2015م، حيث تضمنت تلك القمة العديد من المحاور منها محاربة الفقر والقضاء على الجوع، وضمان الصحة الجيدة، وجودة التعليم وتوفير المياه، وتيسير الطاقة النظيفة، وتوفير فرص العمل وتحقيق النمو الاقتصادي، والمساواة بين الجنسين واستكمال البنى الأساسية ومواجهة التغيرات المناخية والحفاظ على الموارد الطبيعية.
لقد تمكنت عمان خلال السنوات الماضية من إحراز العديد من الإنجازات تجاه تلك القضايا الاقتصادية والاجتماعية مع دول العالم، وتبنت مفهوماً للاستدامة كقاعدة أساسية للرؤى المتعاقبة والخطط الخمسية التي بدأت العمل بها منذ منتصف السبعينيات من القرن الماضي، فيما أدمجت مؤخرا أهداف التنمية المستدامة في الركائز الرئيسية للخطة الخمسية التاسعة (2016 – 2020) ورؤية عمان 2040.
وتعطي عمان أولوية كبيرة لبعض الخطط في هذه الرؤى منها بناء منظومة متكاملة للأمن الغذائي، بجانب تنويع الأنشطة التي تتعلق بالثروات الزراعية والسمكية بهدف زيادة إنتاج الغذاء وتقليص الاستيراد، والعمل على تعزيز المخزون الغذائي الإستراتيجي لمجموعة من السلع الأساسية التي يحتاج إليها الأفراد في المجتمع، الأمر الذي أدى بها إلى القيام بوضع خطط إستراتيجية واستثمارية وتنفيذية للمشاريع التي تحتاج إليها البلاد مستقبلا، وتوجيه بعض استثمارات الصناديق العمانية بالمشاركة والمساهمة في هذه المشاريع الهامة، مع الاستفادة من جميع الموارد المتاحة في البلاد، خاصة القطاعات السمكية نتيجة لوقوع السلطنة على البحار المفتوحة. كما تَبذل في الوقت نفسه جهودا لتعزيز وتبادل الخبرات والمعلومات وزيادة مهارات الأفراد وبناء قدراتهم في هذه المجالات، ويتم ذلك من خلال تحقيق أربعة محاور رئيسية تشمل تمكين الإنسان، وبناء اقتصاد معرفي تنافسي، وتعزيز الصمود البيئي وتعزيز فرص السلام في المنطقة وخارجها.
ومن حرص عمان لتحقيق أجندة التنمية المستدامة، فقد شكلت لجنة وطنية بهذا الخصوص من عدد من الجهات الرسمية والقطاع الخاص والمجتمع المدني، باعتبار أن هذه القضايا تهم جميع الأفراد في المجتمع من مختلف الأعمار والفئات، مع الأخذ بعين الاعتبار جميع أولويات المجتمعات المحلية والتركيز على الخدمات الضرورية كالتعليم والصحة وبناء المرافق العامة التي يحتاج إليها الأفراد. وبالتالي فقد أصبحت أغلبية السكان تستفيد من هذه الخدمات التي تُقدّم معظمها بشكل مجاني لهم، فيما يدفع المواطن والوافد رسوما لبعض الخدمات الأخرى المدعمة كالكهرباء والمياه والوقود وغيرها. ولا شك أن جودة هذه الخدمات أصبحت اليوم تُعطي أفضلية لعمان على خارطة مؤشر التنافسية العالمية، في الوقت الذي تُبذل فيه جهودا متواصلة في التركيز على التنويع الاقتصادي. ومع نمو هذه القطاعات تستطيع الدولة توفير مزيد من فرص العمل لأبنائها مع الاستمرار في تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030.