د. حيدر اللواتي – لوسيل
تحتفل ألمانيا الاتحادية بعد عدة أيام بذكرى سقوط جدار برلين بين شرق ألمانيا وغربها، ورغم مرور ثلاثة عقود على هذا الحدث السياسي والاجتماعي الهام، إلا أن الحكومة ماضية على رفع المستوى الاقتصادي للولايات الشرقية، بحيث يمكن للزائر لهذه الدولة ملاحظة التطور الذي يحصل في الجانب الشرقي سنويا.
والمعروف بجدار برلين الذي أقيم بعد نهاية الحرب العالمية الثانية بعد عدة سنوات وبالتحديد في عام 1961 بأنه جدار قسّم العاصمة الألمانية إلى شطرين، بحيث اتبع كل قسم أيدولوجيا معينة في نظامه السياسي، وبموجبه اتبع القسم الغربي النظام الرأسمالي، فيما اتبع القسم الشرقي النظام الشيوعي. وقد ظل هذا الجدار حتى عام 1989 قائما وسقط من خلال ثورة شعبية نظمها الألمان في القسمين لتصبح ألمانيا مرة أخرى موحدة. والأسباب التي دعت ألمانيا الغربية الديمقراطية إلى بناء هذا الجدار هو من أجل وقف النزيف الاقتصادي الذي عاناه هذا الجانب نتيجة للهجرة التي بدأت من الجانب الآخر مع وصول هجرات أجنبية من الدول القريبة منها، الأمر الذي قسم الأرض الألمانية، وهناك اليوم بعض الدراسات والاستطلاعات تشير إلى أن معظم الشعب الألماني في الجزء الشرقي يشعرون بأنهم ما زالو بعيدين عن الحياة التي يعيشها الألماني في الجزء الغربي بعد مرور 30 عاما على انهيار هذا الجدار، وأن هناك فوارق حياتية بين الناس في الجزءين.
ورغم هذا التفاوت الذي تعمل الحكومة من أجل تعديله، فإنه وفق بعض التقارير الرسمية فإن القوة الاقتصادية في شرق ألمانيا قد ارتفعت من 43% في عام 1990 إلى 75% في العام الماضي مقارنة بالجزء الغربي نظرا للجهود التي تبذل للتقريب بين الظروف المعيشية من جهة، وإقامة وتطوير المشاريع من جهة أخرى، بهدف توفير فرص العمل للجميع. وقد أدى ذلك إلى نجاح الحكومة في رفع مستوى التوظيف لتبلغ الأجور في هذا القسم نحو 84% مقارنة مع الجزء الغربي. كما سجل الناتج المحلي الإجمالي زيادة بنسبة 1.6% عام 2018 في شرق ألمانيا مقابل 1.4% في الجزء الغربي خلال نفس الفترة. أما الرواتب والمعاشات فقد بلغت نسبة 96.5% في الشرق مقارنة بالغرب، فيما يتوقع التقرير الذي تناول هذه المؤشرات بأن ترتفع الرواتب لتتساوى بين الطرفين في عام 2024.
ورغم تلك الجهود فإن بعض التقارير تشير إلى عدم رضا المواطنين عن ذلك، وهذه الآراء تؤثر من جانبها على نتائج الانتخابات التي تجرى في القسمين الشرقي والغربي في بعض المناسبات، فيما لوحظ بأن عملية التقارب بين الشرق والغرب لم تكتمل بعد بصورة جذرية، الأمر الذي يؤثر على بقاء المواطنين من الرجال والنساء في تلك البقع، بل تحصل أحيانا مناوشات نتيجة لكراهية البعض للأجانب. وهذا ما يؤدي بالحكومة إلى تحذير مواطنيها بأن هذه المواقف سوف تؤدي إلى إلحاق الضرر بآفاق الاستثمار في ألمانيا خلال المرحلة المقبلة.
المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل تؤكد دائما أن بلادها حققت الكثير خلال العقود الثلاثة من إعادة توحيد شطري ألمانيا، إلا أنها تؤكد في نفس المسار أن هناك الكثير يجب القيام به لتغيير الواقع الحالي لتسوية الفوارق بين شرق وغرب ألمانيا من أجل أن تصبح الوحدة الألمانية حقيقة واقعة.