حيدر اللواتي – لوسيل
قطعت اتفاقية التجارة الحرة بين عمان وأمريكا عقداً من الزمن منذ أن تم توقيعها في شهر يناير عام 2009. وتعتبر السلطنة من بين 20 دولة في العالم، وخامس دولة عربية ترتبط بمثل هذه الاتفافية التجارية مع أمريكا. وخلال السنوات الماضية قطع البلدان شوطا كبيرا في تعزيز التجارة الخارجية والاستثمار المشترك، وفتح الأبواب أمام المنتجات والسلع والخدمات للدخول إلى أسواق البلدين، بجانب التعاون في العديد المجالات التي تهم الجوانب الاقتصادية الأخرى. وقد نظم مؤخرا احتفال لغرفة تجارة وصناعة عمان والسفارة الأمريكية بهذه المناسبة، حيث يرى الجانبان ضرورة الاستمرار في هذا الاتجاه والقضاء على أي تحديات قد تعيق رجال الأعمال العمانيين للوصول إلى السوق الأمريكية.
وكما هو معروف فإن هناك العديد من البنود التي وردت في الاتفاقية تتعلق بالإجراءات الجمركية والبيئية خاصة في بعض الولايات الأمريكية التي تفرض دون غيرها شروطا محلية، الأمر الذي يتطلب مراعاة تلك الاشتراطات، والعمل على التوعية بذلك من خلال الاستمرار في تنظيم المزيد من الندوات التعريفية بالاتفاقية للتقريب مع تجارب رجال الأعمال في البلدين.
الغرفة العمانية من جانبها تهتم بهذا الأمر، حيث تنوي العام المقبل تسيير وفد تجاري عماني للاطلاع على الصناعات الأمريكية، والتعرف على السوق الأمريكية عن قرب، بجانب البحث عن أفكار لتعزيز الفرص الاقتصادية وإقامة المشاريع التجارية المشتركة بين رجال الأعمال في البلدين. ومثل هذه الزيارات – بلا شك – تساهم أيضا في نقل المعرفة والتكنولوجيا، ومشاريع الامتياز التجاري، وفتح أسواق جديدة لمؤسسات القطاع الخاص في البلدين.
إن العلاقات التاريخية والسياسية والتجارية العمانية الأمريكية ليست وليدة اليوم، وإنما تعود لأكثر من قرنين منذ وصول أول مبعوث عماني هو أحمد بن النعمان الكعبي إلى ميناء نيويورك عام 1841 على متن السفينة (سلطانة) حاملا معه العديد من الهدايا وبعض السلع والمنتجات العمانية المهداة من السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي سلطان عمان إلى الرئيس الأمريكي حينذاك مارتن فان بيورين لتقوية العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات ومنها المجال العسكري والتجاري.
اليوم فإن حركة التبادل التجاري قائمة حيث بلغت التجارة الخارجية (الصادرات والواردات) بين البلدين العام الماضي 2018 حوالي 4 مليارات دولار أمريكي منها 1.3 مليار دولار عبارة عن قيمة الصادرات العمانية غير النفطية. والأرقام تشير إلى نمو الواردات العمانية من أمريكا بنسبة 52.8%، فيما ارتفعت نسبة الصادرات العمانية بنحو 89.2% خلال السنوات العشر الماضية.
الجانب الأمريكي يرى أن اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين منذ أن تم توقيعها ساهمت في تعزيز التجارة وقربت الشركات الأمريكية من الشركات العمانية، وخلقت شراكات بين الجانبين، ولكن العمانيين يرون أن هناك من التحديات التي تتطلب إعادة النظر في بعض بنود الاتفاقية من أجل الدخول إلى الأسواق الأمريكية بدون أي عراقيل، حيث تتسم السوق الأمريكية بالمنافسة الشديدة، وارتفاع تكلفة الشحن بين البلدين. ومن هذا المنطلق فإن تلك التحديات ربما قد تعيق الاستفادة من الاتفاقية بشكل كبير، الأمر الذي يتطلب من المؤسسات المعنية ورجال الأعمال في عمان ضرورة معرفة المزيد عن مضامين وبنود وشروط هذه الاتفاقية لتحقيق المزيد من المنافع وتعزيز قيم الصادرات العمانية غير النفطية مستقبلا.