صادق بن حسن اللواتي – الشبيبة
جاء في النطق السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم في احتفالات السلطنة بالعيد الوطني الرابع والعشرين المجيد ما يلي :-
« فإن على كل مواطن أن يكون حارسا أمينا على مكتسبات الوطن ومنجزاته « .
مع اقتراب موعد الإنتخابات لمجلس الشورى للفترة التاسعة يبقى المشهد الإنتخابي متكررا في مجتمعنا كما هو في الأعوام الفائتة ، البرامج الإنتخابية غير واضحة المعالم ، المشاريع غير محددة ، المناظرات العلنية بين المترشحين غائبة كليا لا يسمع لها حسا ، هذا المشهد لا يدعو إلى الإستغراب لأن المساومات والتحالفات غير الحقيقية لا يمكن أن توصلنا إلى تحقيق الأهداف التنموية أو تطويرها ، صحيح أن في كل عملية إقتراع سيكون هناك فائز لمقعد في هذا المجلس ، ولكن هل فاز الوطن بفوز هذا المترشح ؟ والحال يجب أن تقدم مصلحة الوطن على كل الإعتبارات الشخصية.
ولأجل ذلك يتطلب منا وجود شخصية مثقفة بكل ما للكلمة من معنى داخل المجلس لا الشخص نفسه. فإن المفهوم التقليدي الإنتخابي السائد هو فوز قوائم معينة من المترشحين ليس بالضرورة ضمان للعمل على تطوير البرامج التنموية والقوانين المصاحبة لها نحو الأفضل.
من هنا أصبحت الحاجة ملحة إلى إعادة صياغة الثقافة الإنتخابية في توجيه السلوك وحل المعضلات والمشاكل الداخلية فالثقافة الإنتخابية الواضحة دائما ماتساعد على سير أفرادها بخطى موزونة تساعد على اتخاذ القرارات المناسبة ، وتكون متوافقة مع القيم والتقاليد والاتجاهات ، وهذا بحد ذاته يخدم النظرة الإستراتيجية في توجيه الجهود العاملين نحو الأحسن.
ولهذا يحتم علينا التخلي عن الأساليب التقليدية القائمة على إستعراض الموازين القبلية أو المناطقية في فرز الأصوات وبأشكال متعددة قبل موعد الإقتراع النهائي والعيش في عقدة الفوز، التي لم تعد قادرة على مواجهة التحديات والمتغيرات. نحن ابقينا هذه التقاليد بحجة المنافسة في خدمة الوطن ، ولكن هذه المنافسة أوصلتنا إلى عدم تحقيق الطموحات في إيجاد الحلول الإقتصادية أو الاجتماعية لمشاكلنا ، لأننا أعتقدنا أننا أغرينا الآخرين عندما حشدنا الطاقات القبلية بالنصر لذواتنا وهزيمة الطرف الآخر، بينما التحديات تكبر على أرض الوطن.
لهذا أقول لذوي قاصري النظر أن الفوز ليس معناه أن تفرحوا غدا بفوز مرشحكم وخسارة الآخر، المسألة أبعد من ذلك بكثير. المهم ماذا ستقدم الإنتخابات قبل أو بعد من توحيد الصف الوطني والمضي نحو تحقيق الأهداف الإستراتيجية للوطن ، والعمل على محو تحقيق النزاهة وتحقيق التنمية الاجتماعية ،فلا تنسوا أننا نعيش أوضاعا تتطلب منا جميعا وضع كل طاقاتنا الإنتخابية في السياق الوطني.
حتى لو فاز مرشح القبيلة من هنا أو هناك وهذا خيار قائم ، إلا انه يجب ألا ينسلخ عن المفاهيم الوطنية لأن للوطن أولويات أكثر أهمية من أن نصفق للإنتخابات ثم نقع في حالة الإنقسام والعزوف عن المشاركة الوطنية.
نحن نريد إنتخابات تعكس الصورة الحضارية لنا كأمة لها تاريخها العريق ، نريد الإختيار النوعي الذي سيسجله التاريخ لمدى مقدرتنا على تحمل المسؤولية اتجاه الوطن ، نريد مرشحا يحمل برامج واقعية لا خيالية ، نريد أن يطمئن المواطن أن النتائج لصالحه ولصالح وطنه ومن أجله تم إختيار الأكفأ والأجدر، نريد صوتا داخل المجلس يحمل قوة معرفية ومهارات فكرية وفق منظور إستراتيجي سامي يحاكي كل التقلبات والأزمات والأوضاع الصعبة في المساهمة مع الحكومة في صنع القرار الحكيم ، نحن أمام إمتحان يكرم فيه الوطن أو يهان .