جمانة اللواتي – شئون عُمانية
قبل أسبوعين تقريباً وفي خضم الاستعدادات لانتخابات مجلس الشورى في دورته التاسعة – التي تجرى بتاريخ 27 من أكتوبر المقبل – قال أحد أعضاء مجلس الدولة: أن هناك إقبالاً متزايداً على القيد في السجل الانتخابي وهو دليلٌ على ارتفاع مستوى الوعي لدى الناخبين بأن المرحلة القادمة هي مرحلة مهمة في مسيرة التنمية التي تشهدها السلطنة.
و فعلاً قد يكون الإقبال دليلاً على ما ذُكر لاسيما أن الشعب العماني شعبٌ غيور محب لوطنه ويريد له الأفضل دائماً، ولكن في الجانب الآخر هناك رأي مختلف تماماً ، يجب أن لا نغفل عنه ونأخذه بعين الاعتبار؛ و يتمثل هذا التوجه و هذا الرأي في كمية السخط وغياب الثقة في بعض المرشحين والذي يظهر جلياً أينما ولينا وجوهنا ، في شبكات التواصل ، و في الحياة على أرض الواقع، في العمل ، وفي الجلسات العائلية، وغيرها، مما أوجد فئة ترفض فكرة التصويت. وأما الإقبال المتزايد على القيد فقد يكون ببساطة لضغوط ومجاملات اجتماعية قبلية ليس إلا، و هو واقعٌ لا يمكن إنكاره، إذ أن الضغط الذي يمارسه بعض المرشحين يصل به إلى أخذ بطاقتك الشخصية والتسجيل عوضاً عنك تحت عنوان المساعدة والتسهيل !.
أما عن الأسباب التي تدفع البعض إلى التشاؤم ورفض المشاركة في الانتخابات والإدلاء بصوته فهي كثيرة ومتشعبة، يتعلق بعضها بآداء الأعضاء السابقين أو بواقع مجلس الشورى في عمان أو بالمنهج الذي يسلكه بعض المرشحين الحاليين ولا يقبله المجتمع إطلاقاً، فمثلا يتغنى ليل نهار برفضه لمسألة شراء الأصوات وضررها على المجتمع ليأتي وبكل بساطة يطلب صوت الناخب كالمشتري ولكن يضفي عليه صبغة قانونية مختلفة، متناسياً أن محاولة إجبار الناخبين بالتصويت له من باب الأخوة والقبلية شراء . واستخدام العاطفة في الإقناع شراء. وحتى ولائم الطعام المختلفة شراء! والبعض يصل به الأمر ليأتي لك من جانب الدين، هكذا بكل بساطة!! ويمارس عليكَ ضغطاً من نوع آخر! متيقناً ومرتاحاً أن هذه التصرفات كفيلة بأن تجعلك تصوت لهم .
أما بعض المرشحين فهو يهتم بمعاملتك ككيان مستقل له عقليته و أفكاره ولا يفرض عليك التصويت مباشرةً ولا يتلاعب بعواطفك أو يستخدم معك اللطف الزائد ويحرجك به ، بل يطلعك على برنامجه الذي أعده و إذ بكَ تتفاجأ بكميةٍ مهولة من الوعود المسطرة على ورق والذي يزعم المرشح أنه يسعى لتحقيقها إذا حالفه الحظ بالفوز، دون الأخذ بالاعتبار أمراً يُطلق عليه “منطق”، ويطلب من الناخب بكل بساطه تصديق أنه في دورةٍ عمرها 4 سنوات سيحل كل ما كان عالقاً منذ سنين طويلة ، و هذا من أكثر الأسباب الذي تجعل الناخب ينفر من المرشح لأنه تعب من شقشقة اللسان والوعود التي يعرف تماما أنها لا يمكن أن تتحقق، و بالتالي فإن برنامج المرشح الممتلىء بالوعود لا يفيده بل العكس !
و البعض الأخر لم تقابله في حياتك، و لم يشغل الجانب الإجتماعي حيزاً مهماً في حياته ، و فجأةً و بقدرة قادر تراه في كل المناسبات الإجتماعية يحيط بك ويغدق عليكَ بوابل من الحب و اللطف و هو ذات الشخص الذي إن قابلته مصادفةً في السابق كان يستثقل السلام عليك.
وأيضا يقوم بعض المرشحين بالتسلق على القضايا التي تهم الشباب عن طريق استخدام أكثر القضايا حساسيةً و يتسلقون عليها لمصالحهم الشخصية، مثل قضية الباحثين عن عمل و القضايا الإنسانية ويجعلونها الدرع الذي يرتدونه ويحمون به أنفسهم .
و أما الأسباب الأخرى المتعلقة بواقع المجلس عندنا فهي كثيرة و لكن الشعب يتساءل عن الصلاحيات الممنوحة لأعضاء المجلس و أي منها يستطيع أن يستخدم مثل: الاستجواب – على سبيل المثال- و يتلقى ردوداً عن صعوبة تطبيق و استخدام هذا الحق البرلماني في مجلسنا بالسلطنة، مما يجعل بعض المواطنين لا سيما الشباب يفكرون جدياً في مسألة عدم التصويت.
و قد انتقد العضو السابق توفيق اللواتي في قناة بدر العبري باليوتيوب واقع المجلس و كيف أن الأعضاء غير قادرين على استخدام بعض الصلاحيات الرقابية الممنوحة لهم مثل طلب الوزارء للاستجواب ، و قد استشهد ببعض التجارب البرلمانية العربية و منها : التجربة الكويتية، و التي رغم مكامن الضعف فيها في السنوات الأخيرة إلا أنها تجربة مخضرمة لا ضير من الإستفادة منها في ما يخص الجوانب الرقابية ، و حتى مسألة إشراك الشباب اليافعين في جلسات المجلس و الإستماع لهم ؛ مما يمنحهم ثقافة التحليل والنقد والحديث والثقة بالنفس، بالإضافة طبعاً إلى دور الإعلام الكويتي في تسليط الضوء على كل نائب قبل الانتخابات و بعدها من خلال دعوتهم للبرامج التلفزيونية السياسية ومحاورتهم و أحياناً يكون البرنامج على هيئة مناظرة بين عدد من النواب؛ مما يمكّن الشعب من معرفة إمكانيات كل نائب و طريقة تفكيره و نظرته لقضايا البلاد.
وفي ظل وجود بعض التجارب الإيجابية حولنا، و نظراً للتطور التكنولوجي والانفتاح على العالم ، صار شبابنا ينظرون إلى ما تم تحقيقه في بعض الدول و يتمنون أن تصبح الشفافية في وطنهم بمستوى عالٍ و يطالبون بالأفضل لبلدهم ليتفاجأون عند طرح الأمثلة و التجارب الناجحة أنه يتم الرد عليه بذكر أمثلة فشلت برلمانياً و كأن المسألة مزايدة أو سباق بين الشباب والمسؤولين !، و يتفاجأون كذلك بأن استجواب الوزراء أمرٌ قد لا يرونه قريباً في مجلسنا .
في الوقت الذي يصبح فيه الشعب العُماني أكثر إطلاعاً على مجريات العالم و يزيد وعياً و يزيد ثقافةً لا تدعوه أرجوكم يزيد يأساً ..
اتفق معك كلامك واقعي جدا