حيدر اللواتي – لوسيل
يعيش العالم صراعا يوميا في السياسة والاقتصاد والعمل الاجتماعي نتيجة لتعدد المشاريع الأيدولوجية من جهة، وتطوّر وسائل الاتصالات الحديثة والتواصل الاجتماعي وسرعتها في التتفيذ من جهة أخرى. وخلال السنوات الماضية سمعنا عن تداول عملات مشفرة كسب منها البعض ملايين من الدولارات فيما خسر الآخرون في صفقاتهم عند التداول. وحيث إن العالم أصبح قرية إلكترونية، فإن موقع الفيسبوك الذي يعتبر شركة عالمية والتي عبرها يشارك ملايين الناس في نقل المعلومات من وإلى العالم، أصدرت في يوم 18 يونيو من العام الحالي معلومات مفصلة حول رغبتها في طرح العملة المشفرة تحت مسمى «ليبرا» ليتم تداولها من خلال موقعها العالمي، حيث تستعد الشركة لإطلاق نظام الدفع من خلال الموقع أسوة بما يتم التعامل مع العملة المشفرة الأخرى وهي «البتكوين».
هذه الشركة لها القدرة على تشغيل البرامج التي تحتاج إلى تداول مثل هذه العمليات الرقمية نتيجة لوجود سلسلة الكتل (البلوكتشين) لديها، وعلاقاتها التسويقية مع المؤسسات المصرفية والعالمية والشركات المعروفة في العالم، ولكن الحكومات وخاصة في أوروبا ترى أن هذه الخطوة يمكن أن تلاقي صعوبات وتحديات في عملية التحويل تتمثّل في ضرورة وجود شروط وتشريعات تنظيمية صارمة للتداول، ناهيك عن السلبيات التي يمكن أن تنجم عن هذا التداول في عملية غسل الأموال. ومن هذا المنطلق تعمل الفيسبوك على تهيئة الأوضاع مع مجموعة من مزودي الخدمات المالية التي يمكن من خلالها القيام بعمليات تحويل الأموال باستخدام عملة «ليبرا»، فيما تتطلع الشركة لاستخدام هذه العملة مستقبلا في تقديم خدمات دفع الفواتير بكبسة زر، أو في الحصول على خدمات شرائية ولوجستية يجريها الناس في حياتهم اليومية.
فوفق بعض البيانات المتاحة، فإن هناك اليوم حوالي 1.7 مليار شخص لا يتعاملون مع المصارف التقليدية في العالم، فيما يرى البعض أن البنوك لم تكن قادرة على نقل الأموال بسرعة كافية دون تقنية البلوكتشين، وحيث إن الفيسبوك من المؤسسات التي تحتوي على هذه التقنيات، فإنه يمكن لها أن تقوم بتدويل عملة «ليبرا» لتكون وسيلة تبادل عالية الجودة من خلال استخدام تقنية البلوكتشين.
إن نجاح هذه العملة في التداول سوف يقلل من سيطرة الحكومات والبنوك المركزية على الأموال في العالم، ولكن هذا يعتمد على مدى فهم الناس للخصوصية التي ستوفرها الشركة في عدم التلاعب بالمعلومات الخاصة بهم واستغلالها من قبل الآخرين. وكلما كان عدد المستخدمين لموقع الفيسبوك عالياً فإن هذه العمليات سوف تلقى نجاحا وفق ما يراه بعض الخبراء في هذا الشأن.
المسألة الخطيرة في هذا الأمر مرتبطة بغسل الأموال التي يمكن أن تتم من خلال استخدام هذه العملة المشفرة، إلا أن القائمين على مشروع «ليبرا» يؤكدون أن هذه الخاصية قد تم أخذها في الاعتبار وذلك من خلال تطبيق سياسة «اعرف عميلك» التي تتبع مصادر الأموال من أجل وقف أي عملية مرتبطة بغسل الأموال والتعامل مع المجرمين والإرهابيين. وهذا ما يؤدي إلى طمأنة الحكومات والمؤسسات المالية والمصرفية في العالم. والكل ينتظر اليوم ليسمع عن ذلك، فكل مشروع كهذا يلاقي الصعوبات والتحديات في بداية الأمر، إلا أنه مع مرور الأيام يبدأ الناس في الإقبال عليه والتعامل معه.