Image Not Found

حرب العملات بقرار صيني

د. حيدر اللواتي – لوسيل

يَتخذُ القرارات ثم يُنددُ بما تقوم به الدول الأخرى من خطوات لحماية اقتصاداتها. هذا ما يفعله الرئيس الامريكي ترامب منذ أن أصبح رئيسا لأمريكا. فمؤخرا أعلن عن فرض رسوم إضافية بنسبة 10% على بضائع صينية بقيمة 300 مليار دولار تستوردها امريكا اعتبارا من شهر سبتمبر المقبل.

النتائج السلبية لمثل هذه القرارات تتحملها أيضا اقتصادات الدول الأخرى وأسواق المال العالمية، وأسعار النفط اليومية والتجار والمستثمرون في العديد من دول العالم، ناهيك عن ضياع فرص العمل وإقفال بعض المؤسسات التجارية من جراء هذه الحرب القائمة بين أكبر اقتصادين في العالم.

لقد تبادلت الدولتان فرض الرسوم الجمركية خلال الفترة الماضية، إلا أنهما اتفقا عند انعقاد اجتماعات الدول العشرين بأوساكا اليابان في مطلع يوليو على التهدئة واستئناف المفاوضات التجارية، ولكن يبدو أن هذه المحادثات أصبحت في مهب الريح، لتقوم الصين باتخاذ قرار خطير في هذه الظروف العصيبة بشأن عملتها الوطنية إذ سمحت بكين لـ «اليوان» -العملة الوطنية لها- بتخطي مستوى رئيسي عند سبعة يوانات مقابل الدولار لأول مرة في أكثر من عشر سنوات، فيما وصف ترامب ذلك بأنه «انتهاك كبير» مشيرا إلى أنه يسمى «تلاعبا بالعملة»، ومحذرا البنك الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) من هذا القرار الصيني.

لقد أشعلت الصين بالفعل حرب العملات لتنخفض عملتها إلى أقل مستوى لها منذ 11 عاما، الأمر الذي سيزيد من المخاوف والحروب التجارية وفي تذبذب أسعار عملات الدول الأخرى. فقد تخطت العملة الصينية بشكل مفاجئ حاجز الـ 7 يوان للدولار، وهو مستوى يعتبره بعض المتعاملين في السوق مستوى الحاجز النفسي، مما دفع إلى حصول تذبذبات في أسعار العملات العالمية.

لقد سبق للصين أن انتقدت منذ أيام مضت إعلان واشنطن عزمها على فرض رسوم جمركية جديدة على الصادرات الصينية اعتبارا من الشهر المقبل، قائلة أنها سترد بتدابير مضادة إذا تم فرض هذه الرسوم فعلا، ووصفت ذلك بأنها خطوة غير بناءة، مؤكدة أنها لا تريد حربا تجارية، لكنها لا تخشى خوضها، في إشارة لها إلى أن بكين مستعدة لتصعيد الحرب التجارية التي ألقت بظلالها على نمو الاقتصاد العالمي. أما أمريكا فقد أعاد الرئيس ترامب إلى الأذهان، بأن الصين لم تنفذ وعودها بالبدء بشراء المنتجات الزراعية من أمريكا ولم تتوقف ببيع بعض الأدوية مثل الفينتانيل المخدرة التي تتسبب الجرعات الزائدة منها، بوفاة الآلاف من سكان أمريكا سنويا، مرجحا بأن الصينيين يريدون كسب الوقت إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة لأمريكا بحيث يأتي الرئيس الجديد من الحزب الديمقراطي لإبرام صفقة تجارية جديدة مع الصين. إذا لم تتوقف هذه الحرب وتتخلى الدولتان عن اوهامهما وتحمل مسؤولياتهما تجاه العالم فان الحرب التجارية وحرب العملات سوف تستمر بينهما خلال الفترة المقبلة وستترك صورة سوداء على الاقتصاد العالمي.

وإزاء القرار الجديد للصين مقابل قرار ترامب بفرض رسوم جمركية جديدة على البضائع الصينية، فهل يمكن إعادة النظر في هذه القضايا؟؟ أم سوف تستمر الحرب التجارية إلى ما بعد الانتحابات الرئاسية القادمة بأمريكا؟؟ نقول بأن ملايين الأشخاص معرضون الان بفقدان وظائفهم من جراء ذلك اذا لم يتم الوصول إلى نقطة ترضي الطرفين.