تغطية: د. حيدر بن عبدالرضا داوود
احتفاءاً بذكرى 23 يوليو المجيد ووصول حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- إلى مسقط في 27 يوليو عام 1970، استضاف مجلس الخنجي اليوم العميد ركن طيار المتقاعد مال الله بن رستم الصادقي مساعد قائد سلاح الجو السلطاني العماني ، بحضور عدد من الشخصيات التي عاصرت ذلك اليوم وشاركت في استقبال جلالته بمطار بيت الفلج بمطرح الكبرى.
تناول الضيف في حديثه عدة محاور، منها حياة الناس قبل عام 1970 والتحاقه بالقوات العسكرية في فترة الخميسنيات، والاحداث التي مرت على البلاد في الفترة من 1960 إلى 1970، ودور القوات المسلحة وسلاح الجو في اسناد المواطنيين ببعض الخدمات والقيام بالمهام الموكولة قبل النهضة وبعدها حتى يومنا الحاضر. كما تحدث العميد مال الله عن الكيفية التي تلقى فيه المواطنون خبر استلام صاحب الجلالة لمقاليد الحكم في 23 يوليو عام 1970، والاستعدادات التي أجريت في مسقط لاستقبال جلالته في مطار بيت الفلج بروي وما قام به المواطنون من تزيين المباني والشوارع . كما تحدث عن لحظة وصول جلالته، وما شهدته السلطنة لاحقا من تطور في عملية تحديث القوات المسلحة في الوقت الذي كانت فيه يد تبني ويد تحمل السلاح لاطفاء الحرب ضد المتمردين في أحداث ظفار، ودور سلاح الجو والقوات المسلحة في تلك الحرب وغيرها من الامور الأخرى.
وبدأ العميد حديثه عن بيت الفلج وارتباط القوات المسلحة والقوات الجوية بهذا المكان، مشيرا الى ان بيت الفلج فيه فلج مائي وله ثلاثة منابع أحده يأتي من الوادي الكبير، وتلتقي هذه المنابع عند برج الاتصالات بروي حاليا، مشيرا إلى ان المرحوم السيد فهر بن تيمور رحمه الله وضع للفلج ميزانية مالية لصيانة المنبع، حيث أن الكثير من الجنود كانوا يستفيدون من تلك المياه في الاستهلاك واستخدامها في غسل الملابس والاحتياجات الأخرى، كالزراعة وتربية الماشية والاستفادة من الزرع واللحوم والحليب.
وقال أنه عند تأسيس بيت الفلج بدأت الاهالي يأتون من الاماكن المحيطة للانتساب إلى الجيش، فيما كان السيد فهر مسؤولا للتدريب والتنظيم العسكري في قيادة معسكر بيت الفلج بعد عودته وتخرجه من الكلية العسكرية بباكستان، مشيراإلى أن الجيش شارك في فتح طريق بين مطرح ومسقط وعقبة ريام والمنحنيات على الجبال المحيطة في الطلوع والنزول، حيث فجروا الجبال وقاموا بهذا الجهد الرائع.
وتحدث الطيار مال الله عن عدد من الشخصيات العمانية التي عملت معه في الجيش في تلك الفترة وممن سبقوه في هذا العمل وصاروا ضباطا مثل عبدالله سيف في نهاية الاربعينيات، وحسن حسون، وميران سبيل، ومحمد جلال ولشكران، بالاضافة إلى الشخصيات الاجنبية التي خدمت في الجيش منهم الضابط ماكسويل الذي جاء إلى عمان في عام 1932، وكان في فلسطين قبل ذلك، وصار عميد ونائب قائد ووصى بأن يُدفن في عُمان.
وأشار إلى انه انضم إلى سلاح الجو في 11 اغسطس عام 1959، ببيت الفلج براتب 60 روبية، وكان يمشي من منطقة جبروه إلى بيت الفلج عبر مرتفع شركة المطاحن حاليا للوصول إلى عمله، ثم حصل على دراجة هوائية عام 1964 للوصول إلى مقر العمل.
وحول التغيير الذي حصل في السلطنة واستلام جلالة السلطان قابوس لمقاليد الحكم، قال العميد كنت حينه أعمل ببرج مطار بسلاح الجو، ومكتبنا كان يطل على مدرج مطار بيت الفلج، حيث كان يعمل معي مجموعة من العمانيين، وكان لدينا الاتصال مع الطائرات في البحرين(المركز) ثم مع الشارقة ودبي. وكنا نعرف عن الطائرة قبل وصولها بنصف ساعة حيث نحصل على المعلومات المطلوبة. وجلالته حفظه الله وصل على الطائر الميمونFokker Friendship التابعة لـ Gulf Aviation التي نزلت بالمطار قادمة من طرف الوادي الكبير إلى منطقة بريد روي حاليا ومرورا بالمدرج الذي مقام عليه حاليا مبنى البنك المركزي العماني. وقال بأن جلالته حفظه الله وبعد أسبوع من وصوله قام بزيارة إلى سلاح الجو حيث التقينا بجلالته وجها لوجه وكنا أربعة أشخاص، مشيرا إلى أنه تعلم من جلالته خلال فترة عمله الكثير من الامور ودرس من منهجه الكثير من الحكم والعبر.
وحول تاريخ سلاح الجو العماني، أوضح العميد مال الله أن سلاح الجو تأسس بقرار رسمي في عام 1958، ووصلت الطائرات إلى بيت الفلج في اغسطس 1959، وكانت تضم 5 طائرات اثنتين منها نقل وثلاثة مقاتلات، وهي موجودة بعضها في متحف بيت الفلج حاليا. وفي تلك الفترة كان ضباط سلاح الجو يتكون من 8 ضباط بما فيهم أنا، ثم انضم لاحقا شخص عماني آخر بالاضافة إلى شخص باكستاني. وكنا في ذلك الوقت نساعد الناس خاصة في حالات الطوارئ، ونحاول النزول بالطائرات في بعض المدرجات فيما كانوا الاهالي يأتون بالمرضى على الدواب لتوصيلهم إلى مسقط. وقال بأن أول طيار عماني كان هو السيد طلال بن طارق آل سعيد، وأول ضابط مسؤول للشرطة هو ناظم علي البحراني، فيما استلم الضابط لشكران البلوشي تلك المهمة لاحقا.
وحول رتبته العسكرية، قال بأنه بدأ عمله كجندي ثم رقيب أول ثم حصلت على رتبة ضابط إلى أن حصلت على رتبة مساعد القائد، مشيرا إلى أنه حصل على عدة دورات في بريطانيا، مثل دورة ضباط الكلية العسكرية ببريطانيا عام 1971، حيث تشرفتُ بمقابلة المرحوم السيد طارق بن تيمور رحمه الله قبل سفري، وزودني بالعديد من النصائح باعتباري كنتُ أول مرة أسافر فيها إلى بريطانيا، ثم لحق بي عدة ضباط أخرى بعد شهرين من وصولي منهم السيد طلال بن طارق، وغيرهم. وقال بأنه سافر إلى البحرين في طريقه إلى لندن، حيث كانت فترة الدورة ستة أشهر، بعدها تم تعييني ضابط إداري، وفي عام 1974 قررت أن أعمل طيار مدني، مشيرا أنه بدأ الطيران كهواية، ثم التحقت بدورة طيران ببريطانيا، وبعدها تم تأسيس مدرسة الطيران بمصيرة، واخترت بأن اعمل طيار نقل لأتمكن من العمل في أكثر من موقع وكان ذلك في عام 1976، مشيرا إلى أن خدمات الطيران العسكري تطورت في السلطنة خلال السنوات الماضية ومازالت تقدم تلك الخدمات للكثير من المواطنيين والمرضى والمحتاجين.
وقال بأن الطيران العسكري كان له دور منذ بدايات هذه الحرب في أواخر عام 1963 وأوائل عام 1964، واستمرت لعدة سنوات من قبل المجموعات الشيوعية، حيث تحركت أول كتيبة إلى صلالة عام 1963، مشيرا إلى أن المساندة التي تلقتها لاحقا من القوات الاردنية (فرقة هندسية) والقوات الايرانية في بداية السبعينيات كان لها دور في إخماد تلك الاحداث، مشيرا إلى أن لكلمة جلالة السلطان المعظم عند استلامه الحكم كان لها أثرها الطيب على القضاء على هذه الحرب رويدا رويدا، حيث أكد جلالته في خطابه على ثلاث أمور هامة وهي:
• عفا الله عما سلف.
• تعالوا معا لنبني عمان.
• سـأجعل عمان دولة عصرية.
مشيرا إلى أن هذه الاحداث انتهت في 11 ديسمبر عام 1975.
وتطرق العميد في حديثه إلى عدة قضايا أخرى عاصرها قبل مجئ جلالة السلطان المعظم منها أحداث الحرب الداخلية ودور القوات المسلحة والتموين في تلك الحرب، وحرائق مدينة مطرح خاصة الحريق الكبير في اكتوبر عام 1963. كما تناول التطورات التي شهدتها السلطنة في العمل العسكري والتدريب والتأهيل للقوات المسلحة التي أصبحت اليوم نموذجا يحتذى بها في المنطقة والعالم.
ثم أجاب العميد الركن مال الله على الاسئلة التي طرحت عليه من خلال المحارو التي تناولها في الحديث.