أحلام محمد رضا
جبل من الهموم يحملها الآباء والأمهات على رؤوسهم، يخافون من المستقبل المجهول، ترى ماذا ينتظرهم من المآسي ؟! من سيهتم بهم إذا سار الزمن بخطوات واسعة ووصلوا معه إلى المرحلة العمرية التي يكونوا فيها عاجزين عن القيام ببعض مسؤولياتهم؟
أفكار كثيرة تدور في أذهان الآباء وهم يلعبون مع أولادهم ويضحكون معهم:
ترى، هل هذه الضحكة سوف تكحل أعينهم عندما يكبرون ؟!
هواجس كالأمواج تتصارع في عقولهم ولا يجدون لها حلا .
هم يزرعون الإيمان والحب والرحمة في قلوب فلذات أكبادهم لكن هل يحصدون شيئا مما زرعوه ؟!
هل سيطبق الأبناء قول الله تعالى :
” فلا تقل لهما أف ولاتنهرهما وقل لهما قولا كريما”
هل يفهمون هذه المقولة: (أمك هي جنتك )؟
إذا أردت رضا الله فاسع أولا إلى رضا والدتك .
هل يسعون إلى رضا الوالدين في المستقبل .
المعاناة التي عاشها الوالدين لتربية أبنائهم، هل أصبحت الماضي الذي يجب أن ينساه الأبناء ؟
فترة الشباب التي قضاها الوالدان في توفير سبل معيشة الأبناء وتربيتهم التربية الصحيحة، هل كانت من واجباتهم الأساسية ولاتستحق أن نشكرهم ؟
للأسف الواقع المؤلم الذي نعيشه الآن ألغى مفاهيم هذه العبارات، فالوالدان أصبحا عبءًا وثقلا على الأبناء والسؤال عنهم هو آخر مايفكرون فيه؛ لأن لذة الحياة انحصرت على الأجهزة الإلكترونية التي شغلتهم حتى عن أسرهم ، واتسعت دائرة اللذه لتشمل الأصدقاء والسفر والسياحة .
أما الوالدان فلالزوم لهما في حياتهم الآن لأن الفائدة المرجوة منهما انتهت الآن .
والسؤال الآن: متى يفكر الأبناء في ذلك الشايب الذي يجلس أمام الباب ينتظر نور أولاده ليكحل عينه برؤيتهم ؟
متى يفكر الأبناء في تلك الأم التي تمسك في يدها القرآن وتدعو لأبنائها من كل قلبها وهي تعاني من آلام شديدة ولاتجد من يأخذها للعلاج ؟!
هل من الواجب علينا بعد أن استنفذنا طاقة الوالدين في طفولتنا أن نرمي بهما في دار المسنين ؟
هل من الإنصاف أن نهمل والدينا وهما في أمس الحاجة إلينا ؟
هل نترك العجوز يمسك بيد زوجته المريضة ويبحث عن وسيلة ليوصلها إلى الطبيب ونحن نملك سيارات فاخرة ونجوب فيها بالشوارع
أين المنطق والضمير ؟ أين الرحمة والمودة ؟
لقد نجح الشيطان للأسف في تدمير حياتنا الأسرية والإجتماعية لأننا أصبحنا أمة بلا مبادئ ، أمة تتبع الشيطان في كل خطواته ،
متى ينتبه الأبناء أنهم كما يفعلون بآبائهم فأنه سوف يأتي عليهم يوم يبحثون فيه عن أبناءهم فلن يجدوهم أمامهم ،فكما تُدين تُدان . وكما فعلوا بآباءهم فسيعاملون بنفس الطريقة وعندها فقط ربما يصحو ضميرهم ويتألمون ويندمون على مافعلوه بآباءهم. وكما يُقال: (إذا فات الفوت ما ينفع الصوت )