Image Not Found

بين مسندم ومضيق هرمز

د. حيدر اللواتي – لوسيل

لا تخلو سلسلة الأخبار اليومية لمختلف وسائل الإعلام التقليدية والإلكترونية العالمية من ذكر اسم «مضيق هرمز» في نشراتها في ضوء الصراع السياسي والاقتصادي القائم حاليا بين أمريكا وبعض دول المنطقة من جهة، وجمهورية إيران الإسلامية من جهة أخرى فيما يتعلق بمواضيع عدة منها إغلاق هذا المضيق، والأسلحة البالستية الإيرانية والمقاطعة الاقتصادية وغيرها من القضايا العسكرية الأخرى. وقد زادت وتيرة التحدث عن هذا المضيق بالذات بعد إسقاط الإيرانيين للطائرة العسكرية الأمريكية المسيرة العملاقة التي تعتمد عليها أمريكا في الحصول على أدق المعلومات الاستخباراتية والعسكرية عن الدول.

فمضيق هرمز يعد اليوم واحدا من أهم المضائق البحرية في العالم، ويقع جغرافياً بين كل من السلطنة وإيران. فمن الناحية العمانية، تشرف السلطنة على هذا المضيق من خلال محافظتها الشمالية المتميزة «مسندم»، فيما تشرف إيران على هذا المضيق من الناحية الجنوبية، حيث تمتد سواحلها المائية من بحر عمان إلى مدينة البصرة العراقية مرورا ببقية مياه دول مجلس التعاون الخليجي.

محافظة مسندم تتكون من عدد من الولايات التابعة لها، وتتمتع بخاصية مميزة ألا وهي الإشراف على هذا المضيق الذي تتدفق من خلاله معظم صادرات النفط الخليجي والإيراني إلى أنحاء العالم الصناعي الغربي والدول الآسيوية كالصين واليابان والهند وتايلند وغيرها من الدول الأخرى، حيث تستمر البواخر النفطية العالمية العملاقة في التنقل ليل نهار في هذا المضيق بهدف شحن ونقل وتصدير الكميات النفطية والغاز إلى العالم. ومؤخرا شهد هذا المضيق عبور عدد من السفن الحربية الأمريكية الضخمة التي جاءت لحماية المصالح الأمريكية في منطقة الخليج نتيجة للصراع الذي أشرنا إليه في المقدمة.

محافظة مسندم شهدت خلال السنوات الماضية إنشاء عدد من المشاريع السياحية المتميزة، فيما جاءت توجيهات الحكومة العمانية مؤخرا بتقديم بعض الإعفاءات من الرسوم والضرائب لأي مستثمرٍ جديد يرغب في إنشاء مشروع سياحي بمحافظة مسندم – استثناءً من أي أنظمة معمول بها في هذا الشأن – بهدف تنشيط الجانب السياحي والعمل الاقتصادي في هذه المحافظة، حيث من المتوقع أن تشهد زخما جديدا في المشاريع بعد صدور هذه التوجيهات.

ولقد كانت هذه التوجيهات محل إشادة من المواطنين ورجال الأعمال العمانيين والشركات والمؤسسات، فقد ثمَّن قيس بن محمد اليوسف رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عمان وعدد من أعضاء مجلس إدارة الغرفة هذه التوجيهات التي ستؤدي حتما إلى تنشيط السياحة في هذه المحافظة، واستغلال المقومات الفريدة التي تتميز بها لتحقيق وتعزيز صور التنمية الشاملة في المنطقة لتبقى منطقة أمن وسلام وترفيه للجميع.

إن الخطة التي اتخذتها الحكومة العمانية تجاه هذه المحافظة ستعمل على تعزيز العمل الاقتصادي والاستثماري، وترفع من مستوى المساهمات الاستثمارية للقطاع الخاص والمستثمرين، فضلا عن تعظيم الاستفادة من الموقع الجغرافي للسلطنة، بالإضافة إلى استغلال خصوصية التضاريس التي تتمتع بها لإنشاء المشاريع السياحية المتميزة مستقبلا.

ولا يستبعد المرء بأن تتحول هذه المنطقة التي يتحدث عنها العالم بأنها منطقة صراع إلى منطقة سلام وأمان ليس للعمانيين فحسب، بل لجميع أبناء الدول التي تطل وترتبط بهذا المضيق الحيوي، فالسلام هو الذي يأتي بالنتائج الاقتصادية الإيجابية لأبناء المنطقة، وهذا ما يتطلب العمل به من قبل الجميع.