Image Not Found

نتائج الحملة الترويجية للدقم بروسيا

حيدر بن عبدالرضا اللواتي – عُمان
[email protected]

يزداد عدد اتفاقيات الانتفاع الموقعة بين هيئة المنطقة الخاصة بمدينة الدقم الاقتصادية من جهة والمستثمرين الأجانب من جهة أخرى في إطار الحملات الترويجية التي تنظمها الهيئة مع الشركات الأجنبية الراغبة بالاستثمار في هذه المنطقة الاقتصادية الحرة التي تأسست في أواخر عام 2011، لتتولى إدارة وتنظيم وتطوير جميع الأنشطة الاقتصادية في هذه المنطقة.

ومؤخرا أطلقت الهيئة حملة ترويجية جديدة في العاصمة الروسية «موسكو» بحضور المسؤولين في عدة شركات صناعية وخدمية تعمل في بناء السفن وسكك الحديد وفي مشاريع تقنية النانو، بجانب عدد كبير من رجال الأعمال ورؤساء تنفيذيين للشركات التي تعمل في قطاعات الصناعة والسياحة والبتروكيماويات وغيرها من القطاعات الاقتصادية الأخرى. وتعد هذه الحملة الترويجية الأولى من نوعها في روسيا، وتأتي في ظل الطلب الملحوظ من الشركات الروسية لاستكشاف السلطنة بوصفها دولة واعدة، فيما تمثّل هذه المنطقة للكثير من المستثمرين الآخرين منطقة اقتصادية مهمة نجحت في فترة وجيزة من الزمن أن تستقطب استثمارات عربية وعالمية كبيرة لتصبح اليوم مركزاً مثالياً للاستثمار.

فهذا المشروع الحيوي الواقع على مسافة 550 كيلومتراً وسط جنوب العاصمة مسقط يعتبر اليوم واحداً من أكبر المشاريع الاقتصادية التي تنفرد بها السلطنة في المنطقة. وتسعى المنطقة لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، والتوسع في إعادة التصدير، وتوفير المزيد من الأعمال للعمالة الوطنية بجانب تفعيل التوسع العمراني لمدينة الدقم الحديثة، بحيث أصبحت اليوم من الأماكن المفضلة بالشرق الأوسط، سواء للسياحة أو العيش، أو العمل والاستثمار. وقد أنفقت الحكومة مليارات الدولارات على تطوير البنية التحتية للمنطقة المحيطة في هذه الولاية التي يعمل معظم أهلها بالصيد لتصبح منطقة نشاط اقتصادي كبير، وتعمل على جذب شركات أجنبية لتأسيس عشرات الشركات وتوفير آلاف فرص العمل للعمانيين. وقد اكتسبت سمعة دولية كبيرة خلال السنوات القليلة الماضية نظرا لموقعها الجغرافي المهم، وما تتمتع بها من مقومات وتضاريس وموارد تعدينية ومعدنية ومقومات سياحية وسمكية هامة يمكن أن تشكّل أساسا للكثير من الصناعات مستقبلا.

معالي يحيى بن سعيد الجابري رئيس مجلس إدارة هيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم أكد في كلمته في افتتاح المنتدى العماني بروسيا أن هذه الحملة الترويجية تأتي في ظل توجه البلدين الصديقين إلى تقوية علاقاتهما الاقتصادية وزيادة التبادل التجاري، وفتح آفاق أوسع للشركات الروسية التي ترغب بالاستثمار في المنطقة الاقتصادية، وفي ظل سعي الهيئة لاستقطاب الشركات الروسية الكبرى للاستثمار بها، مشيرا إلى أن المنطقة تشهد إقبالا كبيرا للاستثمار من قبل عدد من الشركات من مختلف دول العالم. وتعد الحملة الترويجية بروسيا الثانية من نوعها لهيئة الدقم خارج السلطنة خلال العام الجاري بعد الحملة المماثلة التي أطلقتها بنيودلهي بالهند في شهر يناير من العام الحالي.

لقد شهدت المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم خلال السنوات الماضية حراكا اقتصاديا واستثماريا كبيرا حيث كانت هناك زيادة في عدد اتفاقيات الانتفاع الموقعة في عام 2018 بواقع 70 اتفاقية وفق التقرير الصادر عن الهيئة. وتوزعت تلك الاتفاقيات في القطاعات الصناعية والسكنية والتجارية والأنشطة اللوجستية والسياحية والسمكية. وتستهدف الحملة الأخيرة في السوق الروسي جذب عدد من الشركات الروسية المتخصصة في القطاعات الاستثمارية المقامة بالدقم كشركات بناء السفن، ومجمعات التكنولوجيا، والشركات الصناعية الكبرى، بالإضافة إلى تسهيل التبادل التجاري فيما بينها، فيما يؤكد المسؤولون في الهيئة على أن هناك العديد من المبادرات التي طرحتها السلطنة لتسهيل فرص التبادل التجاري بين السلطنة وروسيا خلال الفترة الماضية مثل توفير خدمة التأشيرة الإلكترونية (EVisa)، وقيام الطيران العماني بتسيير رحلات مباشرة بين مسقط وموسكو مؤخرا. وهذه الأنشطة والأعمال – بلا شك- بجانب الدعم المتواصل الذي تقدمه الجهات المختصة في روسيا وللمبادرات بالإضافة إلى الزيارات المتبادلة بين المسؤولين الحكوميين من كلا البلدين، وتنظيم الملتقيات ستعمل جميعها على تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين مستقبلا.

لقد أشارت السلطنة مرارا إلى الأهمية التي تتمتع بها المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم منذ أن تم التخطيط لها باعتبارها واحدة من الاستراتيجيات الوطنية الرئيسية للتنويع الاقتصادي التي وضعتها السلطنة لنأي نفسها من الاعتماد المتواصل على القطاع النفطي، في الوقت الذي تعمل فيه الحكومة على تشجيع القطاع الخاص على القيام بدوره في توسيع أعماله في هذه المنطقة في إطار المشاركة، الأمر الذي يتطلب من المؤسسات الحكومية تسهيل مهام هذا القطاع وأعماله التجارية والاستثمارية والابتعاد عن خلق أية عوائق بيروقراطية أمام المؤسسات والشركات التي ترغب في عملية الاستثمار سواء في هذه المناطق أو غيرها من المحافظات العمانية الأخرى. وهذا كفيل بتحقيق المزيد من التنمية الاجتماعية والاقتصادية المتوازنة في مختلف أنحاء السلطنة، خاصة في هذه المنطقة التي تتمتع بموقع استراتيجي فريد في المنطقة، بجانب ما تتمتع بها السلطنة عموما من استقرار سياسي يؤهلها بأن واحدة من كبريات المراكز التجارية والصناعية في المنطقة.
لقد وفرت المنطقة الاقتصادية بالدقم خلال السنوات الماضية العديد من فرص العمل، حيث يعمل هناك اليوم أكثر من 9 آلاف عامل في الشركات العاملة من بينهم 1500 عماني. وخلال العامين الماضيين شهدت المنطقة توفير فرص عمل جديدة وبواقع 775 وظيفة للعمانيين والأجانب وذلك من خلال بعض المشاريع التي يتم إنشاؤها منها مشروع شركة مصفاة الدقم، ومشروع تأسيس مشروع البتروكيماويات، ومشاريع صناعية لمستثمري دول مجلس التعاون الخليجي، بجانب مشاريع سياحية التي ازداد عددها منذ أن تم التشغيل الفعلي لمطار الدقم، الأمر الذي أدى إلى تعزيز الحركة السياحية إلى هذه الولاية خاصة من الدول الأوروبية.

لقد أصبحت المنطقة تتمتع اليوم بوجود بنية أساسية متكاملة، فيما يجري العمل للانتهاء من المرحلة الأخيرة للمشاريع المرتبطة بالميناء، بحيث يبدأ التشغيل المتكامل له في عام 2020. كما قامت الهيئة بتعيين شركات استشارية متخصصة للترويج للفرص الاستثمارية في المخططات الصناعية والتجارية والسياحية والميناء والحوض الجاف بالدقم، وتعمل من جانبها بالتسويق المباشر المخصص لهذه المشاريع لتعزيز الأعمال التجارية والصناعية خلال الفترة المقبلة. وخلال السنوات الماضية نجحت الهيئة في إقامة مشروع المدينة الصناعية الصينية العمانية بالدقم حيث من المتوقع أن يتجاوز حجم الاستثمارات في هذا المشروع الـ 10 مليارات دولار أمريكي حتى عام 2022، ولا يُستبعد بأن تشهد هذه المنطقة توقيع اتفاقية مماثلة من الروس لإنشاء منطقة صناعية وخدمية أخرى، خاصة وأن الاستثمارات الروسية تتحرك هي الأخرى شرقا وغربا لتعزيز تواجدها في العالم أسوة بما تقوم به الشركات الصينية والأمريكية والأوروبية في مثل هذه المناطق المفتوحة في العالم.

إن منطقة الدقم الاقتصادية لها عدة مزايا أخرى منها قربها من الأسواق الآسيوية والإفريقية وأسواق دول مجلس التعاون الخليجي، حيث إن ذلك يمثّل عوامل تحفيز وجذب رئيسية للمستثمرين من أنحاء العالم لإقامة أعمالهم الاستثمارية في هذه المنطقة، الأمر أدى برئيس مجلس إدارة الهيئة بتوجيه الدعوة للشركات الروسية للاستثمار في الدقم، مؤكدا أن المنطقة تتوفر بها بنية أساسية جيدة ومشجعة للاستثمار كميناء الدقم متعدد الأغراض والحوض الجاف لإصلاح وصيانة السفن ومطار الدقم وغيرها من البنى الأساسية الأخرى، بالإضافة إلى التشريعات المشجعة للاستثمار التي تبنتها الهيئة، داعيا رجال الأعمال في روسيا إلى الاستفادة من الفرص الاستثمارية المتوفرة بالسلطنة بشكل عام والمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم بشكل خاص.