د. حيدر اللواتي – لوسيل
شهد قطاع التأمين في المنطقة خلال السنوات الخمس الماضية عدة تطورات نتيجة للقوانين التي شرعتها منها توفير التأمين الطبي للعمالة الوافدة. فهذا القطاع الحيوي يحتاج اليوم إلى كوادر وطنية من مختلف المستويات التعليمية في ضوء وجود العمالة الاسيوية الوافدة، بهدف تعديل نسب التوظيف التي تميل لصالحها. وهذا الأمر لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال التأهيل والتدريب للكوادر الوطنية والعمل تدريجيا على احلالهم محل الوظائف التي تشغلها الكفاءات الوافدة.
إن المجتمع الخليجي مجتمع فتي يغلب عليه نسب الشباب التي تتراوح أعمارهم ما بين 20 إلى 25 عاما. ففي المجتمع العماني، على سبيل المثال، نجد أن أكثر من 45% من السكان تقل أعمارهم عن 20 عاما، وتبلغ نسبة الذين يبلغون من العمر ستين عاما فأكثر فقط 6% وفق بيانات عام 2016، فيما يبلغ متوسط حجم الأسرة العمانية 7.8 فرد. ومن المتوقع أن يتضاعف أعداد السكان العمانيين خلال 25 إلى 30 سنة المقبلة نتيجة لمعدلات الخصوبة والوفاة الحالية لهم. ونفس هذه السمة يمكن أن نطلقها على بقية دول المنطقة، في الوقت الذي يزداد فيه أعداد الخريجين من حملة الشهادات الجامعية الباحثين عن عمل.
كما أن المنطقة شهدت خلال السنوات الماضية تأسيس المزيد من الشركات المساهمة العامة في قطاع التأمين، في الوقت نفسه نرى أن عدد المستشفيات الخاصة والمراكز الصحية بدأت تتسع في مختلف الدول بهدف تلبية احتياجات المواطنين والوافدين من الخدمات الصحية. وهذا الأمر يتطلب من الجهات المعنية تنظيم المزيد من البرامج التدريبية لتأهيل الشباب الخليجي لمسايرة ومواكبة الاعمال في هذا القطاع الحيوي. فتأهيل وتدريب الشباب الخليجي للعمل في قطاع الصحة والتأمين والأعمال المرتبطة بهما أصبح في غاية الأهمية.. والجهات المعنية على هذا القطاع تأخذ على عاتقها اليوم تنظيم الفعاليات والدورات التدريبية بالتعاون مع المؤسسات الخاصة التي تعمل في هذا القطاع من شركات وسماسرة ووكلاء التأمين.
اليوم نجد أن هناك زيادة في حجم الاقساط التأمينية في المنطقة، بحيث أصبحت أقساط التأمين الصحية تفوق أقساط تأمين المركبات التي كانت إلى وقت قريب هي التي تأتي في المرتبة الأولى. ففي عمان على سبيل المثال، نجد أن إجمالي أقساط التأمين بلغ حتى نهاية 2018 حوالي 463.495 مليون ريال عماني، منها 152.298 مليون ريال كانت عبارة عن مجموع أقساط التأمين الصحي مشكلا ما نسبته 37.7% من إجمالي أقساط التأمينات العامة. وهذا النمو في قطاع التأمين يمثل تحديا أمام الجهات المشرفة عليه من أجل إيجاد التوازن في محفظة قطاع التأمين وتنويع المخاطر، بجانب مواجهة التحديات الأخرى المتمثلة في ندرة الكفاءات الفنية والإدارية الخليجية التى يمكنها أن تدير محفظة التأمين، خاصة الصحي منها، فيما يحتاج المجتمع الخليجي إلى مزيد من المستشفيات الخاصة والمعدات والأطباء المتخصصين لمواجهة الطلب الزائد على هذا القطاع. في وجود نسب كبيرة من العمالة الوافدة.
وأتوقع بأن تشهد المرحلة المقبلة تنظيم المزيد من البرامج التدريبية والتأهيلية في قطاع التأمين من قبل الجهات المعنية في المنطقة لتحديد الاحتياجات التي تساعد في بناء الخطط وتمكين الكوادر الوطنية الخليجية من الانضمام لهذا القطاع وتأهيلهم وتعزيز قدراتهم الفنية والإدارية.