د. طاهرة اللواتية – عُمان
تتميز مجتمعاتنا الخليجية بأنها مجتمعات شابة، تزداد نسب الشبيبة والشباب فيه، وهي ميزة كبيرة جدا لا تملكها العديد من المجتمعات، وتبذل الغالي والنفيس كي تحقق هذه الميزة، فالشاب هو الأقدر على أن يكون أداة التنمية المهمة للمجتمع، لكن في الوقت نفسه هو هدفها.
وبمجرد أن يتخرج الشاب ؛ فإنه يبحث عن تحقيق هدفين مهمين ؛ كي يشعر بالاستقرار النفسي والاجتماعي، ويتمثل ذلك في الحصول على وظيفة تناسب ما درس وتخصص فيه، وصرف عليه عمرا على مقاعد الدراسة، فالوظيفة تشعره بالاعتماد على الذات والاستقلال والرسوخ والقدرة المادية، وبأنه يستطيع أن يعيش حياته ويحقق ذاته وكينونته، أما الهدف الثاني فهو الزواج وتكوين أسرة، فالزواج عند الشاب من أهم الأمور التي تحقق له الاستقرار النفسي والاجتماعي. ولا يمكن أن يتزوج بدون إيجاد منزل الزوجية المناسب.
بعد تحقق هذين الهدفين الأساسيين والمهمين جدا في حياة أي إنسان، يبدأ المشاركة الجادة والحقيقية في بناء مجتمعه وتنميته، وحسب علماء النفس، فإن تحقيق حاجات الفرد الأساسية هو الطريق الوحيد كي يصبح عضوا فاعلا منتجا في مجتمعه، فتحقق الحاجات هي الأرضية التي ينطلق منها الشاب لخدمة وبناء مجتمعه.
لذا كلما تأخر تحقيق هذين الهدفين كلما شعر الشاب بالإحباط ، وانه لا يعيش حياته، فحاجته للمال، وحاجته للاستقرار العاطفي والاجتماعي تضغطان عليه بشدة وقوة، فيفقد توازنه النفسي وقدرته على التفكير الصائب والقرار والتصرف الصائب، ويفقد قدرته على أن يعيش طبيعيا وسط هذه الدائرة التي تحاصره ليل نهار، ومن هنا تأتي الخطورة ؛ فالشاب غير المستقر ماديا وعاطفيا قد يتحول إلى قوة تدميرية هائلة لنفسه ولمجتمعه على السواء.
انها قوانين الحياة، فهكذا خلقنا، وبدون تحقيق الحاجات الأساسية للإنسان لا يمكن أن نطالبه بأن يكون قوة بناء فاعلة في المجتمع.
لذا على الشباب السعي والبحث عن فرص الحياة الكريمة وهي موجودة، تقلبات أسعار النفط وتقلبات الاقتصاد في أي مجتمع لا يمكن أن تبرر عدم تحقق هذين الهدفين للشباب.