د. حيدر بن عبدالرضا اللواتي
نتعلم الكثير من بعض الناس في مشوار الحياة التي نعيشها. فهؤلاء الأشخاص يتركون بصمات من الصعب نسيانها. واعترف بأنني تعلمت واستفدت كثيرا من العلاقة الاخوية الحميمة التي ربطتني بمعالي الدكتور فؤاد بن جعفر ساجواني بعد التحاقي بالعمل بالبنك المركزي العماني،
حيث عند انضماني للبنك بشهر مارس 1996 كان هو مبعوثا لتكملة دراسته في مجال الدكتوراة بيريطانيا. وبعد رجوعه من الدراسة التقيت به عن قرب ليصبح لاحقا رئيسا للجنة إدارة تحرير مجلة المركزي التي كانت تصدر إلى عهد قريب من البنك، وليصبح هو لاحقا نائب رئيس بالبنك المركزي لقطاع الموارد البشرية والتدريب ورئيسا لمجلس ادارة كلية الدراسات المصرفية والمالية.
تعلمت منه الكثير خلال عملي مع معاليه في تلك الفترة، وكان ضمن أحد الاوصياء الذين خاطب الجامعة التي اخترتها لتمكيني من مواصلة دراسة الماجستير الا وهي جامعة برلين الحرة بجمهورية ألمانيا الديموقراطية.
وخلال ترأسه لمجلس ادارة الكلية نشطت أعمالها الإدارية والتعليمية وخاصة في مجال الدراسات العليا : “الماجستير” الأمر الذي أدى إلى التحاق الكثير من العمانيين للحصول على هذه الشهادة. وكان يوجه الجميع بضرورة اختيار أجود المواضيع التي تهم الاعمال المصرفية والمالية ويتابع كل الاعمال التي كانت تؤول إليه.
عرفته رجلا صادقا وباسما وصبورا وموجها للعاملين معه. وكان يدفع الآخرين في عملية البحث العلمي بجانب انه عرف عنه انه يتحمل الضعوطات الناجمة عن العمل. وعندما اتخذ قراره بالمشاركة بمجلس الشورى استقال من العمل بالبنك المركزي تمهيدا لتقديم ترشيحه في انتخابات المجلس عن ولاية مطرح. هذه الخطوة دفعته لتشكيل فريق عمل لهذه الغاية لاتشرف لاحقا بالعمل معه ضمن هذا الفريق لتنظيم الانتخابات. وبالفعل فاز في تلك الإنتخابات بالمركز الأول عن ولاية مطرح ليصبح لاحقا رئيسا للجنة الاقتصادية بالمجلس. ثم جاء المرسوم السلطاني السامي ليصبح وزيرا للزراعة والثروة السمكية، الأمر الذي دفعه لتطوير هذه القطاعات بصورة غير معتادة نتيجة فهمه لتلك القضايا والمامه باللغتين العربية والإنجليزية ومعرفته لقواعد الاقتصاد والإنتاج والاحصاء والتسويق بجانب الإدارة والأساليب المتبعة لتطوير تلك السياسات.
رجل تميز بالخلق والذوق والحوار حتى مع الذين اساؤوا لمعاليه في حوارهم بمجلس الشورى حين كانت اجاباته لهم تتميز بالأدب والحكمة والاحترام.
حياته العملية اتسمت بالنشاط والحيوية والكل يذكر زياراته المتكررة لمواقع العمل والمشاريع التي كانت تتبع وزارته لتبدأ هذه الحقول في الإنتاج بالرغم من محاولات البعض تثبيط همة هذا الرجل من خلال النقد غير البناء لبعض سياساته تجاه الزراعة والأسماك. اليوم كل شخص يعرف جيدا بأن هناك الكثير من التغيير الذي شهدته الوزارة في أعمالها في وجود رجال ووكلاء متفاهمين معه بحيث ساهم الجميع في زيادة الإنتاج والوفرة في المحاصيل الزراعية والمنتجات السمكية والغذائية والحيوانية غير تلك التي يتم تصديرها للعالم الخارجي.
لم يهدأ في حياته منذ أن كان طالبا في المراحل الدراسية الاولى بدولة الكويت الشقيقة التي تخرج من مدارسها . وكان من الشخصيات التي تهتم بالرياضة والثقافة منذ مرحلته الدراسية الأولى حيث تمكن من تاسيس فريق كرة القدم باسم العمانيين في دولة الكويت، وليصبح في العهد الزاهر لجلالته حفظه الله ورعاه في بداية السبعينيات من القرن الماضي رئيسا لنادي النهضة (القادسية) سابقا بولاية مطرح.
رجل ينطبق عليه قوله تعالى: “يؤتى أكلها كل حين” ورجل نظيف كان من اوائل الاشخاص الذين بادروا بتسجيل ما لديه من الثروة والعقار عند تسليم العمل بوزارة الزراعة والثروة السمكية.
رجل متواضع لم تغيره المسميات الوظيفية ولا قوة الكرسي الذي شغله مؤخرا. لذا فإن هذه السطور نابعة في ذكر محاسن واخلاق هذا الرجل. والرجال قليلون مثله في هذه الحياة.