د.طاهرة اللواتية
[email protected]
في هذه الحلقة سأوضح رأي علماء المسلمين في ترشح المرأة للبرلمانات او مجالس الشورى في البلاد العربية والاسلامية.
فاذا بدأنا بالمرجع السيد السيستاني حفظه الله ، فقد اجاب عن سؤال وجه إليه برسالة من سلطنة عمان انه يجوز للمرأة ان تترشح لمجالس الشورى ( مرفق) وأجاب عن سؤال آخر في الرسالة نفسها بأن الواجب على الناخبين اختيار الاكفأ من المرشحين الرجال والنساء دون النظر لأي اعتبارات أخرى (مرفق) وهذه نظرة تقدمية من السيد حفظه الله. ويجوز السيد المرجع محمد سعيد الحكيم ذلك لدى سؤالى له عن ذلك ، وكذلك يجيزه المرجع الشيخ الفياض. وكذلك المرجع السيد محمد حسين فضل الله رحمه الله ، وايضا الشيخ محمد مهدي شمس الدين.
وكان رأي سماحة مفتي السلطنة احمد الخليلي واضحا جدا حول جواز ترشح المرأة في مجلس الشورى (مرفق)
أما علماء الأزهر الشريف فيجيزون ذلك ، وليس أدل على ذاك من وجود المرأة في البرلمانات العربية الاسلامية ، وعلى رأسها برلمان مصر والباكستان وتركيا. اما في الجمهورية الاسلامية في ايران ؛ فان المرجعين السيدين الخميني والخامنئي يجيزان ذلك ، لذا تتواجد المرأة الايرانية في البرلمان الايراني بكثافة . ولا تشذ المدرسة السلفية عن ذلك ، لذا تتواجد المرأة في مجلس الشورى في السعودية . وهكذا يتفق علماء المسلمين بكافة مدارسهم الفقهية على جواز ترشح المراة وتواجدها في البرلمانات ومجالس الشورى.
دار الحديث عند البعض حول جواب ورد لسماحة المرجع السيد الخوئي رحمه الله قبل اكثر من أربعين عاما ، في معرض رده على سؤال ورد اليه من الكويت في تلك الفترة . وذكر الشيخ التبريزي هذه الاجابة في كتابه صراط النجاة. ولتعقب ملابسات رأي السيد الخوئي رحمه الله لجأت الى سؤال بعض من يعرف ملابسات الامر في النجف الاشرف وقم المقدسة من المجتهدين والفقهاء ، وكان من هؤلاء الفقيهة المجتهدة والعالمة الدكتورة علاسوند عضوة الشورى العالية في طهران وقم .
وقبل أن أبدأ بعرض حديثها وسيكون بين الاقواس ، وجب علي التنويه الى ان الكلام الآتي ليس كلامي ، فأنا أؤمن بالتخصص وبأن يحترم الانسان تخصصات الآخرين ، وخاصة تخصص علماء الدين في الشريعة والفقه والأصول. وأؤمن بأنه لايحق لأحد ان يتكلم في الفقه الا علماؤه الذين قضوا زهرة أعمارهم وهم يدرسون اصول الفقه ومبانيه ومعانيه ، ويجيلون النظر في القضايا الفقهية . فلا الاعلامي يستطيع التحدث في الفقه ولا من درس الادب او الطب او الرياضيات او الفلسفة يستطيع التحدث في الفقه ، والا سادت الفوضى الفقهية ، وسادت فوضى الفتاوى ، فللفتوى ناسها الذين يتصدون لاصدار الفتاوى، ومناقشتها والتحاور حولها؛ وهم المجتهدون والمراجع حصرا ولا أحد غيرهم .
تقول الفقيهة المجتهدة الدكتورة/ علاسوند العضوة في الشورى الثقافية العالية في مدينتي قم وطهران : “ان العلماء والفقهاء لم يتفقوا في الرأي عما نقل عن السيد الخوئي رحمه الله بخصوص عدم جواز مشاركة المرأة كعضوة في تمثيل من ينتخبها في مجلس الشورى وذلك بالنحو الآتي :
اولا :باعتبار مسأله مشاركة المرأه في التمثيل في مجلس الشورى ،من المسائل المستحدثه ، وكذلك ليس عندنا دليل قطعي على المنع ؛ لانها ليست من شقوق القضاء ( والذي استظهر من الادلة اشتراط الذكورية فيها) فاذا كان الاصل الاباحة؛ فرفع اليد عن الاباحة يحتاج دليلا يثبت المنع، وهو غير موجود. والاحتمال الاخر ان تكون الفتوى من باب الالتزام بذوق المتشرعة ( كما افتى السيد الخوئي في شرط الذكورية في المرجعية).
وهو بنفسه يعرف ان هذا ليس بدليل ، فذوق المتشرعة ليس بدليل يمكن نسبة الموقف الشرعي الالهي اليه.
ثانيا: وهذا يجعلنا نفهم ان فتوى السيد الخوئي والميرزا جواد المذكورة في كتاب صراط النجاة فتوى تنزيليه( اي انزال المشاركه في مجلس الشورى بمنزله القضاء ، وقيادة الامة والولاية العامة) وهذه تحتاج لدراسة موضوع التمثيل في مجلس الشورى ، وهل هو من سنخ الولاية او الوكالة ، وليس دور المرجع الرؤية في المواضيع. ان كل الشواهد والممارسات في مجالس الشورى تدل انها وكالة وليست ولاية .فالولي یتسلط علی المولى علیه فی نفسه و ماله . لكن الوکالة تفویض من جانب الوکیل في حدود ما وكله عليه . فالناس الذین ینتخبون المرشحين ، یعطونهم الوکالة لان یضعوا القوانین علی حسب احتیاج الحکومة، وهذه القوانین لاتنفذ الا بعد ابرامها من الحاکم الشرعي أو ولي الفقيه . والمراد انه لایوجد ای دلیل علی المنع الا القول بان الترشح هو الولایة؛ وفي الحقيقة التمثيل في مجلس الشورى وكالة وليس ولاية. فماالفارق بين التمثيل في مجلس الشورى، والتمثيل في اي مؤسسة اجتماعية بعد توكيل الناس للمرشح وباختيارهم . وان التشریع فی رأي السيد الخوئي وكلامه یعنی ان اصدار القانون في مجلس الشورى يعد من القانون الالهی، ونحن لانقول بذلك ، ولایتفق ذلك مع أدوار مجلس الشوری المعروفة للجميع.
ثالثا: التجربه العملية في الجمهورية الاسلامية ؛ فان مجلس الخبراء هم٨١ مجتهدا اغلبهم يمثلون مدرسة السيد الخوئي رحمه الله ، ونعرف اكثرهم وقد ناقشوا هذه المسأله. واستوفوا كل الادلة ،ولم تصدر عنهم فتوى المنع، فالمرأة الايرانية متواجدة في مجلس الشورى منذ نشوء الجمهورية الاسلامية. وهي متواجدة في مجالس الشورى في جميع الدول العربية والاسلامية بلا استثناء.
ولهذا يجعل الميل الى ان فتوى السيد الخوئي رحمه الله جاءت كحكم ثانوي في ظروف معينة ، وهو الاقرب لمنهج الاستدلال الاصولي للسيد الخوئي. فكلام السيد الخوئي أمر تاریخی وثقافی، متأثرا کلامه قدس سره بالظروف الثقافیة في تلك الفترة البعيدة. وهذا يتبين لدى تتبع هذه المسألة تاريخيا، وظروفها لديه في تلك الفترة . ولایوجد فی کلام السید الخوئی رحمه الله ای دلیل شرعی علی المنع ، فالفتوی عادة تستند الی الادلة الاربعة. وهي القرآن، السنه، الاجماع والعقل. ”
وتكمل الفقيهة المجتهدة علاسوند :”واخيرا نحن نعيش مشاکل عدیده فی البلاد الاسلامیة، و من جهه اخری توجد عندنا كفاءات نسائية ، ونساء عالمات بالاحكام الشرعية ومتخصصات في المجالات التي يمثلن الناس فيها . فلا مشكلة لدخول المتخصصات والمؤهلات فی مجالس الشوری التی تقوم بحل المشاکل الفردیة والاسریة والاجتماعیة ؟
واكملت المجتهدة :ونتعجب من طرح هذا البحث في مثل هذا الوقت رغم ان مجتمعنا الاسلامي يواجة مشاكل كثيرة ، فنحن نعود الى نقطه الصفر ، ونعارض أصل دخول المرأه الكفؤة المختصة في مجلس الشورى .
واكملت :نعم في سنوات خلت لم توجد نساء عالمات مؤمنات ومتخصصات وكفوءات او يعرفن في الاحكام الشرعيه ، ومن هذه الجهه( فقد الاهلية) لم يسوغ بعض العلماء ، ومنهم الامام الخميني للنساء دخول مجلس الشورى ولكن هذا في زمن الشاه ،وليس لقصورهن او لحرمةالترشح ؛ بل لان الشاه كان سيستفيد من وجودهن بشكل سيئ، لان ترشح المرأة واشتراكها في الدور الاجتماعي كان وقتها صرف شعار وايهام للناس وتزييف واستغلال للمرأة.
وظهر من طلاب الامام الخميني من حاول الاستفادة من راي الامام هذا، واستندوا على دليل آية القوامية بتبرع من عندهم.
ولكن الامام لم يؤيدهم أبدا ، وبعد نشوء الجمهورية الاسلامية قال بصراحة يجب ان تدخل المرأة في كل المجالس فضلا عن المشاركة في الانتخابات.”
واكملت الفقيهة المجتهدة علاسوند : ” ان تصدي المرأه لحل المشاكل الاجتماعية وغيرها لايختلف عن تصدي الرجل؛ وهناك حكم فقهي واضح وصريح للسيد الخوئي رحمه الله حول تصدي المرأة لمعالجة المشاكل المختلفة ومنها السياسية ، كما فعلت السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها وابنتها العقيلة زينب مهما تعرضن للأذى ( مرفق) وهي نظرة متقدمة من السيد الخوئي قدس سره لأدوار المرأة التربوية والاجتماعية والسياسية في المجتمعات الاسلامية.”
وأضافت المجتهدة الفقيهة: ” لو تنزلنا وقلنا انها فتوى بحكم أولي ؛ فقد اختلف فيها الفقهاء؛ وفتوى السيد السيستاني وغيره من الفقهاء بالجواز واضحة وصريحة ، والمرأة العراقية متواجدة في البرلمان العراقي ؛ فما الملزم باخذ رأي فقيه غير موجود منذ ٢٧ عاما في مسائل مواضيعها مستجده متغيرة متطورة.”
الى هنا ينتهي كلام المجتهدة الفقيهة علاسوند ، وقد أوردته كما هو بدون أي تغيير او اضافة .ومن يرغب بالتواصل معها ليتأكد من حديثها، فيستطيع التواصل معي لتزويده بعنوانها ورقم هاتفها.