د. حيدر اللواتي
ينال حدث «ساعة الأرض» السنوي اهتماما عالميا منذ أن تم تخصيصه قبل عدة سنوات من أجل المساهمة في حماية البيئة. وقد صادف هذا الحدث العالمي يوم السبت الماضي حيث أطفأت العديد من الدور والمقار والمباني المشهورة والمتميزة في كل دولة أنوارها احتفاء بهذا الحدث السنوي الهام. ويتحقق كل ذلك من أجل تعزيز الإجراءات العملية لحماية المناخ والبيئة وظاهرة ارتفاع درجة حرارة الأرض وتقلّص التنوع البيولوجي، بالإضافة إلى تثقيف الشعوب بالقضايا المتعلقة بالمناخ وغيره من الأمور التي ترتبط بالمحافظة على الحياة البرية والبحرية وطبقات الجو وكل ما يعيش على سطح المعمورة وغلافها الجوي.
ومنذ انطلاقة هذا الحدث في أول نسخة له عام 2007 فإن الشعوب والحكومات والمجتمع المدني والمنظمات البيئية المعنية تبدي حرصا وعلى رأسها الصندوق العالمي للطبيعة البيئية الذي تمكن من جمع 180 دولة ومنطقة للاحتفال بهذا الحدث، الأمر الذي يدفع بتلك المؤسسات إلى اتخاذ المزيد من الإجراءات التي تتم بشأن التغير المناخي السريع في العالم، ومجابهة التهديدات الناجمة عن النشاط البشري في المجالات الصناعية والمعدنية والتكنولوجية وغيرها. ومما لا شك فيه فإن هذه الأعمال تساعد وتعزّز في الوقت نفسه حماية سبل العيش الطبيعية للبشر والحيوانات في أي بقعة من العالم بمشاركة الملايين من الشعوب.
إن ساعة الأرض أصبح اليوم حدثاً عالمياً سَنوياً هدفه تشجيع الأفراد من الرجال والنساء والأطفال وكل من يعيش على الكرة الأرضية بضرورة إطفاء الأضواء والأجهزة الإلكترونية غير الضرورية لمدة ساعةٍ واحدة ليلا وبتوقيت الدولة المحلي. وتعتبر مدينَة سيدني الأسترالية أول مدينة تبنت هذا المشروع البيئي، وانطلقت حملاتها لتضم اليوم آلاف المدن والقرى في العالم. والهدف من ذلك في حياتنا المعاصرة هو تشجيع الأفراد والمؤسسات على اتخاذ مبادرات لترشيد استهلاك الكهرباء والمياه يومياً ومحاربة التلوث خاصة في منطقتنا التي لا يكثرث أبناؤها بأهمية الترشيد والاستهلاك، وإنما الكثير منا يتوجه نحو التبذير والإسراف وعدم الإسهام في عمليات إعادة التدوير وترشيد الاستهلاك بصفة عامة. ومن هذا المنطلق فإن الصندوق العالمي للطبيعة له العديد من المبادرات التي يقدمها للأفراد والمنظمات والشركات والمدارس والجامعات وغيرها منها العمل على اتخاذ التدابير اللازمة للمشاركة في ساعة الأرض، وعلى رأسها إطفاء الأضواء غير الضرورية لمدة ساعة واحدة، الأمر الذي يساهم في تعزيز نشر الوعي بهذا الحدث. فإطفاء الأضواء غير الضرورية له نتائج عدة في تغيير مفهوم التغير المناخي، الأمر الذي يساهم في خلق مفهوم الطاقة المستدامة.
وفي العالم نرى اليوم أن ساعة الأرض تؤدي ببعض المؤسسات مثل المطاعم والمقاهي في تشغيل الشموع والأجهزة اليدوية للإضاءة، إيمانا منها بأهمية هذا الحدث. وتسعى الدول بالاستمرار للمشاركة في هذا الاحتفال، حيث ساهمت خلال العام الحالي 2019 تحت شعار (التواصل مع الأرض)، مع العمل على إقامة فعاليات تناسب هذا الاحتفال السنوي. إن الكون يواجه اليوم عدة تحديات أهمها ظاهرة الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية الناتجة عنها، وأن الاحتفال بهذه المناسبة يؤدي إلى تعزيز السلوك الإيجابي لأفراد المُجتمع من أجل حماية كوكب الأرض من التأثيرات السلبية الناجمة عن الأنشطة البشرية، ودفع الشعوب إلى التوسع في استخدام مصادر الطاقات المتجددة.
جريدة لوسيل الدوحة دولة قطر 4 إبريل 2019