الدكتورة / طاهرة اللواتية
[email protected]
قبل نحو اكثر من عشر سنوات أتاني اتصال من جمعية المراة العمانية بمسقط ، كي أنضم الى سلسلة من البرامج التدريبية التي تهيئ النساء بمجموعة من البرامج والورش التدريبية تحت اشراف وزارة التنمية الاجتماعية لكيفية خوض غمار مجلس الشورى . وأتذكر البرلمانية المعروفة الدكتورة معصومة المبارك من دولة الكويت ، فقد كانت إحدى المدربات في هذه البرامج .
ان مجلس الشورى رغم كل مايقال عن صلاحياته بالمقارنة بصلاحيات برلمانات اخرى في العالم الا انه جزء من كياننا الوطني الذي نعتز به ، وبه ومعه وعبره نعطي ونساهم ونخدم ، وبه ومعه وعبره نأمل بالمزيد من الصلاحيات؛ والتي أظن دوما أنها لن تتاخر كثيرا ، فهي مسألة وقت لاغير . وما لايدرك كله لايترك جله ، إنه مبدأ مهم جدا عندما يتصل الأمر بالوطن ومصلحته . لذا فان الانصراف عن الانخراط في العمل البرلماني هو أمر غير مناسب كما أرى ؛ طالما نؤمن بأهمية الولاء لوطننا ، وطالما يجري منا هذا الولاء مجرى الدم .
أتذكر المشرفة الهولندية من الأمم المتحدة والتي كان لها دور بارز في الاشراف على هذه البرامج . فقد طلبت مني في ختامها ان أشاركها طاولة الغداء ، وبينما نتناول الغداء أفصحت عن رغبتها بأن أتقدم لتسجيل اسمي في قائمة المرشحين لمجلس الشورى ؛ فقد كانت الانتخابات على الأبواب ، وأفصحت بأنها تراني أمتلك الكفاءة والقدرة لذلك .رفضت تلقائيا طلبها بأدب جم ، فقد كان لدي قناعة أنه لاتوجد منافسة متكافئة بين الرجل والمرأة في الانتخابات . وكنت أؤمن بأن الحصة النسبية ” الكوتا ” هي أفضل وأمثل طريق لوصول المرأة الى مجلس الشورى او البرلمان في أي بلد في العالم ، فهناك مشكلة بنيوية ما بين بعض الرجال والمرأة في هذا العالم ، تمتد عميقا في التاريخ الانساني ، وفي جذور التنشئة الاجتماعية والاسرية لبعض الرجال. بذلت جهدا لإقناعي بالترشح ، لكني أعدت الاعتذار ، ونظرت في عينيها نظرة ممتنة أشعرها بأن جهدها غير ضائع، وانني أقدر هذا الجهد ، لكن استقرائي كإعلامية لحقيقة عدم فوز المرأة بالمقاعد الكافية ؛ جعلني أقرر بأن سبب ذلك ليس لأنها لاتمتلك القدرات والكفاءة ، والكفايات التدريبية اللازمة لخوض العملية الانتخابية . شكرتها بلطف على دعوة الغداء ، وتمنيت لها كل الموفقية ؛ فقد كان أمامها ان تنتقل الى محافظات أخرى لتدريب نساء أخريات ، فقد كان برنامج التدريب يشمل عددا كبيرا من النساء .
عندما رشحت أول سفيرة عمانية سعادة خديجة بنت حسن اللواتية نفسها لمجلس الشورى عن ولاية مطرح ، تواصلت معي كي أكون ضمن فريقها العامل ، اندفعت بقوة لمساندتها ، رغم ظروفي المرضية آنذاك . كان اندفاعي للعمل في فريق السفيرة آتيا من شعوري بأن هذه واحدة من النساء الكفؤات ؛ وستكون بخبرتها وتجربتها التي امتدت الى اكثر من عشر سنوات كسفيرة إضافة نوعية للمجلس ، وقد قضت أغلب سنوات عمرها في أروقة وزارة الخارجية ، واكتسبت الكثير من المهارات والكفايات ، وانها لو كانت رجلا وبهذه المواصفات ، لكان اعتبر الرجل المناسب لشغل مقعد في مجلس الشورى .
لكن مع كل يوم جديد وانا في فريقها الانتخابي كنت اكتشف ان ذلك لم يشفع لها . فقد اطلقت دعاية خطيرة جدا ضدها ؛ مفادها ان الاسلام لايسمح بدخول المرأة مجلس الشورى!!!
قد لا استطيع سرد تفاصيل هذه التجربة التي انتهت بعدم فوزها في التصفيات الداخلية ! لكني من المؤكد سأتعرض لتفاصيل تلك الدعاية، وهل فعلا الاسلام لايجيز دخول المرأة مجالس الشورى والبرلمانات؟