د علي محمد سلطان
حينما تأخذنا ذكريات الماضي الجميل إلى حواري مطرح فإن المشاهد من الستينيات والسبعينيات من القرن المنصرم تعاود المخيال وكأنها صور حية تتجلى ماثلة أمام المشاهد.
ألعاب السواري واللتگی وشد الحبل وهركو هرك وأوي صديق ولقف دوم( لقٌافي) والصولة بجانب القدم والهوكي في ساحتي جبروه والغوص في أعماق البحر في الغبة والمنافسات للدراجات الهوائية( السياكل) وصعود الجبال وإطلاق الطائرات الهوائية من على أعلى قمم الجبال لنازي مويه تتبدى وكأنها حديث الساعة.
وإذا دخلنا في أزقة سور اللواتية فلعبة ( بيلوه والغميضيات وشگرین من شگرین وألعاب التيل والدراجات الخشبية وغرغرايو ) كلها تمور في الوجدان وكأننا لازلنا صبية أخذتنا الفسح من وقت الفراغ إلى عالم الطفولة ونحن نمارس الألعاب المختلفة بكل عفوية وتلقائية.
محمد جواد علي محمد كان قطب الرحى لكل المناشط والأب الروحي لكل حراك طفولي مع فارق السن بين من هو في مثل عمره ومن في مثل عمرنا.
كانت الساحات لاتخلو منه ، فمن الجلوات في مناسبات الأفراح التي كانت حنجرته هي المتصدية للحناجر إلى خدماته الإجتماعية التي سجلت له حضورا لافتا للمرضى في البيوت والمستشفيات إلى تواجده في مدرسة ماستر حسن ينوب عنه في ساعات الإنشغال عن الدرس إلى ساحات اللعب التي كان له التفاعل فيها.
وعندما بدأت الأندية في التصدي للألعاب فإن محمد جواد علي كان من الشباب الذين سدوا الفراغ في كثير من الألعاب لاسيما الهوكي فانضم إلى أعضاء نادي القادسية ولعب في ساحات مطرح ومسقط وبيت الفلج وإسداد الشرطة في الوطية بجانب خدمته للرعيل الأول والناشئين وأخذ عهدة الرحلات إلى السيب منذ الستينيات فكان المتصدي للرحلات وإقامة المخيمات التي ماكانت تبرح ساحات اللوامي والبحائص في المناسبات والجمع والأعياد.
كان المشغل للأفلام في البيوت بجانب تشغيله لها في الأندية وهي قد بدأت لتوها في العروض في ساحات مطرح.
خدم البيوت في توصيل الخدمات الكهربائية لها فقد برع أيما براعة في نشر الخدمات الإجتماعية للناس من غير مقابل وقد تعلم الصنائع السبع وقدمها للمحتاج والميسور من غير منةٍ أو تأفف.
ومن الطرائف الجميلة التي لازال المجتمع المطرحي يتذكرها أنه متى ما ظهر ثعبان في جحر فإن الصبية كانت تهرع إليه فيمسكها عندما يخيم الظلام ويضعها في جيبه أو في كيس مخصص عنده للثعابين والحيات ويراقصها على أنامله والناس مشدوهة.
إستأجر ذات يوم محلا وخصصه لإصلاح الأعطال للدراجات الهوائية وكان يؤجر بعضها لمن يريد الإنتفاع منها ( راليات وبالونات ) وإذا صادف أن جاره إبراهيم درويش ( مابلو ) أو( عبدالله غريب) أو ماستر حسن ، حيث جميعا كانوا على خط واحد من المحال والمواقع يريد أحدهم منه أن يحل محله في عمله فإنه كان يؤدي له العمل وكأنه يؤدي واجبه من غير مقابل.
وأتذكره وقد صادفته غير مرة أثناء رحلاتي إلى مدينة مومباي أنه وعند زيارتي لبعض المطرحيين في مسافر خانة ديوجي جمال في ( دونگری) أنه وهو في مدينة مومباي يؤدي واجبه تجاه المرضى والمحتاجين للخدمة فيأخذهم إلى المستشفيات ويؤدي لهم الخدمات المطلوبة لاسيما العجزة والمسنين ومن هم قد وفدوا إلى مومباي للعلاج أو الإستجمام.
وقد حرس بوابة سور اللواتية ( الصغيرة ) لسنين طوال على حساب راحته وعلى حساب صحته وهو اليوم يحتاج منا وقفة حانية ودعاءً في ظهر الغيب أن يحفظه الله ويعافيه من كل سقم ومرض ويجعله ذخرا لعائلته.
الصورة له ولأبنه علي
4/ 3 /2019