د. على محمد سلطان
من عاش في سور اللواتية في الستينيات من القرن الماضي ولم يتذكر ( دادي رضا العجمي) ؟
عندما كان الصبح يتنفس فإن دادي رضا الضرير كان هو الآخر يتنفس في زقاقات جبروه سالكا طريقه إلى حيث دروب سور اللواتية .
كان يجلس على دكة السور لهنيئات والناس وقتئذ نيام على السطوح.
يبسط له علي الدرواني( البواب) الطريق فيسلكه ذات اليمين وذات الشمال فيقرع بابا بابا وحلقة حلقة، وهو يرتل أدعيةً تعودت ربات الحجال على سيمونيته فتقاسمه اللقمة كل واحدة وحسب ما جادت نفسها له فيجمع كسيرات الخبز أو أصوعاً من البر والحنطة والرز أو شيئا من البيسات الفيصلية أو التيمورية والسعيدية وقد تكدس عليها الصدأ.
كانت محزمته من خرقة قد أكل عليها الدهر وشرب وأحيانا كان يتحزم بحيازيم جلدية مهترئة قد جلبها من شمامير مطرح فيدس فيها الربابي على قلتها وقد جمعها من أهل الخير والكرم.
كان لسانه يلهج بالأدعية العربية المُلكٌَنة مطعومةً بالفارسية ومتى ما نذرت إمرأة تبغي بعلا أو طفلا أو شفاء أو زيارة لأولياء الله فإن دادي كان مقصدها وببركة أدعيته كانت تستشعر وكأنها قد اخترقت الحجب ماوراء الغيب خصوصا وهو يردد:
نادي عليا مظهر العجائب تجده عونا لك في النوائب
لقد برع دادي رضا في قراءة ( تشاوشي ) والتشاوشي أبيات فارسية فيها جانب من النعي ومفعمة باللوعة والحزن على ماجرى على آل الرسول صلى الله عليه وآله من مصائب وكان هذا ديدنه وهو يسلك دروب السور ومن غير معين ، حيث كان يأتي من جبروه سالكا طريقه إلى أزقات السور من غير أن يقوده أحد وبعد أن يضنيه التعب ومع ارتفاع عمود الشمس وبعد أن يفرغ من تراتيله وأدعيته وتشاووشاته كان يأخذ طريقه إلى قهوة الحاج خميس عبدالله ( تشوك) في ناصية خوربمبة ومتى ما حان وقت الظهيرة يقفل راجعا إلى بيته ليطعم متعلقيه بما جادت عليه نفوس أهل الخير .
وفي عام 1976 وكنا ندرس في مدرسة جابر بن زيد ونحن ذاهبون للمدرسة تلقينا نبأ موته بوطئ السيارة وكان السائق الذي قتله خطأ هو محمد علي آل صالح( مامو ) الذي بكاه الماً وجزعاً والحادثة كانت مابين دوار جبروه و دوار شارع الميناء.
22/2/2019