Image Not Found

مسيرة الشورى (5).. من سأرشح لعضوية المجلس؟

د. فاطمة بنت أنور اللواتي

قائمة طويلة من الراغبين للترشح تجعل الكثيرين منا في كل ولاية من ولايات السلطنة يقفون في حيرة أمامها وهم يفكرون ويتساءلون من سيكون مرشحنا لمجلس الشورى؟ هناك مسؤولية كبيرة تحتم على المرء أن يحسن الاختيار ويعطي صوته للشخص المناسب، إلا أنه في خضم هذه الأسماء المختلفة والأصوات المتعددة يقف المرء حائراً متسائلا: ما هي المعايير التي أضعها في الاعتبار من أجل اختيار موفق؟

نحن نعيش في مجتمعات تلعب العلاقات فيها دورا كبيرا في التأثير علينا في عملية اختيار مرشحنا لمجلس الشورى. لكننا في نفس الوقت مجتمعات مثقفة ومتعلمة تستطيع بثقافتها فهم واستيعاب دور المرشح ونوعية الشخصية التي ستكون مؤهلة لأن تقوم بذلك الدور.

لقد خلقنا الله مختلفين بإمكانياتنا وشخصياتنا، كما أن البيئة المحيطة والوراثة لهما دور كبير في تشكيل شخصياتنا وبناء ماهيتنا. ومن هنا تباينت مهننا وأعمالنا وأدوارنا في الحياة. وما يصلح لعمرو قد لا يصلح لسعد وما تستطيع أن تقوم به أمينة قد تعجز عنه فاطمة وهكذا هي الحياة.

عند فهم دور عضو مجلس الشورى والذي يتلخص في تمثيل المواطن لحفظ وضمان حقوقه لدى المؤسسات والدوائر الحكومية عبر المحاسبة والمتابعة وتعديل القوانين واقتراح أخرى، علينا أن نفهم أن هناك شخصيات قد تناسبها تلك الوظيفة وأخرى قد لا تتناسب مع تلك الوظيفة وتكون أنسب لوظيفة أخرى. يجب أن نعي بأنه عندما يستوي العضو على كرسي المجلس فإنه يمثل الشعب وصوته، ولتمثيل ذلك الصوت فهو بحاجة إلى العديد من المهارات.

بملاحظة ومتابعة أعضاء المجلس وهم يناقشون القوانين، ترى منهم من هو صامت، ومنهم من يناقش بعيدا عن لب الموضوع، ومنهم من يقوم بدوره بشكل جزئي، ومنهم من يمارس دوره بشكل صحيح كعضو فاعل في المجلس. وحتى يقوم العضو بدوره بشكل صحيح فإنه يتطلب منه بعض المهارات والقدرات التي تتلخص في المعرفة بدوره والقدرة على الحوار والنقاش والتحليل والمبادرة وغيرها من المهارات. ويتعزز هذا الدور عند استعانة العضو بالكفاءات الوطنية من مختلف التخصصات. أما العضو الصامت في المجلس فإنه لا يستطيع تمثيل المواطن وحفظ حقوقه وبالتالي لا يقدم ولا يؤخر شيئا ويكون محدود التأثير على قرارات المجلس. والعضو الذي يختار ركنا منزويا ومفتقدا إلى المبادرة فهو أيضا يؤثر سلبا على مسيرة المجلس التي تُعنى بحفظ حقوق المواطنين. بغض النظر عما يشاع أو يقال أن المجلس لا يؤدي دوره المأمول ويفتقد القدرة في التغيير لكننا ينبغي أن نعرف أن المجلس ليس إلا أعضاءه فإذا كان الأعضاء كما ينبغي لتمكن المجلس من ممارسة دوره بالطريقة المناسبة التي تسهم في توصيل صوته إلى دوائر القرار.

المهارات المطلوبة في العضو لا يعني بأنه ينبغي أن يكون صاحب شهادات عليا، إلا أنها تعني حتما بأن يكون العضو إنسانا متعلما ومتمكنا وقادرا على توصيل صوته بطريقة متناسبة مع قواعد الحوار والنقاش. كما أننا نعيش في مجتمعات ممتدة من مسقط إلى جنوب السلطنة وشرقها وغربها.. وهذه الأراضي الممتدة للسلطنة تحمل أيضا عادات وتقاليد ولهجات مختلفة ومتباينة مما يجعل المجلس فسيفساء متجانسة للإنسان العماني، لذلك فإن فهم هذه الفسيفساء المتمثلة في الاندماج والتلاحم بين أبناء السلطنة يُعد امرا أساسيا لا بد أن يكون عضو المجلس متفهما ومدركا لها وقادرا على التعامل والتحاور مع مختلف فئات الوطن ابتداء من ذلك القروي الذي يتواجد في أقاصي الوطن الى التاجر والمثقف وغيرهما.

ومن أجل اختيار موفق لممثلنا فإنه يجب علينا أن ندرس الشخصية أولا انطلاقا من دوافعها: تُرى ما هو دافع هذا المرشح أو ذاك لتحمل أعباء عضو الشورى؟ هل لديه رؤية وقدرة للمساهمة وهل هو من الأشخاص الذين لهم مساهمات ومبادرات اجتماعية ووطنية؟ هل هو من الشخصيات الاجتماعية المقبولة التي لها تأثير في حياة الآخرين؟ هل هو من الشخصيات التي تعطي أو أنها من الشخصيات التي تبحث عن الأخذ فقط؟ هناك الكثير مما يجب علينا أن نفكر فيه.. والإنسان ما هو إلا انعكاس لبيئته وأسرته ومجتمعه.. من هنا علينا عمل الكثير لإعادة صياغة ما نروم به تجاه عملية الاختيار. فلنعد النظر!

المصدر: شوؤن عُمانية