قبل أيام قليلة، وجهت الكاتبة أُمامة اللواتية مجموعة من الأسئلة لمركز القبول المُوحد بوزارة التعليم العالي، وصفها العديد من المُهتمين بقطاع التعليم العالي بأنَّها كانت أسئلة “في الصميم”، ولكن للأسف فإنه وإلى يومنا هذا لم يقم مركز القبول الموحد، أو وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار بتقديم توضيحات وأجوبة شافية عن تلك الأسئلة التي أثارتها الكاتبة في المقال الذي نشرته جريدة الرؤية على 3 حلقات تحت عنوان: “مركز القبول الموحد وطلبة الدبلوم العام إلى أين؟”.
يجب علينا ألا ننسى أن مركز القبول الموحد ينمو في بيئة تعليمية غير منافسة على الإطلاق وتبتعد عن متطلبات رؤية “عُمان 2040” بمراحل، ومن المتوقع أن يصيبه العوز الذي أصاب مجمل العملية التعليمية سواء في مستوياتها الأدنى أو العالية، لذا فمركز القبول الموحد اليوم يقدم أسوأ تجربة تعليمية لخريجي الدبلوم العالي، من فرض نسب عالية جداً لأجل المنافسة على مقعد دراسي، وكأنه ينظر بعين الشك في النسب ما بين 80% إلى 90%، الأمر الذي يتفرد به في الإقليم دون أدنى توضيح منه أو الوزارة التي يمثلها عن أسباب ذلك.
فمن بين كل تلك المؤسسات التعليمية في السلطنة، لا أثر لأية واحدة منها في التصنيف العالمي الذي يعتمده QS باستثناء جامعة السلطان قابوس، وقلة قليلة منها فقط تمكنت من أن تتواجد في التصنيف المختص بالجامعات العربية، وفي مراتب متدنية! هل هذه هي المؤسسات التي يمكنها حقاً تقديم تجربة تعليمية عالية الجودة بحيث أن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار قد حددت أهدافها في تقديم نظام تعليمي يتسم بالجودة؟
وهل الحصول على مقعد في هذه المؤسسات التعليمية أضحى- وأغلبها لا تتمتع باعتماد عالمي لتقديم تجربة تعليمية تتصف بالجودة الحقيقية- غير ممكن للحاصلين على نسب تزيد عن 80%، حتى يصبح خريج الدبلوم العام العُماني محتارا بما أنجزه إذ لم يتبقَ له لدى مركز القبول الموحد إلا الفُتات؟ وكأن هؤلاء الطلبة باتوا ينافسون على مقعد في “هارفارد” أو “استانفورد” أو “أكسفورد”؟
ما هو المعيار الذي تريد الوزارة الموقرة أن تعتمده حينما تقول إنها تهدف إلى (تقديم تجربة تعليمية ذات جودة عالية)؟ أو حينما تقول بأنها بصدد إعداد (كفاءات عُمانية ذات قدرات ومهارات ديناميكية منافسة محليا وعالميا)؟ فمع المستوى الذي تُقدمه مؤسسات التعليم العالي في السلطنة، لا أمل للوزارة الموقرة من أن تحقق أهدافها بالمرة، وبشطب الحصة الكبرى من البعثات الخارجية وجعل أعدادها في أدنى المستويات على الإطلاق، نرى أن الاقتراب من متطلبات رؤية عُمان 2040م في التعليم العالي، فضلاً عن التعليم العادي، تتطلب اعتماد تفكير خارج الصندوق، يقوم بمراجعة شاملة لحالة التعليم بشقيه في السلطنة، ويتخذ قرارات تمنح لأبناء الدبلوم العام تجربة راقية في التعليم العالي.
ما لم يقبل مركز القبول الموحد النقد الموجه له لأجل تطوير أدائه، ولا يعترف بوجود مشكلات حقيقية يعاني منها، ويفضل السكوت وعدم تقديم أجوبة لأسئلة باتت أغلب الأسر العُمانية تطرحها، وأغلب خريجي الدبلوم العام من الشباب العُماني يسأل عن مصير مستقبله التعليمي، فإننا أمام أزمة حقيقية.
ونرى أنَّ بعض الحلول تكمن في:
طرح معايير عالية الجودة لا تسمح بالمؤسسة التعليمية ممارسة عملها دون اعتماد من الهيئة العامة للاعتماد الأكاديمي.
الهيئة العامة للاعتماد الأكاديمي عليها رفع سقف معاييرها لمنح الاعتماد بما يتوافق مع التصانيف العالمية لجودة التعليم.
إعادة النظر في النسب التي بموجبها يتم منح مقعد لخريج الدبلوم العام، وابتكار نظام مرن مخالف تماماً لما هو معمول به اليوم في مركز القبول الموحد الذي بات عاجزاً عن ضمان مستقبل حملة الدبلوم العام من الحاصلين على نسب نجاح رائعة جداً بين 80% إلى 90% .
رفع أعداد البعثات والمنح الحكومة إلى مستوياتها السابقة، في ظل تعليم لا يتسم بالجودة في أغلبه داخليا.
تأمل الأسر العُمانية وحملة الدبلوم العام العُمانيين أن يُعيد مركز القبول الموحد النظر في المعايير التي تحدثنا عنها، ويعمل على ابتكار حلول للمشكلات التي تواجهه لضمان مستقبل أبنائنا الطلبة، حتى لا تظل التجربة التعليمية التي يقدمها دون مستوى الطموح، كما نأمل أن يقدم المركز شرحًا شفافًا للفلسفة التي اعتمدها في عمله والأسباب التي أفضت به إلى اختيارها دون سواها.