فاطمة أنور اللواتي
لا نختلف كثيرا في أننا نحمل تصورات وقناعات تجعلنا ننظر إلى مدير مؤسسة ما أو مسؤول كبير كالوزيرأو غيره بأن لديه قدرات خارقة أو عصا سحرية لتحقيق …
لا نختلف كثيرا في أننا نحمل تصورات وقناعات تجعلنا ننظر إلى مدير مؤسسة ما أو مسؤول كبير كالوزير أو غيره بأن لديه قدرات خارقة أو عصا سحرية لتحقيق الرغبات وإنجاز الأمور. فنظرتنا تلك تشبه نظرة طفل صغير إلى والده فيحسب أنه “سوبرمان”، وإلى نظرة البنت الصغيرة إلى أمها فتتوقع أنها تستطيع أن تصنع لها المعجزات. لكن هذه النظرة الواثقة إلى الأشخاص لا تخلو من بعض الصحة أيضا. فالوالدان يوفران لأبنائهما الأمور الأساسية من غير مماطلة أو تقصير.لكل إنسانقدرات لكنها محكومة بعوامل ذاتية وأخرى خارجية وقد لا يستخدمها بالشكل المطلوب لسبب من الأسباب ربما لعجز في شخصيته أو لكون أن يديه مقيدتان أو غيرها. وحينما نأتي إلى عضو مجلس الشورى فنظرة الكثير منا إليه تشبه -مع الأسف- النظرة التي ينظر بها الابن أو البنت إلى والديهما.
يتكون مجلس الشورى العماني من أعضاء منتخبين من جميع ولايات السلطنة. ويعتمد عدد الأعضاء الذين يمثلون الولايات على كثافتها السكانية. فإذا كان سكان ولاية من الولايات أقل من ٣٠ ألف نسمة، فيمثلهم عضو واحد، وأما إذا تجاوز العدد ٣٠ الف نسمة فيمثلهم عضوان. وبغض النظر عن دور الأعضاء، فإن مجلس الشورى هو في الأساس مجلس تشريعي غير تنفيذي. بمعنى آخر، إن مجلس الشورى، الذي هو أحد ذراعي مجلس عمان، (الذراع الثاني هو مجلس الدولة) لديه صلاحيات تشريعية ورقابية تتمثل في المساهمة في سن القوانين ومراجعتها ومراجعة الموازنة العامة للدولة واقتراح قوانين جديدة أو إجراء تعديلات في قوانين قائمة. والجانب الرقابي للمجلس يتحقق عبر دراسة التقارير السنوية للحكومة ودعوة المسؤولين الحكوميين لمناقشتهم حول منجزاتهم، بالإضافة إلى محاسبة المسؤولين عن التقصير أو الضعف في الأداء. إلا أن هناك قيودا وعوائق تحد من قدرة عضو مجلس الشورى على ممارسة جميع صلاحياته وأحيانا نطالبه بممارسة أدوار بسيطة ومحدودة قد لا تندرج ضمن المهام المناطة به في معظم الأحيان.
السعي من أجل تحقيق طلبات الناس، وحل مشاكلهم المختلفة وإنجاز مصالحهم وتقديم مختلف الخدمات تُعد من الأمور المطلوبة بغض النظر عن مرتبة الإنسان أو وظيفته. فكلنا -بغض النظر عن سلم وظائفنا- ينبغي أن نسعى من أجل ترسيخ قيم التعاون والمحبة والعمل من أجل نصرة المظلوم ومساعدة المحتاج. فكلنا ومن غير استثناء بحاجة إلى أن نقف مع أبناء وطننا الغالي بما لدينا من قدرة واستطاعة في سبيل تيسير أمورهم وحل مشاكلهم المختلفة، فهذا الدور ليس منحصرا في أعضاء مجلس الشورى. لكن آمال الناس في تخفيف معاناتهم يجعلهم يحصرون دور عضو المجلس في هذا الأمر أو ذاك. ولكن لكي يكون عضو مجلس الشورى فعالا فينبغي علينا أن نطالبه بأن يؤدي مهامه على مستوى الوطن ويخدم كل أبنائه. أما من يعطينا وعودا بأنه سوف يحول تلك المدينة إلى سويسرا عمان أو يشق للناس نفقا تحت الجبال ليعبروا من خلاله مع الرياح إلى قريتهم النائية أو.. أو..، فهو – مع الأسف الشديد- يَعِدُ بشيء لا يملكه. فالعصا التي يحملها بيده لا سحر فيها.
في حديثي مع بعض الأخوة والأخوات حول دور عضو مجلس الشورى، وجدت أنهم دائمو النقد لمن صوتوا له من أعضاء المجلس. فهذا يقول بأن هذا العضو لم يقدم له شخصيا أية مساعدة وذاك يضيف بأن ذلك العضو لم يحقق له طلباته من الوزير الفلاني او المسؤول العلاني.. فكان ردي: كم عدد سكان السلطنة؟ هل بإمكان عضو مجلس الشورى أن يخط بالخيزرانة التي بيده طريقا نحو كل مسؤول وهل لديه السلطة على اجبار أي مسؤول على تحقيق مطالبه؟ لكن يبقى أملنا ان عضو مجلس الشورى ممثل الشعب لديه إمكانية مساعدة الناس والتخفيف عن معاناتهم بما له من احترام وتقدير من قبل المسؤولين.
ان دور عضو المجلس باعتباره مسؤولا أمام الشعب وأمام الله عز وجل في أن يقدم مصلحة الوطن والشعب فوق مصالحه، يجعلنا نتيقن ان سعيه سيكون في توصيل صوت الشعب بكل أمانة. ربما يشتبه على بعض أعضاء المجلس احيانا في طور حماسهم فينسون أنهم لا يمثلون الحكومة بل الشعب، وأنهم لا يسعون فقط لخير ولايتهم بل لخير كل ولايات السلطنة، وأنهم لا يملكون العصا السحرية لتغيير هذا الأمر أو ذاك، فلا ينبغي عليهم بالتالي أن يقطعوا للناس وعودا خارج حدود صلاحيتهم وإمكاناتهم. لتكن الأمانة هي السبيل إلى قلوب الناس لا الكلام الدعائي المعسول.. وعلينا أن نعيد النظر!
مدونة الكاتبة: الانطلاقة