نعتز بوجود برامج وطنية لزيادة الاستثمار وتنويعه، ولا شك ستعمل هذه البرامج على تحقيق نقلة نوعية في زيادة الاستثمار غير النفطي، وفي مجالات عديدة وخاصة الصناعات ومنها الصناعات التحويلية، وكذلك الصناعات الثقيلة، فبسبب قربنا من السوق الإفريقي فإن الصناعات الثقيلة كالسيارات والعربات والمعدات الزراعية والمسيرات وغيرها توفر حاجة السوق الإفريقي بأسعار مناسبة بدل استيرادها من السوق العالمي البعيد، وازدياد تكلفة النقل.
الملحوظ شكوى المستثمرين من البلدان العربية كالعراق واليمن وبلاد الشام ومصر ودول المغرب العربي، ودول مثل إيران والصين وغيرها، بأنه لا يسمح لهم استجلاب عمال لشركاتهم ومصانعهم إلا من الهند وبنجلاديش وباكستان. وكم من مستثمر طلب أن يكون العمال من بلده، فتم رفض طلبه، فتراجع عن الاستثمار، وعاد أدراجه بالمال الذي جلبه.
إن تنويع القوى العاملة من بلدان مختلفة سيعمل على التغلب على الكثير من المشكلات، ومنها مشكلة تضخم التحويلات المالية إلى خارج سلطنة عمان، فهناك جنسيات تصرف وأسرها في البلاد التي تعمل فيها، وتعيش برفاهية في بيوت وفلل راقية، وأبناؤها يدرسون في أفضل المدارس الخاصة في هذه البلدان. يقول البعض إن بعض الجنسيات تثير مشكلات، والرد أنه في دول الجوار الخليجية تعمل وتعيش هذه الجنسيات منذ عقود، ولم نسمع أنهم أقفلوا الباب عليها بسبب إثارتها للمشكلات، فلا واقع حقيقي لهذا الكلام، وإلا لأقفلت هذه الدول الباب على هذه الجنسيات منذ زمن، فمن يحب المشكلات والإبقاء عليها؟
إن استجلاب القوى العاملة من هذه الجنسيات فقط دون غيرها يؤثر على مستوى الاستثمار وقوته لدينا، وعلى الكثير من الجهود المخلصة المبذولة لتنويع الاستثمار وزيادته.
وعندما يزيد عدد جنسية معينة في البلاد أكثر عن نصف مليون، أو يقارب المليون، فهذه القوة السكانية الهائلة تراكم مكامن القوة والسيطرة الخفية على السوق؛ مما يصنع مشكلات كبرى نرى نتائجها في عدم قدرتنا على اختراقها في بعض الأسواق، أو بعض القطاعات الاقتصادية المهمة، ويؤثر على العماني العامل في هذه
القطاعات وعلى استقراره فيها.
كذلك نفتقد الأمن الاجتماعي، فتتحول حلل وحارات بأكملها إلى مسكن لجنسية واحدة بعاداتها وطرائق حياتها وثقافتها، فيضطر العمانيون إلى مغادرة هذه الحارات نهائيا خوفا من هذا الغزو الناعم لهذه الثقافة، وخوفا من شتى المشكلات الاجتماعية والأمنية.
لا ندري إلى متى سيبقى باب القوى العاملة للجنسيات الأخرى مقفلا، وإلى متى سنعاني من الآثار الخطيرة لتركز جنسيات محددة، ولماذا؟.