يسعى العديد من الدول، ومن بينها دول عربية، للانضمام إلى عضوية كتلة “بريكس” التي أسستها عام 2009 خمس دول وهي: البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، وهدف الدول الساعية للانضمام إلى هذه الكتلة هو تحسين علاقاتها الاقتصادية مع الدول النامية الأخرى دون الحاجة إلى الانضمام إلى كتلة جيوسياسية.
لا شك أن عضوية مجموعة بريكس ستعمل على تحسين العلاقات الاقتصادية ليس فقط مع الأعضاء الآخرين في هذه الكتلة الاقتصادية الدولية فحسب، ولكن مع بقية دول العالم وخاصة النامية منها. وخلال الفترة الماضية أبدت أكثر من 20 دولة بالفعل رغبتها واهتمامها بالانضمام إلى هذه المجموعة التي تنال يومًا بعد يوم الجاذبية من بقية دول العالم.
الدول المؤسسة لهذه الكتلة- وخاصة الصين والهند وروسيا- تحظى بعلاقات تجارية كبيرة وعديدة مع بقية دول العالم، وتعتبر من أكبر الشركاء التجاريين لبعضها؛ الأمر الذي يعجّل بانضمام بقية دول العالم وخاصة في القارة الآسيوية. وهذه العضوية سوف تكون بمثابة منصة جديدة لها لتعزيز التنسيق الاقتصادي معها، ومع الأطراف الأخرى في العالم، خاصة وأن توسُّع “بريكس” يسير جنبًا إلى جنب مع رغبة تلك الدول بالتقليل من الاعتماد على العملة الأمريكية وإزالة الدولار تدريجياً للاعتماد على العملات الأخرى في العالم.
انضمام الدول إلى بريكس سوف يساعد بشكل أساسي الأعضاء في معرفة المزيد من القضايا التي تهم دول المجموعة وعلى مواصلة الانخراط في “الدبلوماسية المتعددة الأطراف” باعتبار أن هذه الكتلة عبارة عن تجمع غير رسمي لمناقشة المشاكل المشتركة والتحديات المشتركة فيما بينها، وأنه بمثابة منتدى لتعزيز التفاعلات الاقتصادية مع الدول المؤسسة لها كالصين والهند وروسيا، وكذلك الدول النامية الأخرى.
ومن المتوقع أن تبحث القمة المقبلة لبريكس المقررة في دولة جنوب إفريقيا في شهر أغسطس المقبل، قرار انضمام بعض الدول التي تقدمت لعضويتها، حيث تم دعوة رؤسائها لحضور هذه القمة التي تكون أيضا بمثابة منتدى للدول الأفريقية التي تقدمت عدة منها لعضوية هذه الكتلة.
ومن القضايا التي ستبحث في القمة اتخاذ قرار لإصدار عملة عالمية جديدة بعد دمج عدة عملات للدول الخمس الكبار المؤسسة لهذه المجموعة “بريكس” بهدف التقليل من هيمنة العملة الأمريكية “الدولار”؛ الأمر الذي سيعزز مزيدًا من المبادلات التجارية الدولية خلال الفترة المقبلة. ويتوقع الخبراء أن تقلل “بريكس” من هيمنة الدولار تدريجياً وقت إصدارها، حيث ستساعد هذه الخطوة إنهاء الاعتماد الكلي على العملة الخضراء، وتعزيز العملات المحلية لدولها. وكما هو معروف فإن دول “بريكس” تمثّل اليوم أكثر من 40% من سكان العالم وحوالي 30% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ومع انضمام دول أخرى فإن ذلك سوف يزيد من استخدام العملة الجديدة في التجارة العالمية، وتنويع الأصول الاحتياطية لتلك الدول باعتبار بأن هذه المجموعة تمثّل اليوم أكبر اقتصادات الجنوب العالمي، ولها القوة الكبيرة في عمليات الإنتاج والاستهلاك، الأمر الذي يساعد هذه الكتلة التجارية بالاستدامة والقابلة للحياة.
إن موضوع إصدار العملة الجديدة لبريكس يأتي أيضًا نتيجة لردّ الولايات المتحدة الأمريكية تجاه بعض الدول في ضوء العقوبات التي قررتها ضد روسيا نتيجة لحربها مع أوكرانيا، إضافة إلى ما هو متداول حول أضرار أسعار الفائدة الأمريكية التي تخلق ظروفا اقتصادية ونقدية صعبة للكثير من دول العالم.
مجموعة دول بريكس تضم اليوم حدودًا إقليمية غير مشتركة، بجانب قدرتها على إنتاج نطاق أوسع من السلع بصورة أكبر من أي اتحاد نقدي قائم نتيجة للتنوع الجغرافي والديموغرافي من جهة وثقلها الاقتصادي في منطقته من جهة أخرى، الأمر الذي يعطي القدرة لها لتعزيز الأعمال التجارية والتبادل السلعي، بجانب الالتفاف على القيود التجارية وتعزيز عمليات إعادة التصدير فيما بينها.
ويصف البعض دول هذه المجوعمة بأنها من الاقتصادات سريعة النمو التي يمكن أن تهيمّن بشكل جماعي على الاقتصاد العالمي بحلول عام 2050، فيما تعد الدول الأربعة منها البرازيل وروسيا والهند والصين من بين أكبر عشر دول في العالم من حيث عدد السكان والمساحة والناتج المحلي الإجمالي.
وأخيرًا.. إن دول المنطقة التي تقدمت بعضويتها للانضمام إلى هذه المجموعة سوف تعزز من قدراتها في التنويع الاقتصادي وتعزير مواردها المختلفة بجانب استغلال الإمكانات والقدرات التي تتمتع بها في مختلف المجالات.