Image Not Found

أهمية العملة الجديدة لدول البريكس

حيدر اللواتي لوسيل

بعد عدة عقود من التداول لبعض العملات الرئيسية في العالم كالدولار واليورو والين وغيرها في التبادلات التجارية العالمية، يأتي الدور اليوم لإصدار عملة عالمية جديدة بعد دمج عدة عملات للدول الخمس الكبار في مجموعة «البريكس» وهي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا. هدف العملة الجديدة التقليل من هيمنة العملة الأمريكية «الدولار»، في الوقت الذي أعلنت فيه 30 دولة أخرى أنها سوف تبدأ بالتعامل مع عملة البريكس في المبادلات التجارية الدولية، سواء تلك التي تقدمت لعضويتها للانضمام إلى هذا التحالف الدولي الكبير أو غيرها. والإعلان عن صدور العملة الجديدة ربما سيكون ضمن أعمال قمة البريكس بدولة جنوب أفريقيا في شهر أغسطس من العام الحالي.
توقعات الخبراء تشير إلى أن عملة البريكس سوف تهز من هيمنة الدولار وقت إصدارها، حيث ستساعد هذه الخطوة إنهاء الاعتماد الكلي على الدولار تدريجياً، وتعزيز العملات المحلية للدول وتأمينها بالذهب والمنتجات الأخرى النادرة في العالم. دول البريكس تمثّل اليوم أكثر من 40٪ من سكان العالم وحوالي 30٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ومع انضمام دول أخرى، ومن بينها بعض الدول العربية فان ذلك سوف يزيد من استخدام العملة الجديدة في التجارة العالمية، في الوقت الذي ستكون الطريقة الأكثر احتمالا «لإزالة الدولرة» هي تنويع الأصول الاحتياطية لتلك الدول. فمجموعة دول البريكس تمثّل اليوم أكبر اقتصادات الجنوب العالمي، ولها القوة الكبيرة في عمليات الإنتاج والاستهلاك، الأمر الذي يساعد هذه الكتلة التجارية بالاستدامة والقابلة للحياة.
المساعي للتقليل من استخدام الدولار الأمريكي ليس موضوع اليوم، ولكنه تجدد بصورة كبيرة نتيجة لردّ الولايات المتحدة تجاه بعض الدول في العالم، وخاصة العقوبات الأخيرة ضد روسيا نتيجة لحربها مع أوكرانيا. فهناك نقاش كبير حول كيفية بناء نظام مالي مستقل عن أمريكا والغرب داخل بلدان البريكس، خاصة مع موجات أسعار الفائدة الأمريكية التي تخلق ظروفا اقتصادية ونقدية صعبة للكثير من دول العالم.
فدول البريكس هدفها تحقيق مستوى من الاكتفاء الذاتي في التجارة الدولية فيما بينها والذي استعصى على نقابات العملات الأخرى في العالم تحقيقها. فهذه المجموعة تضم حدوداً إقليمية غير مشتركة، وهي قادرة على إنتاج نطاق أوسع من السلع بصورة أكبر من أي اتحاد نقدي قائم نتيجة للتنوع الجغرافي والديموغرافي. ولكل منها وزنًا اقتصاديًا ثقيلًا في منطقته، الأمر الذي يعطي القدرة لها لتعزيز الأعمال التجارية والتبادل السلعي، بجانب الالتفاف على القيود التجارية فيما بينها، وتعزيز عمليات إعادة التصدير فيما بينها. فهذه الدول توصف بأنها من الاقتصادات سريعة النمو التي يمكن أن تهيمّن بشكل جماعي على الاقتصاد العالمي بحلول عام 2050، فيما تعد الدول الأربع منها البرازيل وروسيا والهند والصين من بين أكبر عشر دول في العالم من حيث عدد السكان والمساحة والناتج المحلي الإجمالي.
مجموعة البريكس، ومنذ عام 2009 تشكّل على نحو متزايد كتلة جيوسياسية أكثر تماسكاً، وتجتمع حكوماتها سنويًا في قمم رسمية لتنسيق السياسات متعددة الأطراف، مع العمل على عدم التدخل في شؤون الآخرين، وتحقيق المساواة والمنفعة المتبادلة فيما بينها ودول العالم، كما أنها تعد اليوم المنافس الجيوسياسي لمجموعة الدول الغرب السبع الكبرى، وتسعى إلى توسيع العضوية خلال الفترة المقبلة.