Image Not Found

توقعات قمة “البريكس” بجنوب أفريقيا

حيدر بن عبدالرضا اللواتي – الرؤية
[email protected]

تُعقد في جنوب أفريقيا خلال أغسطس المُقبل النسخة الخامسة عشرة من قمة مجموعة “بريكس” (التي تضم: البرازيل- روسيا- الهند- الصين- جنوب أفريقيا)، وذلك تحت شعار “بريكس وأفريقيا.. شراكة من أجل النمو المتسارع والتنمية المستدامة والتعددية الشاملة”، وسيكون رئيسها سيليل راموفوزا رئيس القمة المُقبلة بعد أن تولى هذا المنصب من الرئيس الصيني شي بينغ في السنة الماضية، ومن المتوقع حضور رؤساء أفارقة وعرب في هذه القمة التي هدفها تعزيز مصالح القارة السمراء في المقام الأول.

ونظرًا لأهمية هذا التحالف الاقتصادي الجديد فقد أبدى عدد من الدول في العالم اهتمامًا بالانضمام إلى مجموعة “بريكس”، منها بعض الدول العربية وهي المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر والجزائر بجانب تركيا وإيران والأرجنتين. ومعظم تلك الدول العربية غنية باحتياطيات الطاقة التقليدية من النفط والغاز، وهي حليفة للغرب وأمريكا، إلا أن الأحداث والمستجدات الحديثة تشير إلى تغيير في قرارات الدول الراغبة في الانضمام إلى هذا التحالف.

والسؤال هنا عن مدى رغبة سلطنة عُمان في الانضمام إلى هذا التحالف الاقتصادي، في الوقت الذي تبذل فيه الجهود بالعمل على التنويع الاقتصادي وتعزيز الموارد واستغلال الإمكانات والقدرات التي تتمتع بها البلاد في مختلف المجالات.

البيانات الحديثة تشير إلى أنَّ 19 دولة مختلفة من مختلف القارات أرسلت رسميًا طلباتها للانضمام إلى تحالف البريكس؛ حيث تهدف الدول النامية من خلال عضويتها إلى هذا التحالف إنشاء نظام مالي جديد والابتعاد عن الدولار مهما أمكن ذلك، وتعزيز وضع الاحتياطي النقدي الأجنبي من خلال استبدالها بالدولار الأمريكي، عملة جديدة على المسرح العالمي لتسوية التجارة الدولية، وهي عملة البريكس، إن صح التعبير. ومع وجود هذه الدول سينتج عن ذلك تحالف قائم على القوة الاقتصادية والمناورة التي يمكنها من تحدي دول مجموعة السبع الكبرى التي تضم الولايات المتحدة وكندا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة واليابان والتي تساهم بنحو 27.8% في الاقتصاد العالمي الكلي، بينما ستشكل دول البريكس بنحو 35% من اقتصاد العالم.

زيادة عدد دول البريكس سيُؤدي إلى توسيع هذه الكتلة بحيث سيجعل النظام المالي العالمي يميل نحو الدول النامية الشرقية وليس الدول الغربية؛ الأمر الذي سيقلل من الاعتماد على الدولار الأمريكي تدريجيًا خلال السنوات المقبلة، وتراجع مكانته في النظام العالمي وفق توقع الخبراء في هذا الشأن. فالدول الغنية بالنفط يمكن لها بيع نفطها الخام إلى الدول الغربية بالعملة الجديدة لبريكس وإجبارها على تسوية التجارة بهذه العملة، ما سيُسهم في بناء نظام مالي عالمي جديد، ويكون في صالح الدول الشرقية النامية.

ويرى الخبراء أن وجود أعضاء جدد في البريكس يمثل خطوة إيجابية جيدة؛ حيث إن التوسع يُنظر إليه دائمًا بنظرة إيجابية وفقًا لصحيفة “إزفستيا” الروسية وبالتالي “سيعزز بالتأكيد من النفوذ العالمي لبريكس”، فيما سيُنظر في عضوية بعض الدول في القمة المقبلة لإقرارها، وسوف يأتي الدور بانضمام دول أخرى إلى التحالف في المرات المقبلة.

وكما هو معروف أن مجموعة دول بريكس تشكلت من 5 اقتصادات ناشئة ضمت كل من البرازيل وروسيا والهند والصين في بداية الأمر، ثم أضيفت لها جنوب أفريقيا؛ وتأسست المجموعة عام 2006 على هامش قمة المناقشة العامة لجمعية الأمم المتحدة، وعقدت أول قمة لها عام 2009 في روسيا. وتعقد هذه الدول الأعضاء قممًا سنوية في إحدى الدول الأعضاء، وكان آخرها في الصين العام الماضي. وتعمل هذه الدول على تشجيع التعاون التجاري والسياسي والثقافي، وتعمل على تأسيس نظام عالمي متعدد الأقطاب؛ فأسواق تلك الدول الخمس ناشئة وسريعة النمو، وتتحدى في نموها بشكل متزايد التحديات الاقتصادية لبعض الاقتصادات المتقدمة.

وحيث إنَّ القمة المُقبلة ستُعقد في جنوب أفريقيا، فإن السؤال المطروح هو مدى قدرة دول البريكس على تقديم الجديد للدول الأفريقية بدلًا من الغرب، فمن المتوقع أن تساهم بريكس بأكثر من 50% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي إذا نجحت عملية توسيع العضوية، وبالتالي ستكون الدول الأفريقية في طليعة الدول التي سوف تستفيد من المشاريع التي ستطرح على أرض الواقع.

الدول الأفريقية كباقي دول العالم في القارات الأخرى تعرضت إلى أساليب إمبريالية أفقدتها الكثير من القدرات والإمكانات بالرغم من الموارد الكثيرة والمتعددة التي تمتلكها والتي يستغلها الغرب وأمريكا أسوأ استغلال منذ عقود. ومن هنا فإنَّ الباب مفتوح أمام تحالف دول بريكس لتعزيز أعمالها في الدول الأفريقية وغيرها، من خلال الاستفادة المثلى من الموارد المتاحة وزيادة حجم التجارة والمشاريع الاقتصادية والإنمائية بصورة عامة.