مامن لقاء جمعني وإياه إلا ازددت منه ثراء معرفيا.
في آخر لقاء ” قبل سنة ” شعرت معه أنه يريد البوح وبأعلى مايختلج صدره فاتحا دفاتر الزمن بأبجدياته المحفوظة من ذاكرته حرفا حرفا وكلمة كلمة وأنا أخط بدفتري كلماته “المرهقة” فأركب منها جملا مفيدة بمساعدة ” فاطمة ” رفيقة دربه وأم عياله فهي شاهدة على تفاصيل حياته مذ أن جمعتهما أقدارهما ” الأستاذ المعاون والطالبة”
في المدرسة الأهلية للأستاذ محمد علي تقي ” ماستر مامدلي “
مصطفى K هكذا عرفه أبناء مطرح و “K” ” نيشان ” من نياشين أستاذه له وبه قد عُرف بين أقرانه والجيل الذي تلاه.
ومتى ما أردنا أن نقايسه بأقران جيله كانت صفحات ثقافته هي المتصدرة للمشهد الذي يقايس بها ، فقد عرف بين من جالسه ومن تعلم على يديه أنه ثر في آفاقه العلمية والثقافية غزير في معارفه عميق في مطالعاته كثير القراءة للكتب التي كانت تأتيه من آفاق الدنيا على ندرتها فقد لازم القراءة وواضب على اقتناء أمهات الكتب عبر المسافرين الذين كانوا يأتون له بأنفس المصادر فيتغدى على موائدها فهي أساس أداماته التي صقلت شخصيته المعرفية والثقافية.
في بدايات فترة عطائه عمل نائبا لأستاذه محمد علي تقي وأخذ جانبا من مهامه التدريسية وتخرج على يديه جيل تسنم مواقع وظيفية إشرافية لاسيما في البنوك وشركة تنمية نفط عمان و Gray Mackenzie.
ترك التدريس والتحق مع أوائل الستينيات بالبنك البريطاني مالبث أن ترك الوظيفة والتحق بشركة تنمية نفط عمان في 1964 يومها كان مقر الشركة في العذيبة.
تعتبر هذه الفترة من حياته ولقرابة أربعين سنة من أخصب فترات تعلمه وتعليمه للأجيال التي تخرجت على يديه مع رعيل من أبناء الوطن الذين كرسوا حياتهم في خدمة مشروع ” الوطن” لأن تنمية نفط عمان كانت مصنعا للرجال الذين بآفاقهم قد قدموا خدماتهم الجليلة في زمن بدأ صعبا ولازال يشكل تحديا للأجيال التي تلتحق في ركب الآباء فتنمية نفط عمان بدأت تنمو رويدا رويدا ومع كل نبض فيه كفاح وتطلع فهنالك عطاء وبذل ونماء.
في آخر أربعة لقاءات معه في العام الماضي كان يردد:
هل لي من فرصة فأعود أدراجي إلى ذلك البيت الصغير في سور اللواتيا حيث كنت أشعل فتائل فانوسي وأقرأ في ” أرسين لوبين” في مختلف رواياته.
أم هل يعطيني الزمن إشراقة على المصور وآخر ساعة وقصص قانونية لبطلها ” بيري ماسون”
أين اختفت رواية هلال ونفائس المحققة ” باول دراك” ومجموعة جورج جرداق ” صوت العدالة الإنسانية” عن الإمام علي عليه السلام.
أريد أن أقرأ في دفاتر وأوراق الزمن وكتب العمالقة من أمثال طاغور.
للقصة تكملة
مع مصطفى وفاطمة.
اليوم وقبل ساعة ومع مساء من مساءات شهر رمضان قد ووري مصطفى الثرى.
نسأل الله له المغفرة والرحمة وألحقه بالصالحين من عباده وساداته محمد وآله.
إنا لله وإنا إليه راجعون.