تزخر المنطقة بالعديد من المعادن التي يمكن أن تشكّل مصدر دخل كبيرا لها، وتوفّر بالتالي مزيداً من فرص العمل لأبنائها. وسلطنة عمان لديها العديد من المعادن، حيث شهد هذا القطاع تطورات عديدة خلال العقود الماضية، فيما تجري العديد من الاستكشافات والتنقيب عنها باستمرار عبر المسوحات الجيوفيزيائية الجوية في مختلف أنحاء البلاد.
إن استغلال هذه المعادن يأتي ضمن خطة عمان الإستراتيجية لتنويع مصادر الدخل ورؤية عمان 2040. ومن هذا المنطلق جاء توقيع الحكومة العمانية مع إحدى الشركات البريطانية اتفاقية جديدة لاستغلال معدن “النيكل ومشتقاته” مؤخراً، حيث منحت بموجبها الامتياز التعديني لشركة “نايتس باي” البريطانية للحصول على حق الامتياز في المنطقة التعدينية رقم 21 الواقعة بولاية إبراء بمحافظة شمال الشرقية بالباطنة لاستخراج معدن النيكل ومشتقاته بنقاوة عالية دون أي انبعاثات كربونية (صفر كربون).
وتعد هذه الاتفاقية الأولى من نوعها ضمن الاتفاقيات التعدينية مع مستثمر أجنبي، حيث تقدّر الاستثمارات المبدئية والمتعلقة بمرحلة الاستكشاف والتقييم بحوالي 25 إلى 30 مليون دولار أمريكي في السنوات الثلاث الأولى، فيما تغطي الاتفاقية مساحة قدرها 1444 كيلومترًا مربعًا لعمل مسوحات جيولوجية وحفر عدد من الآبار الاستكشافية والتقييمية للتأكيد من وجود كميات الاحتياطي من هذا المنتج.
ووفق ما صرح به الدكتور صلاح بن حفيظ الذهب مدير عام المديرية العامة للاستثمار بوزارة الطاقة والمعادن فان هذا المشروع سيعمل على رفع القيمة المضافة من خام اللاتيريت عن طريق استخلاص معدن النيكل منه. وفي حال كانت نتائج التقييم إيجابية فإن المشروع سيكون خطوة مهمة في الطريق لتطوير اقتصاد متنوع وسيفتح مجالات استثمارية أوسع لمؤسسات وشركات استثمارية أخرى في السلطنة ومنطقة الخليج عموماً، فيما يرى رئيس مجلس إدارة شركة “نايتس باي” البريطانية بريان سبراتلي أن الاتفاقية مهمة لتحقيق الاستراتيجية التصنيعية وتعزيز الصناعات غير النفطية بها خلال السنوات المقبلة، حيث ستسعى الشركة البريطانية إلى بناء وتطوير ومعالجة معادن البطاريات (النيكل والكوبالت) بالسلطنة لتلبية الطلب العالمي من معدن النيكل عن طريق مصنعي السيارات الكهربائية.
لقد شهدت الفترة الماضية ارتفاعاً في أسعار النيكل في العالم بنسبة ثلاثة أضعاف بسبب مخاوف من فرض عقوبات على روسيا التي تعد أكبر مصدر للنيكل. فهناك عدة دول في العالم لديها هذا المنتج إلا أنها تحتاج إلى اكتشافها واستخراجها وتصديرها. ودخول السلطنة سوف يعطي لها الفرصة في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية في هذا القطاع الحيوي، مع توجهات الحكومة بتخصيص المعادن واعطاء الامتيازات في المجال التعديني وتطوير الاستثمار في تلك المناطق للمستثمرين الراغبين.
وتعتبر المعادن في عمان من المنتجات التي تتوافر بكثرة في جبالها والمواقع الأخرى، كما يعد قطاع التعدين أحد القطاعات التي ترتكز عليها السلطنة في المرحلة المقبلة مع تنمية قطاعات التصنيع والسياحة والاسماك في إطار رؤيتها الاقتصادية وضمن سياسية التنويع الاقتصادي بحيث يتم استغلالها بصورة جيدة مع المستثمر المحلي والأجنبي الذي بدروه يؤكد أن عمان تعتبر من الدول التي تتوفر بها فرص تنمية الاستثمارات الجيدة. وهذا ما دعا الحكومة العمانية مؤخراً لتهيئة صالة كبيرة باسم (استثمر في عمان) لتكون محطة واحدة لأي مستثمر ينوي الاستثمار في مثل هذه المشاريع المجدية.