الجهود المبذولة من قبل الجهات المعنية والمؤسسات والشركات العُمانية لجذب الاستثمارات الأجنبية تحتاج إلى مزيد من الترويج والتسويق والتواصل على المستوى العربي والعالمي، خاصة وأن هناك قلة معرفة لدى الكثير من دول العالم وشعوبها، بما يدور في سلطنة عُمان على مستوى تأسيس المناطق الصناعية والاقتصادية والمناطق الحرة، وما تقدّمه عُمان من حوافز ومزايا في الاستثمار الأجنبي، بجانب عدم معرفتهم عن الموقع الجغرافي للسلطنة إلا في حالة ذكر بعض المدن التجارية الهامة في المنطقة الخليجية لهم.
هذا ما تم طرحه على طاولة بعض المسؤولين من أجل القيام بحملة إعلامية لتغيير هذا الواقع، إضافة إلى توحيد الجهود المبذولة لجذب الاستثمار الأجنبي من خلال تدشين الصالة الرئيسية “استثمر في عُمان”، والخدمات التي سوف تقدمها على المستوى الثنائي والجماعي لأصحاب الاستثمارات وتعريفهم بالمشاريع والفرص الاستثمارية المتاحة في البلاد، بحيث تكون قيمة هذه المشاريع لا تقل عن مليون ريال عُماني (2.6 مليون دولار أمريكي).
وسبق افتتاح هذه الصالة بيوم واحد قيام معالي قيس بن محمد اليوسف وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار بعقد لقاءٍ مع بعض الكتاب العُمانيين الذين يتناولون القضايا الاقتصادية في الصحف ووسائل الإعلام المحلية؛ حيث بيّن معاليه في حديثه أن الحكومة ووفق التوجيهات السامية لجلالة السلطان المعظم- حفظه الله- لا تريد التمييز في الرسوم التي تقدم للمستثمر المحلي والأجنبي مقابل الخدمات والمزايا الاستثمارية التي تقدمها للاستثمار الأجنبي، بحيث يحصل كل ذي حق على حقه، على أن تُعطي الشركات الأجنبية القادمة اهتمامًا بتوظيف العُمانيين، في الوقت الذي تقوم فيه الجهات المعنية بتدريب هؤلاء الشباب لتشغيلهم في تلك المؤسسات.
والهدف من افتتاح هذه الصالة ألا يتيه المستثمر بين الجهات المعنية ويضيّع أيامه وأوقاته بين وزارة وأخرى كما كان يُعامل به في السابق، وألا يَسمع إلى أحاديث وبيانات ومعلومات متباينة ومتناقضة من المسؤولين. فاليوم من المهم أن يوحد الوزراء والوكلاء والسفراء ومديرو العموم وغيرهم رسائلهم وأحاديثهم عند تقديم تلك المعلومات، ويكون الشرح وافيًا ومكتملًا وغير متناقض في أي أمر يهم الاستثمار الأجنبي الذي لا يعني فقط المسثتمر القادم من الخارج فحسب، بل يأتي المستثمر المحلي في المقام الأول، والذي سيكون أحرص في العمل بهذه القضايا، خاصة في مجال توفير فرص العمل لأبناء بلده.
الصالة الجديدة مزوّدة بالخدمات الرقمية والإلكترونية التي يمكن لأي مستثمر داخل البلاد وخارجها الوصول إلى المعلومات والبيانات والإحصاءات التي يطلب الحصول عليها من أجل وضع تصوّر كامل حول الاستثمار في السلطنة، في الوقت الذي سوف يبدي المسؤولون في الصالة اهتمامهم لأي مشروع سواء أكان ذلك في المجال الصناعي أو الطبي أو الزراعي أو التقني أو غيره بحيث يتم توصيل المستثمر الأجنبي إلى الجهة المعنية وبسرعة كبيرة.
هناك الكثير من الأعمال التي تريد الوزارة المعنية القيام بها خلال المرحلة المقبلة في إطار رؤية “عُمان 2040″؛ منها: تعزيز القيمة المضافة لهذه المشاريع وتعزيز أهمية المنتج الصناعي العُماني وكذلك الخدمات التي تقدمها المؤسسات والشركات العُمانية، باعتبار أن هذه المنتجات مرتبطة بالهوية العُمانية والشعار المحلي. كما تهدف الوزارة لاختراق الأسواق الخارجية للوصول إليها وخاصة القريبة منها كالأسواق الأفريقية التي يمكن أن تشكّل مصدر تصدير جيد للمنتجات العُمانية خلال المرحلة المقبلة في وجود عدد من البعثات الدبلوماسية بها.
وضمن اهتمامات الوزارة تأسيس منظومة للجمعيات الاستهلاكية في البلاد، على غرار المؤسسات المقامة من قبل بعض الشركات غير العُمانية التي تستغل العوائد المالية الكبيرة التي تحصل عليها من بيعها لمختلف المنتجات والسلع التي يمكن تصنيعها في البلاد؛ الأمر الذي يساهم في الحد من خروج العملة الصعبة من السوق، وزيادة التحويلات المالية السنوية للخارج.
المجمعات التجارية بدأت منذ عدة سنوات مضت في فرض الكثير من الرسوم على عمليات ترويج وتسويق وبيع المنتجات الصناعية الوطنية بها، والتحكم في هذه القضايا، ووضع شروط مجحفة لعمليات الترويج والتسويق؛ الأمر الذي يؤدي إلى غياب تنظيم الأسواق بالنسبة للمنتجات الوطنية في هذه المجمعات، وزيادة شكاوى الصناعيين والجمهور، وهذا سوف يتم إداركه من خلال تأسيس مجمعات استهلاكية وطنية أو قيام أصحاب المجمعات القائمة بتحويلها إلى شركات مساهمة عامة بحيث تتاح الفرص للجميع.
ووجود صالة “استثمر في عُمان” سوف يقضي على الكثير من المصاعب التي تواجه الاستثمار الأجنبي، ومختلف الفئات الاستثمارية، في وجود هذا العدد الكبير من ممثلي الوزارات والهيئات المعنية التي تعمل على جذب الاسثمار الأجنبي للبلاد. المستثمر الأجنبي يؤكد بنفسه أن هناك العديد من فرص العمل والاستثمار في البلاد وخاصة في مجال مشاريع الهيدرجين الأخضر والقطاع السمكي والأمن الغذائي ومشاريع التقنية والتعدين وغيرها من القطاعات الأخرى، التي يمكن من خلالها تأسيس المشاريع الاستثمارية المجدية.
جميع هذه القضايا مرتبطة اليوم بمدى معرفة الشعوب بسلطنة عُمان، فهي التي تستثمر أموالها في الخارج وليس الحكومات؛ الأمر الذي يتطلب الترويج والتسويق للبلاد ومقوماتها ومشاريعها والحوافز والمزايا التي تقدمها من أجل الاستثمار الأجنبي. وهذه كفيلة بتحقيق ما نصبوا إليه، مع ضرورة الاستمرار في الترويج والتسويق وحضور المعارض الدولية وتشكيل الفرق التي تستطيع جذب المستثمرين لمختلف القطاعات الاقتصادية، مع العمل على تبسيط الإجراءات والابتعاد عن الممارسة التي لا تخدم الصالح العام.