Image Not Found

هل فقدت المعارض الاستهلاكية النسائية جدواها وتحولت لعبء على رائدات الأعمال؟

Visits: 2

عُمان: كتبت – رحمة الكلبانية

شريفة الريامية: كلفني إيجار وتجهيز ركن في أحد المعارض قرابة 1700 ريال وسط إقبال ضعيف واختيار خاطئ للمكان من الإدارة –

وفاء عزيز: الدور الرئيسي للمعارض يتثمل في التعريف بالمشاريع ومساعدة أصحابها على التوسع ولا يجب أن يمثل ذلك عبئا ماديا عليهم –

ريما الساجوانية: نعاني في قطاع التنظيم من التكرار ونقص الأفكار المبتكرة.. وعلى الإداريين تكثيف الترويج للمشاركين في كافة الوسائل الإعلامية –

نوف السعيدية: تعلم رائدات الأعمال لمهارات التسويق وإطلاق متاجر إلكترونية سيسهم في تطوير مشاريعهن والوصول للأسواق العالمية –

خلف منصات عرض جاذبة، وسط قاعات فارهة وفسيحة، تقف رائدات الأعمال العمانيات وهن ينظرن إلى الممرات شبه الخالية من الزبائن، وهن يعلمن يقينًا بأنها لن تغطي جزءًا بسيطًا من إيجار الأمتار المعدودة تلك. ففي الوقت الذي تنتشر فيه وسائل التواصل الاجتماعي وتمنح الجميع فرصة للوصول إلى أقصى نقطة للعالم، لا تزال صاحبات الأعمال يؤمن بأهمية المعارض الاستهلاكية النسائية في توصيل منتجاتهن لجميع الشرائح وبناء علاقات أكثر عمقًا مع الزبائن، بالرغم من التحديات والأعباء التي تواجههن خلال مشاركتهن فيها. والتقت “عمان” بمجموعة من رائدات الأعمال اللواتي أكدن على أهمية دعم المرأة العمانية وتذليل التحديات التي تواجهها في سبيل تطوير مشاريعها ومنها تعزيز قطاع المعارض وتنظيمه لتحقيق أكبر استفادة ممكنة بدلا من أن يصبح عبئًا عليها.

وتحكي شريفة الريامية، صاحبة علامة “شيري كوليكشن” للعطور تجربتها في أول معرض لها، وقالت: أؤمن بأهمية المعارض في التعريف والترويج للمنتجات عن قرب، لذلك اتخذت قرار المشاركة في أحد أفخم المعارض النسائية المتخصصة التي أُقيمت مؤخرًا في مسقط، حيث كلفني إيجار الركن بالإضافة إلى تجهيزه قرابة 1700 ريال عماني، وسط إقبال ضعيف، واختيار خاطئ للمكان، بالإضافة إلى تخصيص اسم المعرض ليشمل فئة محددة منعت عنا الكثير من الشرائح الأخرى بالرغم من تعدد المنتجات المعروضة وتنوعها.

وتقول الريامية إنه لا يمكن دائمًا إلقاء اللوم على الجهات المنظمة للمعارض، فالكثير من صاحبات الأعمال لا يلقين الإقبال المطلوب نتيجة عدم اهتمامهن بالشكل النهائي لمنتجاتهن وتغليفها بطريقة غير جاذبة وهو أمر لا يمكن محاسبة إدارة المعرض عليه، في المقابل يمكن للشركات المنظمة توجيه صاحبات الأعمال وتوعيتهن بوسائل العرض الجاذبة، كما من المهم أن تهتم بتواقيت عقد هذه المعارض لتتزامن مع نزول الأجور الشهرية للناس، حيث نعاني في سلطنة عمان من تراجع في القوة الشرائية بصفة عامة، مما يضعف التوجه نحو شراء الكماليات، كما على إدارات المعارض مراعاة الأسعار وعدم مساواة رائدات الأعمال العمانيات وصاحبات المشاريع المنزلية بالشركات الكبيرة أو الجهات التي تستقطبها من الخارج.

وبالرغم من انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وسهولة الوصول لأي منتج من أي مكان في العالم، تقول الريامية إن الحضور الفعلي في المعارض يسهم في الوصول إلى الشرائح التي لا تفقه كيفية الطلب أو الدفع من خلال الإنترنت. وهو ما أدركته بعد بدء محلي افتراضيا عبر الإنترنت، فالمجتمع ليس مستعدا بالكامل لتجربة التسوق الإلكترونية بعد، ويحتاج لمعاينة المنتجات وتفحصها.

وحول أنجح الطرق التي اتبعتها في الترويج عن عطورها، قالت الريامية: أعتمد كثيرا على منشورات التواصل الاجتماعي للوصول إلى منتجاتي، بالإضافة إلى فتح منفذ بيع حتى يتسنى للمتابعين اختبار العطور بأنفسهم. ولجأت في وقت من الأوقات لمشاهير التواصل الاجتماعي، وطلب بعضهم 2000 ريال عماني مقابل إعلان لا تصل مدة عرضه دقيقة واحدة ودون أثر يُذكر، قررت بعدها تعلم طرق التسويق الحديث بنفسي وتفعيل خاصية الإعلانات في برامج التواصل مقابل مبالغ معقولة.

غياب الدعم

وأكدت وفاء عزيز، صاحبة مشروع “رافيش شيلة” لبيع الملابس النسائية، على أهمية المعارض الاستهلاكية كنافذة مهمة للتسويق، حتى يتسنى للناس معاينة المنتجات ولمسها عن قرب والاستفسار عنها وبناء علاقات أعمق مع أصحاب الأعمال، إلا أن أسعار إيجار منصات العرض في هذه المعارض تحد الكثير من رائدات الأعمال من الإقبال عليها، ومن الصعب تغطية قيمة الإيجار من مبيعات المعرض مهما بلغت.

وأضافت أن الدور الرئيسي للمعارض هو التعريف بالمشاريع ومساعدة أصحابها على التوسع في السوق، ولا يجب أن يمثل ذلك عبئا ماديا عليهم، وأرى أنه لا بد من إقامة معارض موسعة لرواد الأعمال العمانيين من فترة لأخرى حتى يتسنى للجماهير معرفتها لتتطور أكثر. وقالت إن هناك منتجات عمانية تنافس بجودتها أسامي عالمية كثيرة ولكنها خاملة بسبب عدم وجود منافذ صحيحة لعرضها.

وقد قادت تحديات غياب الدعم اللازم في توفير منصات عرض للمشاريع العمانية الكثير من أصحاب الأعمال للتعاون مع الشخصيات المعروفة والتي يتعقبها الآلاف عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتقول وفاء عزيز إن ذلك جعلهم عرضة للكثير من الخسائر نظرًا لعدم ضمان جودة تلك الإعلانات أو فترة بقائها القصير. وتقول: إن فاعلية المعارض في إقامة علاقات جادة مع الزبائن لا تتقارن بوسائل التواصل الاجتماعي، ولكن الأخرى في المقابل تتيح لنا الوصول لمختلف شرائح المجتمع سواء من خلال منشوراتنا الخاصة أو تفعيل خاصية الإعلانات المدفوعة والإقبال منها ليس سيئا على الإطلاق.

الحاجة للابتكار

وللاقتراب من واقع القطاع، ألتقت “عمان” بريما الساجوانية، مؤسس ورئيس مجلس إدارة مشاريع ريما المتكاملة لتنظيم الفعاليات والمؤتمرات والمعارض، التي أقرت بالتحديات التي تواجه القطاع، وناقشت الحلول التي تسهم في تذليلها، وقالت: نعاني في قطاع تنظيم المعارض محليا من التكرار، ونقص الأفكار المبتكرة والجديدة، وغياب الوعي بأهمية التنوع في اختيار الأماكن والتنظيم وطرق العرض والتسويق ولتكون متجددة ومواكبة للتقدم الذي نشهده في جميع مناحي الحياة اليوم، ولنواكب أيضًا التقدم الذي يشهده هذا القطاع في الدول المجاورة من خلال تنويع الفعاليات والمهرجانات التي تستقطب وتعرض المشاريع الصغيرة والمحلية بصورة متجددة وفريدة.

وتابعت حديثها: في ظل توجه الحكومة ودعمها للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، لا بد لنا كشركات منظمة للمعارض أن نستفيد من التسهيلات المقدمة من قبل الحكومة والتسابق في الخروج بأفكار ابتكارية وحديثة في مختلف محافظات سلطنة عمان، وأن تتعاون الشركات المنظمة وتستمتع لمطالب الشركات المحلية العارضة وأن تقترب أيضًا إلى المستهلكين وأفراد المجتمع لمعرفة احتياجاتهم والخروج بمعارض تخدم توجهاتهم وتذلل قدر الإمكان من التحديات التي تواجههم.

وقالت ريما الساجوانية إنه للمساهمة في الترويج الصحيح للمشاركين، على إدارة المعارض البدء بالتسويق الصحيح للعارضين عبر وسائل الإعلام التقليدية والاجتماعية بمدة لا تقل عن شهر قبيل انطلاق المعرض وحتى انتهائه، كما من المهم أن ينتبه العارضون أنفسهم إلى أهمية تسويق منتجاتهم وتنسيقها وتغليفها بطريقة جاذبة، حيث إنها نقطة مهمة تنتبه إليها إدارات المعارض عند اختيار المشاركين، كما يمكن للشركات المنظمة أنفسها أن ترشد أصحاب المشاريع وتساعدهم في تقديم وعرض منتجاتهم بالشكل المطلوب.

ولضمان نجاح الفعالية، ترى الساجوانية أنه من المهم اختيار مكان عقد المعرض في مواقع معروفة ويسهل الوصول إليها من قبل العامة، أو في أماكن يتردد عليها الناس بالفعل. بالإضافة إلى اختيار رعاة الحفل ممن يضيفون ويسهمون في نشر خبر الحدث، ويُفضل أن يكون مهتما بموضوع أو خلفية المعرض وقريبا من المشاركين.

وترى أيضًا أنه من المهم أن تكون هناك فعاليات أخرى مصاحبة وجاذبة للزوار، مثل عروض الأزياء، وفقرات تعليمية ومباشرة لخبيرات التجميل، أو عرض قصص نجاح لشخصيات مهمة ومؤثرة في المجال، بالإضافة إلى التعاون مع وسائل الإعلام المختلفة للوصول لأكبر شريحة ممكنة من الجمهور.

ولفتت إلى أن للنساء العمانيات طاقات غير محدودة في جميع المجالات، وقد استطعن النجاح في بدء مشاريع منزلية وإدارتها وقيادتها للنجاح قبل وجود وسائل التواصل الاجتماعي وأساليب الدعايا الحديثة، إلا أن بعضهن يواجهن تحديات تتعلق بالدعم المادي وعدم دراية كافية بأساليب وطرق الإدارة الحديثة، وهو الأمر الذي ينبغي من الجمعيات والجهات والمراكز المتخصصة تغطيته وتوفيره لهن، كما على النساء ورائدات الأعمال أنفسهن معرفة كيفية إدارة وقتهن بالطريقة الصحيحة، للتعلم وإعطاء مشروعهن تركيزا أكبر لضمان تطوره، وأرى أنه من المهم أيضًا أن يدرس أصحاب المشاريع السوق اليوم لمعرفة احتياجاته الفعلية والأسعار التي تتناسب مع القوة الشرائية السائدة.

وأوصت الساجوانية في ختام حديثها بأهمية وجود مركز لدعم المرأة وتأهيليها خاصة من فئات الأرامل والمطلقات وذوات الدخل المحدود، وإنشاء صندوق خاص لدعم رائدات الأعمال الناشئات.

أدوات فاعلة

وفي فضاء رحب كمواقع التواصل، حيث تعرض آلاف الشركات منتجاتها بأسعار منافسة من جميع أنحاء العالم، تقول نوف بنت سعيد السعيدية، أخصائية تسويق إنه أصبح من الضروري لكل رائدة عمل أن ترفع من معايير عملها، إما من خلال التعلم الذاتي أو الحصول على استشارات من خبيرات التسويق والمسوقين والمؤثرين أو تفويض العمل لجهات مختصة، حيث أصبحت هذه الخطوة أسهل مما مضى، مع تعدد بيوت الخبرة وسهولة الوصول إليها وتنوع أسعارها.

وتؤكد السعيدية على أهمية تعلم واكتساب مهارة التسويق لما لها من دور في تحقيق قفزات وقطع مسافات طويلة لتطوير المشاريع، والوصول لشرائح أكبر من المستفيدين، وتحويل الأعمال المنزلية إلى شركات صغيرة بأهداف أكبر تغطي الأسواق المحلية وتصل للأسواق الإقليمية والعالمية، وقالت: على أصحاب المشاريع وإن كانت بسيطة السعي للتعريف بمنتجاتهم من خلال جميع الوسائل والوسائط الممكنة، وعلى رائدات الأعمال الاعتزاز بأعمالهن مهما بدت بسيطة، حيث يتوجه العالم اليوم لشراء وتقدير الأعمال اليدوية والخاصة أكثر من ذي قبل، كما أن تحسين عملية الوصول للمشاريع يسهم تلقائيا في تعزيز جودة المنتجات لتتناسب مع المعايير الجديدة.

إن عمليات التحسين وإن بدت بسيطة ستسهم في تعزيز منظومة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وستسهم في ترقيتها وبالتالي تنمية الاقتصاد المحلي، وحول ذلك قالت السعيدية: إن بدء رائدات الأعمال وصاحبات الأعمال المنزلية باتخاذ خطوات تسويقية واضحة وممنهجة وإنشاء متاجر إلكترونية تعرض المنتجات بحرفية سيسهم في توسيع الأعمال والوصول إلى أسواق جديدة ويفتح بابًا لأعمال ومنتجات أخرى ويطرح فرصًا وظيفية.