في عالم اليوم يحاول كل شخص أن يحقق هدفه، وخاصة الحصول على بعض الثروة والمال ليعيش هو وعائلته سعيدين في الحياة. فاحتياجات الدنيا كثيرة، ومن الصعب تحقيق كل ما نرجو منها. فالمال مهم للاستمرار في الحياة كالماء والأوكسجين، وبدونه لا يمكن للفرد تحقيق طموحاته، ولكن عليه أن يجني المال من المصادر الشرعية والتعامل مع الحلال، وليس عبر الغش والنصب والفساد والتلاعب بالقوانين والتشريعات، واستخدام وسائل الحرام.
وهناك الكثير من الأدبيات التي صدرت حول المال في العالم خلال القرون الماضية، إلا أننا نشير هنا إلى كتاب قديم صدر بمدينة بابل العراقية التي تميزت بموقعٍ جغرافي إستراتيجي واشتملت على الموارد الطبيعية ومناجم الذهب، بجانب اهتمامها بالإنسان الذي ساهم باستكشاف العديد منها. فالكتاب يضمن بعض النصائح التي قدمها أحد أغنى رجل عُرف في تلك الفترة باسم “أركاد” الذي اتصف بالعديد من الصفات الاجتماعية الراقية في المعرفة والحكمة وحبه للناس ومساعدتهم في إنجاز أعمالهم. وقد أدى أسلوب عمله بأن حقق ثروة كبيرة. وقد وردت تلك القضايا في كتاب صدر في عام 1926 بعنوان “أغنى رجل في بابل” للأمريكي جورج صامويل كلاسون تناول فيه أهم مبادئ تكوين الثروة من خلال مناقشته لمجموعة من المبادئ الاقتصادية التي تهم جوانب المال في الحياة. فكل من لديه القدرات والكفاءات يمكن له تحقيق ذلك مع العمل والسعي والرغبة، ولكن بطرق صحيحة وبأسلوب عملي نظيف وسعي مستمر نحو تحقيق ذلك.
فهذا الشخص “اركاد” اتبع عددا من القواعد للتعامل في تحقيق المال منها الاهتمام بالوقت والدراسة مع ضروة أن يضع الإنسان جزءاً من ماله ودخله كادخار شهري أو أسبوعي لتحقيق الثروة فيما بعد، الأمر الذي يساعد المرء على تكوين مبلغ يحتاج إلى صرفه لاحقا. وهذا الأمر يتحقق من خلال قيام الشخص بدفع مبلغ من راتبه لنفسه أي بادخار نسبة معينة ولنَقل ما بين 5 % إلى 15 % من راتبه ويضعه من أجل الادخار لمواجهة الأعباء والالتزامات المالية والحاجات الأساسية الطارئة. ويعتبر ذلك أو خطوة في تحقيق الثروة والمال. وهناك اليوم العديد من الدول والشعوب تتبع أسلوب الادخار، بحيث أصبح لديها بنوك تقدم القروض والمساعدات والمنح لدول أخرى من تلك الأموال المدخرة كاليابان والصين وكوريا الجنوبية وتايوان وغيرها من الدول الأخرى. فشعوب تلك الدول تتبع أسلوب التصرف في الميزانية الشهرية للنفقات الأساسية، ولا تعمل بأسلوب التبذير والإسراف الذي نهى عنهما الله في القرآن الكريم. فشعوبنا عليها التركيز على الإنفاق على الضرويات وليس على الكماليات، أي أنه من الضرورة أن نميّز بين ما هو ضروري لنا في الحياة، وبين ما هو من الكماليات.
وفي الوقت الذي تعمل فيه بعض الشعوب على تحقيق المال، إلا أنها تعمل أيضا باستثمار تلك المبالغ في المجالات الاستثمارية من أجل تنمية مدخراتها في قطاعات اقتصادية وأعمال حرة، مع حفاظها على الثروة من الضياع من خلال اختيار المشروعات الجيدة التي يمكن أن تحقق مزيدا من الثروة والمال، وتأتي بدخل ثابت لأصحابها لاحقا دون ديون.
وفي الختام على المرء أن يتعلم من الحياة بجانب سعي في تطوير قدراته ورفع مستوى فهمه في المهن التي يعمل بها.