Image Not Found

ضرورة الاستدامة المالية في مؤسسات المكفوفين

حيدر بن عبدالرضا اللواتي – الرؤية
[email protected]

تبذل بعض المؤسسات الخاصة- في إطار مسؤوليتها الاجتماعية- جهودها في دعم ومساندة قضايا المجتمع المدني للفئات التي تُعاني من الإعاقة الدائمة أو المُؤقتة، وتقف مع تلك القضايا من خلال تقديم التمويل اللازم لها أحيانًا ولبعض مشاريعهم المجدية، إضافة إلى مساندتهم في تقديم الدعم المعنوي، ووضع المقترحات والحلول، وتوصيل صوت هؤلاء الأشخاص إلى الجهات المعنية من أجل استدامة أعمال مؤسساتهم.

ومن هذه المؤسسات “منصة العيون” التي قامت خلال السنوات الماضية بتنظيم عدد من الفعاليات والأنشطة للوقوف على قضايا المعاقين من مختلف العاهات، وممن يعانون من مشاكل في السمع والبصر والحركة والتعليم وغيرها من التحديات التي تواجه بعض أبناء المجتمع.

وفي إطار هذا الدعم، نظمت “صحيفة ومنصة العيون” قبل أيام مضت منتدى “عُمان لرعاية المكفوفين” برعاية معالي السيد محمد بن سلطان البوسعيدي نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء، والذي يستهدف إلى تقديم الدعم المستدام لبرامج جمعيات المكفوفين، وإيجاد وتخصيص مُساهمات ثابتة لهم في إطار المسؤولية الاجتماعية بالشركات الكبرى، إضافة إلى توفير المشروعات البحثية العلمية والتقنية لدعم فئة المكفوفين في البلاد.

هناك اليوم 25 ألف كفيف في السلطنة وفق الإحصاءات التي أُعلن عنها في المنتدى، منهم من وُلد بهذه العاهة، ومنهم من تعرّض إلى أمراض ومشاكل معينة في البصر أدت إلى فقدهم تلك النعمة. وجميع هؤلاء الأشخاص يحتاجون إلى خدمات مستمرة، خاصة وأن معظمهم يواصلون التعليم والتدريب، وبعضهم حاصلون على درجات علمية أكاديمية، ومنخرطون في الأعمال، إلا أن العديد منهم ينتظرون توفير فرص العمل لهم لتمكينهم من الاعتماد على أنفسهم.

في المنتدى الأخير، جميع من قام بقراءة القرآن الكريم وتقديم برنامج المنتدى والحوار خلال الجلسات المختلفة كانوا من المكفوفين، وقدموا أنفسهم بصورة رائعة، حيث تمكنوا من تسليط الضوء على قضاياهم وطرح التحديات التي يواجهونها في المجتمع. فالسلطنة تدعم برامج هذه الفئات، وقد تم إشهار جمعية النور للمكفوفين في صحار عام 1997، وأصبحت لديها عدة فروع في بعض المحافظات العمانية الأخرى، إلا أنها بحاجة إلى مزيد من الأموال لتحقيق برامجها الهادفة.

ومن أكثر القضايا التي تم التركيز عليها في المنتدى تتعلق بموضوع الأعمال التي يمكن توفيرها للمكفوفين في مختلف المؤسسات الحكومية والخاصة، خاصة وأنَّ هذه الفئة متمكنة اليوم من تعلّم اللغات العربية والأجنبية ولغة برايل بجانب قدرتها في العمل على الحاسب الآلي واستخدام الأجهزة الأخرى في تنفيذ الأعمال.

وفي نفس الوقت تطالب هذه الفئة ببناء مبنى خاص لهم يمكن من خلاله استدامة الجوانب المالية للمكفوفين؛ حيث تبلغ قيمته التقديرية 316 ألف ريال عماني، في الوقت الذي تراجع فيه الدعم المالي لهذه الفئة والمؤسسات الحكومية التي تشرف على خدمة المكفوفين خلال الفترة الماضية اعتباراً من عام 2015. إلّا أن بعض مؤسسات القطاع الخاص مستمرة في توفير المستحقات والدعم المالي لهم؛ فوزارة التنمية الاجتماعية ترى ضرورة قيام الجمعيات المهنية بتوفير الالتزامات المالية من خلال إيجاد قنوات مالية مستدامة، والمبنى المقترح سيكون أحد الحلول لـ”جمعية النور للمكفوفين” في رفدها بالمال اللازم لتحقيق مختلف الأغراض التي يود المكفوفون الحصول عليها؛ باعتبار أن المبلغ السنوي بواقع 4000 ريال الذي تحصل عليه الجمعية لا يكفي لتلبية المتطلبات؛ الأمر الذي يتطلب من أفراد المجتمع والمؤسسات التجارية إيجاد بدائل أخرى للاستدامة المالية لهم لاستمرارهم في تغطية تكاليف التعليم والتدريب وشراء الأجهزة لهم وتوفير الاحتياجات الأخرى في مجال “برايل سينس”، و”الآيفون الذكي”، و”العصا البيضاء”، وغيرها من الأجهزة التعويضية التي يحتاجون إليها. كما يتطلب من أفراد المجتمع ضرورة التواصل مع فئة المكفوفين، وإعطاء فرص عمل لهم، وتقديم إبداعاتهم وأفكارهم ومقترحاتهم وإشراكهم في اللجان المسؤولة في الدولة لمعالجة قضاياهم باعتبار أنهم أقرب من غيرهم في البحث عن الحلول المطلوبة.

ومن الأفكار التي طرحت في المنتدى أن تتبنى بعض العائلات العمانية أحد المكفوفين لتغطية احتياجاته السنوية لتخفيف معاناتهم اليومية. وأيضًا تعرض المنتدى إلى الكثير من التوصيات في هذا الشأن والتي يمكن أن تحقق الاستدامة المالية والاجتماعية والتعليمية للمكفوفين في مختلف المحافظات العمانية خلال المرحلة المقبلة.