Image Not Found

العجز في الموازنات المالية السنوية

حيدر اللواتي – لوسيل

اعتادت بعض دول العالم تسجيل عجز في موازناتها المالية السنوية لتحقيق أغراض مالية واقتصادية أخرى، منها الحصول على القروض من المؤسسات المالية الدولية والبنوك الإقليمية، وكذلك إعطاء انطباع بأن الدولة لا تستطيع تنفيذ جميع المشاريع والبنود المدرجة في القوائم السنوية لمؤسساتها الرسمية.

وكما هو معروف فإن العجز هو الرقم السالب في أية ميزانية عامة للدولة باعتبار أن النفقات تزيد عن الإيرادات تجاه الأرقام التي تعلنها في هذا الشأن. ويعني ذلك أن الدولة سوف تتجه للاستدانة لتغطية المصروفات، عكس ما يحصل في حال الإعلان عن الفائض، حيث تتجه الأموال الزائدة إلى الاحتياطي والبنك السيادي في تلك الدولة.

وهنا نشير إلى موازنة سلطنة عمان لعام 2023 والتي أعلن عنها مؤخراً. فجملة الإيرادات العامة الأولية لعمان لعام 2023 تقدّر بنحو 11.650 مليار ريال عُماني (30.29 مليار دولار أمريكي) بزيادة قدرها 10 % عن موازنة عام 2022، فيما من المتوقع أن يبلغ حجم الإنفاق العام لها بنحو 12.950 مليار ريال (33.67 مليار دولار) للعام المقبل بزيادة 7 % عن موازنة عام 2022. وبذلك سوف يسجّل العجز ما قيمته 1.3 مليار ريال (3.38 مليار دولار) والذي يشكّل نسبة 11 % من إجمالي الإيرادات ونسبة 3 % من الناتج المحلي الإجمالي.

والأمر الجيد في هذه الموازنة هو توقعات عُمان بزيادة متوسط معدل الإنتاج النفطي لها ليصل إلى 1.175 مليون برميل يوميًّا وبمتوسط سعر 55 دولارًا أمريكيًّا للبرميل، وهو السعر الذي تم تسجيله في موازنة العام الحالي 2022، لغرض التحوط من أي صدمة تتعرض لها أسعار النفط العالمية بسبب المتغيرات الجيوسياسية التي يشهدها العالم. وكان من الممكن زيادة سعر متوسط النفط العماني بواقع 10 دولارات أخرى أي بواقع 65 دولاراً لإلغاء بند العجز في ضوء الأرقام الأخيرة لمتوسط بيع سعر برميل النفط الذي سجل ما بين 75 إلى 90 دولاراً في الأشهر الـ 11 الماضية من العام الحالي، إلا أن الحكومة العمانية تأخذ التوقعات المستقبلية في حال تراجع السعر لظروف ما، وإلى الغموض الذي يحيط بالتوقعات المستقبلية حول أداء الاقتصاد العالمي، في الوقت الذي يحتمل فيه أن تدخل الدول في ركود عالمي يرجع لعدة أسباب منها الركود التضخمي وأزمة العقار في الصين، بالإضافة إلى استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، وإلى عدم استقرار معدلات العرض والطلب العالمية على الإنتاج النفطي والأسعار بصورة عامة. كما تأخذ عمان بعين الاعتبار جميع تلك الأسباب وتقوم بتوجيه الزيادة في أسعار النفط لسداد الدين العام الذي ارتفع لديها منذ عام 2014 نتيجة زيادة الرواتب، ولكن تم خفض الدين خلال السنوات الماضية ليصل إلى 43 % بما يعادل 17.7 مليار ريال (46 مليار دولار) في عام 2022.

فعمان ما زالت تعتبر من الدول التي لديها مديونية خارجية، حيث من المقدّر أن يبلغ حجم الدين العام 18.6 مليار ريال (48.36 مليار دولار) بنهاية عام 2023م، في الوقت الذي تستمر فيه الدولة في إدارة محفظتها الإقراضية لخفضه، وتعزيز قدرتها في مواجهة التحديات المالية، وخفض كلفة خدمة الدين العام بهدف تحسين التصنيف الائتماني لها، وتنويع مصادر دخلها، وتعزيز نموها الاقتصادي، بالإضافة إلى تخصيص مبالغ جديدة لتمويل المشاريع التنموية القادمة.