لا توجد هناك دولة في العالم إلا وتهتم برياضة كرة القدم سواء أكانت قوية في موازناتها المالية، أو تعاني من الضعف. كما أن الكثير من العائلات الفقيرة في العالم تبدي اهتماماً كبيراً لتأهيل أبنائهم ليكونوا لاعبين دوليين في المستقبل، ويصبحوا نجوماً في الأندية العالمية، وبالتالي يحصلوا على عوائد مالية كبيرة من خلال الرواتب السنوية والمكافآت والعوائد الأخرى التي سوف يحصلون عليها لاحقا. والكل يعرف بأن هؤلاء اللاعبين الدوليين يجنون الكثير من الأموال من خلال التسويق والترويج للمنتجات والسلع والخدمات لكبريات الشركات في العالم التي تدفع لهم مقابل ذلك أموالاً طائلة من واقع الدعاية والإعلام، فيما بعضهم يساهم في تنمية مجتمعاتهم المحلية في الدول التي تعاني من قلة الخدمات الضرورية في مجالات التعليم والصحة والتغذية والسكن والطرق وغيرها.
وفي كل دورة مونديال كأس العالم يخصص الاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا” مبالغ مالية كبيرة للمنتخبات واللاعبين حيث تزيد هذه الأموال كل مرة بحيث ارتفعت من 358 مليون دولار في دورة البرازيل عام 2014 إلى 400 مليون ريال في دورة روسيا عام 2018، ليخصص لهذه الدورة المقامة بدولة قطر الشقيقة مبلغ 440 مليون دولار.
ويتساءل المرء من أين يأتي الاتحاد الدولي بهذه الأموال الضخمة لأهدائها إلى المنتخبات واللاعبين، والجواب يكمن في أن ميزانية الاتحاد قوية جداً، حيث يمتلك مبلغا قدره 6.4 مليار دولار للعام الحالي 2022 وفق بيانات الاتحاد. وتتضمن المصادر المالية للاتحاد من عوائد البث التلفزيوني التي يحصل من خلالها على مبالغ طائلة من الايرادات، بالاضافة إلى عوائد عقود الرعاية التي تمنحها الشركات العالمية التي تعمل في مجالات التغذية والسفر والرياضة والطاقة والصناعة وغيرها من القطاعات الاقتصادية الأخرى. فكل منتخب مؤهل لكأس العالم يحصل في البداية على مبلغ 1.5 مليون دولار أمريكي، في الوقت الذي نتوقع بأن يزيد عدد هذه المنتخبات في الدورة القادمة ليصل إلى 48 منتخباً بدلاً من 32 منتخباً في الوقت الحالي. كما يحصل كل منتخب على 9 ملايين دولار أخرى لمجرد الخوض في مباريات الدور الأول الثلاث، وتزداد هذه الحصص في الأدوار الأخرى في حالة فوز المنتخبات على غيرها، ويعتمد ذلك على النتائج التي تحققها في البطولة. كما يحصل اللاعبون والأندية على بعض الجوائز المالية المخصصة لهم من تلك المبالغ.
بجانب ذلك تخصص حكومات الدول لمنتخباتها الفائزة مبالغ جيدة في مثل هذه المشاركات الدولية بالرغم من أن بعضها تعاني من مشاكل اقتصادية بسبب الفقر والبطالة والمعاناة، إلا أنها تدعّم اللاعبين مالياً لتغيير واقعهم الاجتماعي، الأمر الذي يشجّع الأهالي والمواطنين على الاستمرار في هذه الرياضة، وتشجيع أبنائهم وتأهيلهم ليكونوا لاعبين دوليين، وليتمكنوا من السفر إلى الخارج للمشاركة في الأندية العالمية التي تدفع لهم الكثير سنويا. وهذا يعني أن اللاعبين والأندية التي تتبناهم في رياضة كرة القدم لهم نصيب كبير من تلك الجوائز المالية أيضاً، الأمر الذي يعزز المالية الخاصة بالأندية التي تتمكن من تغيير واقعها في هذه الرياضة، ويصبح أعضاؤها مادة لجذب الاعلانات التجارية التي تربح من ورائهم الكثير من الأموال الأخرى من خلال الصفقات السنوية مع كبريات الشركات العالمية والمحلية.