ناولت وسائل إعلام أجنبية مُؤخرًا قرار لجنة لجنة الحريات المدنية والعدل والشؤون الداخلية في البرلمان الأوروبي بإعفاء مواطني بعض الدول الخليجية ومنها سلطنة عُمان من تأشيرة “شنغن” الموقعة بين دول الاتحاد الأوروبي الذي يضم اليوم 26 دولة؛ حيث صدر هذا القرار بموافقة 42 صوتًا ومعارضة 16 صوتًا، ولم يمتنع أحد عن التصويت.
ورغم أنَّ هذا القرار يأتي في إطار العلاقات السياسية والاقتصاية القائمة بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي، إلا أن الموافقة مشروطة بوقف تطبيق عقوبة الإعدام، والاعتراف باحتياجات المثليين والسماح بمُمارسة بعض الحريات ولو على حساب مبادئ الناس! هذه اللجنة ترى أن هناك مخاوف جدية بشأن حقوق الإنسان والحريات الأساسية في دول المنطقة تتعلق بعدد من القضايا منها حقوق العمال الوافدين، وحقوق المرأة، وحرية الدين، وحرية التعبير، والحق في التجمع، وقضايا التعذيب، وعقوبة الإعدام، وكأنَّ هذه القضايا غير موجودة في دولهم، ونحن نرى القمع والضرب وهتك الحريات لمواطني الدول الأوروبية خاصة عند خروجهم في المظاهرات السلمية التي تنظّم من قبل جمعياتهم ومنظماتهم ومواطنيهم في بعض الأوقات.
وكما هو معروف، فإن تأشيرة شنغن هي تأشيرة إقامة قصيرة للقادمين إلى الدول الأوروبية في منظومة الاتحاد الأوروبي؛ حيث تسمح لحامليها بالسفر إلى أي من الـ26 دولة أوروبية في منطقة شنغن، والإقامة بها لمدة تصل إلى 90 يومًا (في السنة) لأغراض السياحة أو العمل، والتنقل فيما بينها دون أية عوائق.
اشتراطات اللجنة بالبرلمان الأوروبي لاقت امتعاضًا من قبل مواطني دول مجلس التعاون الخليجي؛ حيث يعتبرون ذلك تدخلًا في سياسات وقوانين وسيادة الدول، وضد المبادئ الإنسانية التي تعارض زواج المثليين ورفع أعلامهم في الأماكن العامة وتسهيل ممارسة الفحشاء فيما بينهم. وهنا نشير إلى الحملة الإعلامية التي تعرضت لها دولة قطر الشقيقة، وهي تنظم واحدة من أحسن وأجمل وأنجح كؤوس كرة قدم في العالم؛ لأنها منعت نشر أعلام الشذوذ والمثليين في هذه البطولة، وهي ما زالت تتعرض لتلك الحملات من قبل بعض الدول وخاصة الأوروبية منها، في الوقت الذي سَهّلت فيه الكثير من التحديات والصعوبات لكل من أراد الوصول إلى الدوحة لمشاهدة المباريات بما فيها وزيرة الداخلية الألمانية التي خالفت القوانين عند دخولها الملعب وهي تخفي شعار المثليين تحت ملابسها. ولولا الحصانة الدبلوماسية لمثل هؤلاء الشخصيات في مثل هذه المناسبات، لتمَّ توقيفها بسبب هذه المخالفة، ولكن الحكمة التي يتميز بها القطريون والخليجيون عمومًا ساعدت في عدم إثارة هذه القضايا.
الغرب يطلب منَّا أن ننسى مبادئنا وعاداتنا وتقالدينا التي نعمل ونتميز بها وفق الشرائع والقوانين الإسلامية، وكل من يتحداهم في ذلك يتعرض للمقاطعة والحظر والمحاكمة وغيرها من وسائل الإذعان الأخرى. فموضوع تأشيرة شنغن ليس وليد اللحظة؛ بل تم مناقشة هذا الطلب على المستوى الثنائي والجماعي لدول مجلس التعاون الخليجي مع الدول التي تجمعنا بها العلاقات الاقتصادية والسياسية قبل أكثر من عقدين، ولكن لم يسفر عن أي تطوّر إيجابي؛ لأن دول الاتحاد الأوروبي ليست لديها ثقة بكل ما هو “إسلامي”، ونرى ذلك من خلال تعاملها مع دول مثل: تركيا والبوسنة والهرسك التي لم تحصل على عضوية الاتحاد الأوروبي حتى اليوم، بالرغم من أن عدة دول تفرّعت واستقلت عند تفكك الاتحاد اليوغسلافي قبل عدة سنوات مضت، نالت عضويتها في الاتحاد الأوروبي ومنها صربيا التي شاركت في قتل آلاف من مواطني البوسنة والهرسك عند نشوب الحرب الأهلية وبمساعدة عدد من الدول الأوروبية الأخرى.
من الصعب على أبناء دول المجلس السماح بالشذوذ الجنسي من أجل الحصول والإعفاء من تأشيرة شنغن؛ فهذه الشروط والإملاءات مُهينة ومُذلة لمواطني الدول التي ترغب في الحصول على تأشيرة الدخول إلى بعض الدول الأوروبية وخاصة في فترة الصيف لقضاء الإجازات السنوية. ومن هنا نوجه جميع الراغبين بالتوجه إلى دول أخرى ومنها البوسنة والهرسك وكذلك تركيا وغيرها من الدول الأخرى، التي لا تقل جمالًا ومتعة في المناظر والطبيعة الخلابة، بجانب الدول السياحية في شرق آسيا. وهنا تكون الخسارة لهم وليست لنا. فلا يوجد مواطن خليجي يريد الحصول على تأشيرة شنغن على حساب المبادئ التي يتحلى بها. ولسنا هنا في موقع نسمح للآخرين بتعليمنا مبادئهم الرذيلة، وهم يعانون منها في بيئة تفسخت فيها الأخلاق والنظم العائلية لديهم. وإذا كانوا يعتقدون أن هذه التأشيرة سوف تعزز من العلاقات معهم، فالكثير من الشعوب العربية والإسلامية ترفض الشروط التي وضعتها اللجنة أمام المسؤولين ومواطني دول المجلس وغيرهم.
هناك اليوم الكثير من الشروط التي تتطلب من الزائرين لدول الاتحاد الأوروبي توفيرها؛ سواء من المعلومات أو المستندات مثل مدة الإقامة، وقدرتهم على توفير الأموال الكافية، وضرورة إثبات حجز مكان الإقامة، وتذكرة الطائرة ذهابًا وإيابًا، بجانب الغرض من الدخول، والتأمين على السفر، والتأمين الصحي، وغيرها من الشروط الأخرى، بينما نحن لا ندقق في مثل هذه الشروط للقادمين إلى دولنا بغرض تعزيز السياحة.