يا ترى كم من الأثرياء سواء من العرب أو الأجانب خسروا أموالهم في الصفقات المالية من خلال التعامل وامتلاك العملات الرقمية في الآونة الأخيرة، بعدما كوّن البعض منهم ثروات مالية ضخمة خلال تعامله في بعض العملات المعروفة كالبيتكوين؟ هذا السؤال يتداول اليوم بين بعض الأوساط العربية وخارجها بعد صدور تقارير عدة عن خسائر بالمليارات لحقت بالمتعاملين في العملات المشفرة.
ورغم أن معظم أسماء العرب الذين خسروا أموالهم في هذه التعاملات غير معلنة، إلا أن أسماء بعض الأجانب قد أوردتها القنوات التي تتعامل في قضايا المال والاقتصاد، منهم سام بانكمان فرايد الذي لحقت به كارثة بسبب انهيار امبراطوريته لتداول العملات المشفرة، وتحوّله من صاحب رأسمال يقدر بحوالي 32 مليارا إلى مفلس ومتهم في تحقيق جنائي بين عشية وضحاها.
وقد حدثت تلك الخسائر له ولأمثاله بسبب الجشع في كسب المنافع المادية في أوقات قصيرة، وتحوّل بعض شركاتهم في التعامل مع هذه العملات غير المعترفة من قبل العديد من البنوك المركزية العالمية من وضع مالي جيد إلى وضع سيئ ومفلس.
فمثل هؤلاء الأشخاص كانوا يقارنون حصيلة المنافع التي يجنوها من التعامل في الأوراق المالية بالتعامل في العملات المشفرة التي كانت تمنحهم يومياً ملايين من الدولارات في البورصات العالمية، الأمر الذي دفعهم للدخول في هذه التجارة وشراء عملات وخاصة “البيتكوين” بسعر منخفض وبيعها ثانية في بورصات أخرى بسعر مرتفع لتحقيق مآربهم المالية. ومثل هذه العمليات شهدت تسارعاً في البيع والشراء خلال السنوات الخمس الماضية وزادت من أسعار العملات المشفرة قبل أن تتباطأ العمليات قليلا أثناء وبعد فترة جائحة كوفيد 19.
أحد أسباب خسائر باتمان وانهيار مؤسسة ( اف تي اكس) الأمريكية تعود إلى تصرفات هذا الشخص نتيجة قيامه في خطوة غير مسبوقة بسحب جزء كبير من أموال المودعين بتلك المؤسسة وبواقع 8 مليارات دولار واستخدامها في دعم شركات أخرى تتعامل في تجارة العملات الرقمية المشفرة، الأمر الذي أدى إلى خسارتها، وتعميق خسائرة في تلك المعاملات اليومية، بحيث أصبح عاجزاً عن سداد الديون التي لحقت به من جراء تهاوي قيمة وسعر العملات الرقمية، الأمر الذي أدى إلى فقده كثيراً من رأسمال مؤسسته، لتصل قيمة رصيدها صفراً، وانهيار إمبراطوريته بين ليلة وضحاها.
مثل هذه الخسائر تؤثر اليوم على المتعاملين في تداول العملات المشفرة سواء من الأفراد أو الشركات، وتقلّل ثقة الجماهير في الاقبال على العملات الرقمية في عالم الاقتصاد، وتدفع الجهات المعنية الرسمية في العالم بالنظر إلى هذه القضايا بنظرة الشك والريبة، في الوقت الذي تعمل فيه بعضها إلى إصدار مزيد من القوانين والتشريعات لحماية المودعين في المؤسسات المالية الرسمية.
ما يهم العالم العربي هو أن يهتم المستثمر العربي بالاستثمار في قطاعات اقتصادية منتجة يمكن من خلالها تنويع مصادر الدخل القومي للدول العربية التي تعاني من أزمات تشغيل الشباب والبطالة، وليس في مثل هذه العملات المشفرة التي فقدت كثيرا من قيمتها في ظرف سنوات قليلة. فهناك قطاعات الصناعة والزراعة والاسماك وغيرها يمكن أن تدّر عوائد مالية كبيرة للمستثمرين في المستقبل بدلاً من هذه العملات التي يراها البعض بأنها وهمية وغير معترفة.