أصبح العالم يعيش في قلق ومأساة نتيجة للحروب الاقتصادية والعسكرية التي تنشب هنا وهناك بين الفينة والأخرى بسبب رغبة القوى الكبرى العالمية بالسيطرة على مقدرات الشعوب ومواردها الطبيعية وامكاناتها المالية والاقتصادية. فالاخبار التي تنشرها وسائل الاعلام العالمية لا تطمئن الاقتصادات في العالم بسبب حب السيطرة والجشع والاستيلاء على مقدرات الاخرين المادية نتيجة التحكم في القرارات الأممية ومجلس الأمن الدولي، وتلفيق القضايا الدولية بالصورة التي ترضي تلك الدول والعمل بمكالين تجاه مصير الدول الضعيفة وشعوبها.
اليوم هناك بيانات سيئة عن التضخم في العالم، وتأرجح أسعار النفط، وخسائر بأسواق المال والعقار، وتراجع بقيم العملات العالمية عدا الدولار، وضعف في الحصول على المواد الغذائية، ومشاكل في الحصول على موارد الطاقة من الغاز، بجانب معاناة الشعوب من قلة فرص العمل، وتسريح العمالة.
هذه القضايا تشكّل اليوم اضراراً للكثير من العاملين في تلك القطاعات، وفي الوقت نفسه أصبحت تؤرق أصحاب الملايين والمليارديرات الذين ضخوا أموالهم للحصول على الأرباح السنوية على حساب الفقراء، وإذا بهم اليوم يحققون خسائر مالية يومية نتيجة سياساتهم العرجاء، في الوقت الذي ما زال الوضع الاقتصادي والمالي ضبابياً في كثير من دول العالم سواء المتقدمة أو النامية منها.
البيانات التي تصدر هذه الأيام تشير إلى تحقيق خسائر كبيرة تلحق بشركات التكنولوجيا الكبيرة في العالم، الأمر الذي يؤدي إلى تراجع المكاسب المالية للجميع يومياً، فيما تتواصل خسائر الأثرياء الـ 500 في العالم حيث بلغت منذ بداية العام الحالي وحتى اليوم حوالي 1.2 تريليون دولار. والعلاج الوحيد في نظرهم هو الاعلان عن زيادة مستمرة في أسعار الفائدة، الأمر الذي يؤدي أيضا إلى ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية، ويضر بالفقراء قبل الأغنياء نتيجة لزيادة تكاليف السكن والرعاية الصحية والتغذية، فيما تعمل الحكومات في اتخاذ خطوات جديدة لمواجهة هذه الاوضاع السيئة وكبح جماح التضخم.
إن تراجع قيم العملات الرئيسية والمحلية في العالم، وكذلك تراجع أسعار الذهب إلى أدنى مستوياتها تترك آثارا سيئة على مقدرات الناس والمتعاملين في هذه المنتجات، وكذلك الأغنياء المتحكمين في الاقتصادات منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وليس أمامهم إلا إجراء تشديد على السياسات النقدية ورفع أسعار الفائدة لمحاربة التضخم على نطاق واسع. ولكن رغم هذه المآسي نجد أن الأثرياء يعيشون في عالم آخر بعيدين عن تلك المخاوف المالية، من خلال ما يملكون من ثروات نهبتها حكوماتهم من دول فقيرة في العقود الماضية، لكي يتمتعوا هؤلاء بتلك الثروات الكبيرة، أو قيام بعضهم بتحويل ما لديهم من أموال لتوليد مصادر جديدة للدخل دون أي عمل شاق وجاد في كسب ثروات أخرى.
الخسائر تلحق أيضا بأغنياء الخليج أيضا من خلال قيامهم بالاستثمار في قطاعات مختلفة خارج المنطقة، خاصة في القطاع المالي الذي يضم مختلف صناديق الإستثمار في الأسهم المحلية والعالمية وسوق العملات الأجنبية والرقمية التي تتراجع بصورة كبيرة هذه الايام. واليوم يشعر الكثير من الناس بانخفاض القوة الشرائية لديهم نتيجة للتضخم المستمر في الاسعار وضعف قيم العملات، وارتفاع سعر الدولار الأمر الذي يؤثر بقوة على اقتصادات العالم في حال استيراد السلع والمنتجات من الخارج وهذا يزيد من مخاوف الركود المتوقع.