اللقاء الإعلامي الدوري لوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار يحمل دائماً بعض المستجدات التي تُعزّز من الترويج لقضايا التجارة والصناعة والاستثمار في البلاد، كما يساعد التجار وروّاد الأعمال والمستثمرين الانتفاع منها في أعمالهم اليومية؛ فهذا اللقاء يتم من خلاله تسليط الضوء على السياسات الجديدة التي تقوم الوزراة بتفعليها سنويًا لتسهيل أعمال التجار ورواد الأعمال.
فلأول مرة نسمع عن قيام الوزراة بتبني مشروع “الترخيص التلقائي لممارسة التجارة”، وذلك بعد سنوات من المطالبة بتحقيق هذا الأمر. وتكمن أهمية ذلك في عدم إضاعة وقت المستثمر ورائد الأعمال المبتدئ والداخل في مجال التجارة والاستثمار، بسبب الانتظار لحين الحصول على جميع الموافقات من الجهات الأخرى للقيام بممارسة عمله التجاري. ففي السنوات الماضية وحتى الآونة الأخيرة، كان على التاجر المبتدئ أن ينتظر طويلًا للحصول على موافقات وزارة العمل والبلدية والشرطة والبيئة وغيرها من الجهات الأخرى ليتمكن من ممارسة العمل التجاري؛ الأمر الذي كان يؤدي إلى صرف الكثير من المبالغ شهريًا؛ سواء على إيجارات المحل التجاري أو الانتظار في الحصول على العمالة اللازمة، والحصول على الموافقة النهائية للوحة التجارية، وغيرها من التصاريح الأخرى، في الوقت الذي أصبح لديه اليوم موافقة رسمية بالعمل فورًا في حال الحصول على السجل التجاري من الوزارة المعنية، بحيث لا تتزايد عليه تكاليف ومصاريف التشغيل مثلما كان يحصل في الفترات السابقة.
هذه إيجابية تُسجّل في حق وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار التي أصبحت مسؤولة منذ اللحظة الأولى عن هذه الموافقة، بدلًا من انتظارها شهورًا وربما سنوات من أجل الحصول على جميع الموافقات. فكم من رواد أعمال ومستثمرين صغار خرجوا من العمل التجاري بسبب البطء في الحصول على مبتغاهم من العمالة والتراخيص الأخرى ليتمكنوا من ممارسة العمل اليومي، وكم من شركات الاستثمار الأجنبية تراجعت في إنشاء كيان تجاري في السلطنة بسبب هذه الصعوبات، في الوقت الذي أصبح فيه اليوم بإمكانهم القيام بذلك دون الانتظار الطويل والممل. لذلك.. هذه الخطوة سوف تعزّز من توجه المستثمرين الكبار وكذلك الصغار في العمل التجاري والعمل الحر بصورة أكبر خلال المرحلة المقبلة.
وفي الوقت الذي سهّلت فيه الوزارة أعمال التجار والمستثمرين من خلال الترخيص التلقائي، فإنها أطلقت مؤخرًا مبادرة “الدليل الاسترشادي” لتحقيق أفضل الممارسات في المجال الحكومي وتسهيل بيئة الأعمال للمستثمرين. وهذا ما كشف عنه معالي قيس بن محمد اليوسف وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار في لقائه الأخير مع الإعلاميين؛ فالدليل الجديد يحتوي على 180 خدمة مقدمة بطريقة سهلة، وهو بمثابة مرجعٍ لكل تاجر ومستثمر لمعرفة الخدمات التي تقدمها الوزارة داخل وخارج السلطنة من خلال مكاتب سند ومكاتب الاستشارات القانونية وغيرها. والدليل نظام استثمار يتناول المدة الزمنية والخدمات والرسوم لكل خدمة مطلوب إنجازها وممارستها في العمل التجاري، في الوقت الذي على التجار ومجالس إدارات المؤسسات ضرورة العمل بالحوكمة وتنظيم عمليات مراقبة حسابات المؤسسات والشركات لتعزيز تلك التوجهات.
ومن أجل تسهيل جميع تلك المهام، بدأت الوزارة في إيجاد قنوات للاتصال للرد على جميع استفسارات وشكاوي التجار، وتقبل الاقتراحات التي يبدونها من أجل أن يحصل التجار على مبتغاهم من الخدمات الضروية؛ الأمر الذي أسهم في تفاعل المستثمرين مع الوزارة من خلال إجراء أكثر من 113 ألف مكالمة في النصف الأول من العام الجاري؛ للوقوف على المستجدات والحصول على الأجوبة والملعومات تجاه القضايا التي يواجهوانها في العمل اليومي.
ورغم هذه الإيجابيات، إلّا أن الوزارة تعمل جاهدة على تنظيم السجلات التجارية التي بلغ عددها أكثر من 380 ألف سجل تجاري، تتبع معظمها لشخصيات وأفراد يتكررون في الحصول على السجلات من أجل إدخالها وتأجيرها للعمالة الوافدة، لزيادة قنوات التجارة المسستترة التي تنخر في عظم الاقتصاد الوطني سرًا وعلنًا كل عام. فبعض من يُسمون بـ”التجار” لديهم أكثر من 200 سجل تجاري، وهؤلاء ليس هدفهم ممارسة التجارة، وإنما الانتفاع من هذه السجلات في الحصول على مبالغ شهرية من العمالة الوافدة، وإبعاد التجار الجادّين والملتزمين عن ميدان العمل التجاري. في الوقت الذي أتاحت فيه فرصة العمل من خلال “مكاتب سند” توجه هؤلاء الأشخاص باستخراج السجلات التجارية بأسماء مختلفة من أجل استئجارها وهم بعيدون عن العمل التجاري. وتشير الإحصاءات إلى أن 55% من خدمات وزارة التجارة والصناعة وترويج الاسثتمار أصبحت تتم من خلال هذه المكاتب والعقود الإلكترونية؛ الأمر الذي يتطلب وضع تشريع للحد من مثل هذه المعاملات التي تسيء إلى الاقتصاد العماني.