تتسع العلاقات التجارية سنويًا مع جمهورية البرازيل في مختلف المجالات وخاصة الاقتصادية منها، ويؤكد ذلك وجود سفارة في كل من العاصمة مسقط وبرازيليا، واللتان تؤديان دورًا كبيرًا ومهمًا في تعزيز التوجهات بين البلدين الصديقين، منذ أن تم افتتاحهما خلال السنوات القليلة الماضية، والهدف من ذلك تعويض تلك المجالات بما فاتها من الوقت، وتعزيز المبادرات التي تقترحها وترسمها كل من الحكومتين في المجالات المُتاحة.
وهذا ما أكدت عليه سعادة ليجيا ماريا شيرر السفيرة البرازيلية بمسقط في كلمتها مؤخرًا، بمناسبة استقلال بلدها عن الاستعمار البرتغالي الذي مكث لمدة 200 عام؛ حيث أقيم الحفل بفندق قصر البستان بحضور المسؤولين من وزارة الخارجية والجهات المعنية، وأعضاء السلك الدبلوماسي لدى السلطنة، بجانب أصحاب المؤسسات والشركات العمانية والأجنبية في البلاد.
وقد عبّرت السفيرة في كلمتها عن سعادتها بتواجدها كرئيس البعثة البرازيلية بمسقط وبالعلاقات الوثيقة والصداقة التي تربط البرازيل بعُمان، مؤكدة أن كلًا من البرازيل والسلطنة تدعمان الأمن والسلام في العالم باعتبارهما القيمة الأساسية للالتزام الكامل بالقانون الدولي، خاصة أنهما تدافعان عن مبدأ التضامن الثمين بين الأمم والشعوب، والتصرف بالحكمة والاعتدال في هذه القضايا الدولية، وتساندان الدور الفعَّال في تسهيل الحوار بين الدول وسد الفجوات القائمة.
العلاقات الوثيقة بين عمان والبرازيل والتعاون في عدد من المجالات المهمة في قضايا الاستثمار والتجارة والزراعة، تعطي فرصة أكبر لاستكشاف الإمكانات الكاملة لدى البلدين مستقبلا، فيما تشير البيانات التجارية إلى أنَّ التبادل التجاري بين البلدين بلغ في عام 2021 نحو 2.240 مليار دولار أمريكي، بينما هناك متسع من المساحة لتعزيز تلك المجالات وتمكين النمو في مجال الواردات والصادرات خلال الأعوام المُقبلة. فهناك استثمار برزايلي في عمان من قبل شركة “فالي عمان” بقيمة تصل إلى أكثر من مليار دولار بمدينة صحار لإنتاج منتجات صناعية في قطاع خارج عن مجال الهيدروكربونات.
السفيرة البرازيلية أشارت إلى العلاقات الدبلوماسية، موضحة إلى أن السنوات الأخيرة شهدت قيام عدد من المسؤولين في البلدين بزيارات رفيعة المستوى منذ إقامة هذه العلاقات، فيما يحرص البلدان على تنظيم زيارات أخرى رفيعة المستوى خلال الفترة المُقبلة، وترى السفيرة أهمية تواجد السفارة البرازيلية بمسقط باعتبارها السفارة الوحيدة لدول أمريكا اللاتينية بالسلطنة، والعكس صحيح بتواجد السفارة العمانية في البرازيل وهي السفارة الوحيدة للسلطنة في جميع دول أمريكا اللاتينية.
إنَّ البرازيل تتمتع باقتصاد كبير وهي إحدى الدول الخمسة المشكلة لمجموعة “بريكس” التي تتمتع بقدرات بشرية وإمكانات مالية وصناعية وزراعية وفنية، ولديها قدرات في المجال الرقمي، وهي أرض للابتكار والإنتاج والموهبة، بجانب تمتعها بالسلام، فيما لديها مشاريع طاقة خضراء؛ حيث إن 45% من الطاقة المولدة والمستخدمة في البرازيل تأتي من مصادر متجددة؛ فالكهرباء في هذه الدولة تستحوذ على 84% من هذه المشاريع، فيما تخطط البرازيل لتكون مركزًا قويًا لإنتاج الهيدروجين الأخضر، بحيث يتم إنتاجه بشكل مستدام. كما إن هذه الدولة تتمتع بمساحات خضراء وتقنيات عالية في المجال الزراعي؛ حيث يأتي أكثر من 77% منها من المنتجات الزراعية الأسرية، فيما يتم إنتاج الغذاء بشكل مستدام لـ215 مليون برازيلي، إضافة إلى استفادة أكثر من مليار شخص آخر في جميع أنحاء العالم من هذه المنتجات؛ الأمر الذي يُؤكد أنَّ البرازيل هي واحدة من البلدان القليلة جدًا والقادرة على زيادة إنتاجها التجاري الزراعي دون دمج مناطق جديدة من أراضيها، ولديها أيضًا غابات الأمازون التي تشكّل موطنًا للتنوع البيولوجي الغني.
هذه الدولة لها تاريخ أممي قديم؛ باعتبارها عضوًا في الأمم المتحدة وتشارك بقوة في المحافل المتعددة الأطراف وبكل كفاءة في القضايا التي تهم السلام والأمن وحقوق الإنسان والبيئة والتجارة وغيرها من القضايا الأخرى. وشعبها يتصف بأنه موحد وشجاع ويتصف بروح الدعابة والكرامة فيما تنظر هذه الدولة إلى ماضيها بكل فخر وتنظر إلى المستقبل بكل ثقة.
هنالك الكثير من المجالات التي يمكن للسلطنة التعاون مع الجهات البرازيلية للاستفادة منها؛ سواء في قضايا تخطيط المدن وتطويرها، أو في الحفاظ على مواقع التراث وكيفية الاستفادة من تجاربها في هذا الشأن، أو في تنظيم حركة المرور، بجانب الاستفادة في القضايا التي تهم الزراعة والطاقة والصناعة والسياحة والطرق السريعة والنقل والاتصالات والاستيراد والتصدير بجانب الرياضة وبشكل عام. والخطوات المقبلة هي التي سوف تحدد الاتجاهات التي يجب أن نجد التعاون معها، خاصة وأن السلطنة تعمل بكل جد وكفاءة في إقامة المشاريع التي تعجّل من سياسية التنويع الاقتصادي التي نرمي إلى تحقيقها.